عصام عبار: هل مشكلة جماعة مكناس تكمن في تولي باحجي للرئاسة ؟

عصام عبار: هل مشكلة جماعة مكناس تكمن في تولي باحجي للرئاسة ؟ عصام عبار
قبل الإقالة والاستقالة : القرار في مكان آخر والاغلبية لا تملك قرارها 
لماذا تترنح خطوة /خطة اقالة جواد باحجي ؟! 
كيف سيكون المشهد في اليوم الذي يلي اقالة باحجي ؟! 
هل مشكلة جماعة مكناس هي رئاسة جواد باحجي ؟ 
أليست ازمة  جماعة مكناس ازمة مدينة تعرضت لاستهدافات من المركز وممن تعاقب على تدبيرها ؟ 
في تدوينة سابقة قلنا ان اقالة باحجي ليست مجرد اجتماع مجموعة غاضبين / انقلابيين/متآمرين / ...، على عريضة الاقالة حتى وان سلمنا بواجهتها الظاهرة وهي طرح   بديل للاقلاع بمدينة مكناس ، الا ان بَوَاطِن ودوافع اغلبية مطلقة من موقعيها هي اهداف اخرى لا علاقة لها لا بخدمة مكناس ولا باقتراح بديل تدبيري بتصورات وخريطة طريق واضحة.

خُطَطُ كل مكونات طارحي العريضة متباينة ، بين الشخصي والريعي والمصلحي والتموقعي (داخل تنظيمه او استعدادا لاستحقاقات مختلفة ) والتابع (البعض تبع الجقلة).
تَباينُ الخطط ومعها الاهداف بالتبعية يجعل تنزيل الاقالة وايقاعها ضربا من شبه المستحيل ، كما ان عدم قراءة الوضع وطنيا و محليا كلها عوامل تعجل بجعل المبادرة مناورة انطلقت فاشلة منذ البداية .
ما رَشَحَ من تشبث عزيز اخنوش بجواد باحجي  رسالة واضحة الى مجموعة الحمامة مكناسيا ، وتشبت عزيز بجواد أمام الاغلبية الحكومية رسالة من المركز ، بالغة للاغلبية المحلية ، مفادها دخلوا للصف !!! 
المستفيد الوحيد من نتائج العريضة هو حزب الاستقلال في شخص المستشار "البوكيلي"   و الاتحاد الدستوري في شخص "بواحي"، و الواقع أن اختيار التصويت عليهما  لتمثيل مكناس في مجالس شركات  التوزيع الجهوية (مع حفظ التقدير لكل منهما ولكفاءتهما  وخبرتهما ) ، امر كان فيه غباء كبير من منتسبي الحمامة والجرار ! اذ كيف تصوت اغلبية مركزية وجهوية واقليمية على هكذا اختيار وهي تملك الاغلبية عدديا ؟! ثم ان الامر لما وصل لقيادة الاحرار لم يستسغه عزيز اخنوش واعتبره انفلاتا تنظيميا غير مقبول انضاف اليه توقيع العريضة ضد الرئيس الذي جاء به هو .
لو كان بدر الطاهري أو جواد الشامي (او من ينوب عنه بحكم مرضه) ناضجين سياسيا لما اتخذوا مثل هذا التصويت ، لان له توابع استفادات مقبلة لشركات معينة قد لا تكون لأعيان الحمامة والجرار بها علاقة او مصلحة ، واصلا سبب انشاء هذه المجالس والشركات التي ستتبعها هو رهانات تبادل مصالح عن طريق من سيمثل ومن سترسو عليه صفقات التدبيرات الجهوية المرتقبة .
بقية الموقعين يختزلون رغبة في تموقعات محلية حزبية وتدبيرية ، ربما تعلقت بسوء تقدير لطبيعة تركيبات المجالس ومكوناتها و تبدل المصالح والخوف من تعليمات قد تقوض العريضة في مهدها .
لكن وحسب متابعتنا للملف لم يكن باديا اقتناع مجموعة بنجاعة المبادرة ، اللهم رغبة في عدم الخروج على اجماع انطلق  مخصيا ، لكن الذي لا يُفْهَم صراحة هو توقيع المعارضة(اليسارية والاسلامية ) عليها مع درايتها بطبيعة المجلس وشخوص مكوناته . 
بخصوص اليوم الذي سيلي إقالة او استقالة جواد باحجي أو يفترض حصول ذلك فيه !!!
لم تقدم المكونات الموقعة على العريضة أي توضيح تفصيلي على أسباب توقيع العريضة ، ولم يخرجوا للساكنة لقصد توضيح الاسباب والارقام والمعطيات والتقارير ، وكأن الساكنة غير معنية بفهم الأسباب والأرقام والمعطيات او ليس من حقها! وهذا فيه تحقير للساكنة والأحياء والفعاليات من جهة ، ومن جهة اخرى لم تقدم ذات الاغلبية تصورا لليوم الذي سيلي الاطاحة برئاسة جواد لا من حيث تقديم فريق العمل البديل او التصور المشترك للاشتغال ، والمضحك المبكي هو استمرار ضرب مكونات هذه المجموعة الموقعة لبعضها في تصريحات صحفية او اعلامية حيث واصل الموقعون اتهام بعضهم او اطراف في الاغلبية المدبرة بسوء التدبير وشبهات الفساد (ارجعوا الى تصريح مستشار من المعارضة وهو يقصف في كاب راديو النواب  المفوض لهما النقل والنظافة أو الإنارة أو التعمير) 
اذا كيف تشارك في عريضة انت تتهم من وقع فيها معك ؟! 
أين المنطق في  الاشتغال والترافع ؟
وكيف ستقتنع الساكنة وهي تراقب هذه التناقضات ؟ 
ثم كيف ستُقبِلون على مرحلة جديدة دون ان يستشار سكان مكناس ونخبها وفعالياتها ؟ 
الجواب بسيط : أطراف العريضة لا تصور لهم، لا لفريق العمل ولا لتصور العمل ، واغلبهم لا فكرة له حتى على تفاصيل مشاكل الملفات الكبرى لمكناس  !!!
 
اذن ما بعد جواد ليس واضحا لا لهم  ولا لسلطة الوصاية ( وهذا يفسر تحفظ السلطة منذ اول بلوكاج عن التورط في مثل هكذا صراعات )  و لا للساكنة والفعاليات المتابعة ، وهو ما يجعل المحاولة جعجعة بلا طحين ولا خميرة ...
هل مشكلة مكناس رئاسة جواد باحجي ؟! 
المتابع لمجالس التمثيل المكناسية منذ سنة 1992 وعودة العلمي والطيب بن الشيخ ومن اتوا بهم بالمناسبة ماتزال بقايا العلمي وبن الشيخ في المجلس ، مستشارين و حتى موظفين وطريقة تفكير وعمل وانجازات ، وماداموا جاثمين فيها فلا أمل في اي تغيير بالمرة ، ان لم نقل ان وجودهم الازلي هو مشكلة مكناس وجميع اداراته ، لانها عقلية تفكير واداء ، جعلت حتى المركز (المربع المسير في الرباط ) ييأس من المدينة ونخبها ومشاكلها ويخرجها من دائرة اولوياته لصالح مدن اكثر عائدا(طنجة الرباط اكادير القنيطرة..)
ثم إن النواب مارسوا صلاحياتهم بلا تدخلات كما التفويضات مورست بشكل كلي ، وحتى ما حصل في بعضها من شد للحبل ، كان له اغراض ستجيب عنه مرحلة نقل صلاحيات الى مجالس التوزيع الجهوية وشركاتها القادمة كما صفقاتها ...
نعم جواد باحجي لا يجيب على الهواتف وتواصله مزاجي أو منعدم، لكن هل تعتقدون أن اخنوش يجيب مستشاري أكادير ؟ وهل وهبي والمنصوري متفرغان لتارودانت ومراكش ؟ 
المدن الثلاث تعيش حالا مطابقا لمكناس في الرئاسة برؤساء يسكنون العاصمة وبمهام مركزية كبيرة وطنية ودولية لكنها لا تعيش حالة مكناس .
ثم ألم يكن أخنوش ومكتبه السياسي يعيان هذا وهما يقترحان جواد باحجي ؟! ويعرفان تواجد بدر الطاهري القديم والطموح  وتواجد مولاي عباس لومغاري الذي كان تجمعيا لعقود و تغريه الرئاسة ايضا ، وكان بالإمكان استرجاعه وهو ما لم يحدث لان بدر الطاهيري لن يقبل عباس لونغاري  رئيسا عليه، كل ذلك كان مقصودا والمحيطون بدهاليز القرار في المدينة يعرفون ذلك .
خارج ما سبق كل من سيتكلف بالرئاسة سواء استمر جواد او جيء بغيره (وهو أمر مستبعد كليا ) المشاكل ذات طبيعة اخرى وتتطلب انقلابا جذريا للاصطفافات وتصورات العمل وانماطه جماعيا ، وهو ما لا تملكه الجماعة الحالية بهذا الانقسام الذي تعيشه (لا ننسى ان العدالة والتنمية كانت تمتلك اغلبية مريحة وكان اقصى انجازاتها شارعي الجيش الملكي وبئر انزران واصلاح شوارع حمرية و بعض الأحياء ناقصة التجهيز ... .
لا ننسى أيضا أن الازمة في موظفي الجماعة كما وكيفا ، وفي العلاقة مع السلطة وبقية المصالح الخارجية .
علينا ألا ننسى ايضا أن مكناس تدار بلا ميزانية وان الميزانية الحالية المفروضة من العمالة ميزانية تصريف اعمال .
علينا أيضا أن نستحضر أنه بلا مداخيل وحصرها وجمعها و بلا دراسات لا يمكن تمويل او تنفيذ الأوراش الكبرى أو حتى الاقتراض لتنفيذها .
مشكلة مكناس ليست أزمة جماعة ترابية مجلسها ضعيف منقسم وغير منسجم تعتقد أن الاطاحة بالرئيس حل لأزمتها ...
أزمة مكناس، نخبها السياسية  والنقابية والجمعوية والاعلامية وأطرها العالية المشتغلة داخلها وخارجها ، إما ضعفا في التكوين بمختلف أنواعه او تواطؤا أو استقالتها وانسحابها .
أزمة مكناس أن ضعف العناصر البشرية في التدبير الترابي وتدبير المصالح الخارجية تقذف إليها لتكمل توابع أزمتها البنيوية القائمة اصلا ...
زد على ذلك ما أوردناه اعلاه من أن المركز لا يمكن أن يتعاون مع هكذا نخب بهكذا أداء وضعف في الترافع و نمط تدبير ...

 
المركز أيضا لم يعد يعير لمكناس ما يتوهمه أو يحلم به البعض من استلهام للتاريخ والأبواب و تنميقات في توصيفات متباكية على تاريخ أفل وانتهى او عرائض الندب والنحيب الخاوية  .
إسقاط باحجي كان يقتضي تعبئة للساكنة بمسار شرح واجتماعات وتوضيحات وإشراكا، لا بزمرة أغلبهم وقعوا حتى على ما لا يفهمون سببه أو تبعاته او نجاحه من فشله .