ائتلاف المناخ: استيراد النفايات والعجلات المطاطية ينطوي على أضرار للإنسان والطبيعة

ائتلاف المناخ: استيراد النفايات والعجلات المطاطية ينطوي على أضرار للإنسان والطبيعة ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي

 

 

أكد الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، على أن مشروع استيراد النفايات والعجلات المطاطية ينطوي على أضرار كبيرة تلحق بالإنسان والطبيعة.

جاء ذلك في رسالة مفتوحة وجهها الائتلاف إلى ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة:

 

" لقد تلقى الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، باستغراب كبير، كما هو حال العديد من منظمات المجتمع المدني، خبر إقدام وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة على منح تراخيص لاستيراد النفايات غير الخطرة كما جاء في بيان الوزارة وتصريحات الوزيرة التي أكدت من خلالها أن هذا الأمر يهم استيراد 2.680.950 طن من النفايات المنزلية وعجلات المطاط، وذلك من ست دول أوروبية.

 

وأكدت الوزيرة أن هذه التراخيص ليست الأولى، بل أنها مستمرة منذ 2016، حيث تم إصدار 416 ترخيصا إلى الآن لأغراض الطاقة والإنعاش الصناعي، وأن ذلك يتم باحترام لاتفاقية بازل والقوانين الوطنية الجاري بها العمل، وهذا ما يدعو إلى الوقوف على الملاحظات والتساؤلات التالية:

 

أولا: نعتقد جازمين داخل الائتلاف بأن احترام القانون يجب أن يستند إلى مقاصد التشريع ومنطوق القانون في شمولية مواده وتكاملها، خاصة إذا ورد فيها نص صريح يتجلى في الفصل 31 من الدستور المغربي باعتباره القانون الأسمى للأمة.

 

كما أن القانون رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، يلح على مبدأي "الاحتراز" و " الوقاية"، وذلك في المادة الثانية لهذا الأخير ضمن ست مبادئ أساسية. فالقانون واضح في هذا الباب، حيث في مبدأ الاحتراز ينص على: «يتمثل في اتخاذ تدابير ملائمة وفعالة ومقبولة اقتصاديا واجتماعيا، لمواجهة الأضرار البيئية المفترضة خطرة أو التي لا رجعة فيها أو مخاطر ممكنة، ولوفي غياب اليقين العلمي المطلق حول الآثار الحقيقية لهذه الأضرار والمخاطر".

 

أما بالنسبة لمبدأ الوقاية فينص هذا القانون في نفس المادة على:" يتمثل في وضع آليات التقييم والتقدير المنتظم لآثار الأنشطة التي يحتمل أن تلحق ضررا بالبيئة واقتراح وتنفيذ تدابير ملموسة لإزالة هذه الآثار أو على الأقل التخفيف من انعكاساتها السلبية".

 

وفي هذا السياق، نسوق هذه المبادئ من القانون السالف الذكر نظرا للتضارب الحاصل في تصريحاتكم السيدة الوزيرة والتي تارة تتكلم عن استعمال العجلات المطاطية في الإنعاش الصناعي باستيراد النفايات من أروبا "النظيفة"، وتارة لاستعمالها في الطاقة مما سيخفض الفاتورة الطاقية، وهذا يطرح اشكالات بيئية خطيرة تؤثر على الهواء وصحة المواطنين والمواطنات بشكل جلي.

 

ثانيا: إن عملية استيراد النفايات التي استمرت منذ سنة 2016 حسب ما جاء في بيان الوزارة تشكو من الغموض وانعدام الشفافية وتعد بمثابة خرق للدستور فيما يخص الحق في المعلومة، وكذا خرق مقتضيات القانون 99.12 في مادته الثالثة التي تنص على: " لكل مواطن أو مواطنة الحق في الولوج الى المعلومة البيئية الصحيحة والمناسبة".

 

فإخفاء المعلومة لا يعدو كونه سوى تغطية على الخرق الصارخ لمقتضيات القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، الذي ينص على أن الهدف هو: " وقاية صحة الانسان والوحيش والنبيت والمياه والهواء والأنظمة البيئية والمواقع والمناظر الطبيعية والبيئة بصفة عامة من الآثار الضارة للنفايات".

 

هكذا، نجد أن نفس القانون أعلاه يطرح بشكل واضح في مادته 43 بأنه: " يجب أن يبين هذا الترخيص على الخصوص الاستعمال النهائي لهذه النفايات، وكذا القدرة والكفاءات التقنية اللازمة للتخلص منها بطريقة ايكولوجية ". وتنص المادة 6 من القانون 99.12 بأنه: " تعتبر الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية والتراث التاريخي والثقافي ملكا مشتركا للأمة..."، مما يقتضي الشفافية واحترام الحق في المعلومة والإشراك الفعلي لممثلي الأمة والمجتمع المدني، خاصة المشتغل على القضايا البيئية والايكولوجية.

 

ثالثا: يبدو واضحا، في غياب الشفافية وتستر الوزارة عن مآلات النفايات المستوردة، بأن قسطا كبيرا من النفايات سيتم استغلاله في الطاقة عن طريق الحرق، وهو ما يشكل خطرا على البيئة وصحة المواطنين والمواطنات. وهكذا، يتم إحراق الإطارات في درجات حرارة عالية لإنتاج الطاقة وهو ما يؤدي إلى إطلاق الملوثات في الهواء مثل:

 

الديوكسينات والفيورينات والمعادن الثقيلة. وتكون لهذه الملوثات آثار سلبية على البيئة وحدوث الاحتباس الحراري، مما يشكل خطورة كبيرة على صحة الإنسان، وقد تتسبب في عدة أمراض، كالقلب والأوعية الدموية، والحساسية، ونوبات الربو، والتهاب الملتحمة، وأمراض الشعب الهوائية، وسرطان الرئة أو الجلد، ومشاكل في الرؤية، وأمراض الدم، وغيرها، كما أنها تعوق النمو العقلي للطفل.

 

وذكرت ببعض الدراسات مكنت من تسليط الضوء على العناصر المختلفة المتولدة في الهواء أثناء احتراق الإطارات، بحيث من بين 110 مركبًا تتولد أثناء الاحتراق، هناك أكثر من 20 مركبًا مسببًا للسرطان. ويضاف إلى كل هذا أنه بالإمكان أن تنتهي الملوثات الناتجة عن حرق الإطارات المستعملة في المياه الجوفية والمياه السطحية مما يلوث مياه الشرب ومياه الري. هذا فضلا على كون عملية الحرق تؤدي إلى انتاج بقايا صلبة كيماوية يجب التخلص منها بطريقة مسؤولة وإيكولوجية.

 

رابعا: نتساءل مع الوزيرة عن مدى استفادة البلاد من عملية استيراد النفايات الأوروبية التي تدعون أنها ستنعش 13 مجالا صناعيا بما يحمله ذلك من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وما يوفره ذلك من فرص الشغل، دون الكلام طبعا عن التكتم عن قيمة المنحة المصاحبة لهذا الاستيراد وعلى الجهة المستفيدة منها.

 

وهنا نتساءل مع الوزيرة عن قدرة النسيج الصناعي المغربي لاستغلال 2.680.950 طن من النفايات الأوروبية في الوقت الذي لا يستطيع استغلال 10% من النفايات المغربية التي لا تتجاوز حاليا 15 مليون طن، ناهيك عن عدم تمكن بلدنا وإلى اليوم من تفعيل المقتضيات القانونية وإرساء المستلزمات اللوجستيكية لفرز النفايات، باعتبارها الخطوة الأولى نحو المعالجة وإعادة التدوير.

 

فما الدافع وراء استيراد هذه النفايات الأوروبية؟ ألا يجدر أن تولي الوزيرة اهتمامها بمقالع النفايات بالبلاد التي يتجاوز عددها 350، وأغلبيتها الساحقة تدار بعشوائية وتلحق أضرارا بليغة بالبيئة وصحة الإنسان، ولاشك أنها تشكل ثروة صالحة للتدوير؟ وأنها مصدر لآلاف فرص الشغل وعشرات المشاريع المقاولاتية؟

 

واعتبر الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، أن مشروع استيراد النفايات والعجلات المطاطية ينطوي على أضرار كبيرة تلحق بالإنسان والطبيعة، وأن استعمالها في شروط غير واضحة يضاعف التلوث الذي تنتجه بلدنا، في حين يخفف التلوث على مصدريه مقابل منحة معلومة للوزارة وحدها.

 

وأكد على ضرورة الاهتمام بالمقالع، أولا، لتخفيف التلوث عن الطبيعة، والمواطنين.

 

خامسا، طالب الوزيرة من باب روح المواطنة العدول عن هذه التراخيص وإلغاءها، والانكباب على توسيع طاقة معالجة نفاياتنا بالكيفية التي تدار بها في الدول ذات الخبرة.