يوسف غريب: حكومة الصّمت المغربية

يوسف غريب: حكومة الصّمت المغربية يوسف غريب
لا تشخيصا آخر لحكومتنا غير هذا الوصف الجامع بين الشيء ونقيضه فهي حكومة الثرثرة في ما لايعنينا كمواطنين كالتراشق اللفظي بلغة الاستعلاء والاستقواءعلي الخصم السياسي وبين حكومة الصمت والسكوت في كل القضايا والازمات التي تعني  المواطن وتمس بسمعة الوطن..آخرها هذا الصمت المريب لهذه الحكومة وغيابها المطلق  عن أحداث الفنيدق ومحيط سبتة في اليومين الأخيرين  مما فتح المجال لانتشار العديد من الإشاعات، والتفسيرات غالبا مايكون المصدر خارج الحقيقة والدقة في المعلومة هو الغياب القاتل لحكومتنا بتقديم فرصة مجانية  لأطراف معادية لبلدنا  نظير  الإعلام الجزائري الذي استغل هذا الصمت بنشر تقارير إعلامية المليئة بالكثير من المغالطات وتضخيم الأرقام والمعطيات وبصور قديمة ومفبركة وبالمناسبة تمّ إحصاء أكثر من 56 مادة إعلامية  بين المرئي والمسموع إلى جانب مقالات صحفية..
 
وحين نورد هذا المعطى فالأمر لا علاقة بهذا النظام الجزائري أبداً..فلا نقارن أنفسنا إلا بأنفسنا داخل سقف دستوري يضعنا وحالة هذا الصمت الحكومي  أمام إخلال بالواجب وتعسّف على حق المواطن في المعلومة على شكل سؤال كبير " ماذا وقع ويقع بمحيط سبتة  يا حكومتنا" وله ما يبرره في إطار العقد الإجتماعي المؤَسس على علاقة تفاعلية بين من يكون في منصب قيادة تدبير شأن الوطن وبين المواطنين.. بما تستوجب التفاعل المستمر مع الشعب وانطلاقا من هذا المعطى فمطالبة السيد رئيس الحكومة بالتواصل معنا وتوضيح ملابسات تلك الازمة ليس منّة من أحد  اوصدقة بل مندرجة ضمن الحقوق التي كفّلها الدستور المغربي للمواطن (ة) والغريب في هذه الحكومة وهي تقفل نصف ولايتها  أنّها لها سوابق  عودتنا فيها عن صمّ آذانها عن سماع [ صمت الآلام العميقة  لعموم الفقراء والبُسطاء والشغيلة ، آلام المحرومين والعاطلين.. 

قد صمت آذانها عن غلاء الأسعار وارتفاع ثمن المحروقات وتركتنا فريسة للشناقين والوسطاء لحظة اقتناء خرفان العيد بالرغم من الدعم العمومي السخي لأباطرة الماشية والمستوردين.. 

صمّت آذانها عن أكثر من شهر ونصف من إضربات رجال التعليم وضياع الزمن المدرسي حتى خيّمت أجواء سنة ببضاء هو نفس السيناريو - لاقدر الله - لطلبة الطب والصيدلة..

هو الصمت والغياب مع  فيضانات وسيول جارفة بمناطقنا الشرقية وصولا إلى إقليم طاطا  بسبب الأمطار الغزيرة التي عرفتها مؤخرا ولم تعرفد حضور أي مسؤول حكومي للوقوف  على الخسائر المادية والبشرية، بعد سقوط عدد مهم من الضحايا ونفوق المواشي وتدهور الأراضي الزراعية وتخريب البنيات التحتية المتمثلة في القناطر والمسالك الطرقية. واستخراج دعم استثنائي طارئ للتخفيف على الاقل من تداعيات هذه الفيضانات هي حكومتنا التي امتازت  بأطلاق الوعود قبل صناديق الإقتراع وحين  اكتشفنا أكاذيبها أنتهجت أسلوب الصمت مرة والهروب إلى الأمام مرّة أخرى.. 

دون أن تدرك  أن مثل هذه الممارسات اللا مسؤولة وسلوكات التجاهل اتجاه حاجات المواطن واهتماماته تعمق ثقافة اليأس والنفور من العمل السياسي والانتخابي بشكل عام.. ولعل نسبة المشاركة في الانتخابات الجزئية بعدد من الدوائر مؤخرا دليل على ذلك بحيث لم تتعدى نسبة المشاركة في دائرة المحيط 6٪… وسجلت  بإحدى قرى تارودانت سابقة تاريخية بشأن هذه الثقة الشعبية من الانتخابات.. فقد شارك 13 مواطن من أصل 224.. والأكثر استغرابا ان تلك الأصوات وبقلّتها كانت ملغاة.. 

هي رسالة من يقول بصمت مسموع  " كفى" من هذا العبث المؤسساتي الذي فشل في تحقيق أحلام الفقراء ونجح في تحقيق جشع الباطرونا.. 

 " كفى " من هذا التغوّل المسيطر على كل مفاصل التسيير والتدبير المعنية  بالسياسات العمومية ليس فقط  وطنيا، بل حتى  جهويا وفي كل المدن الكبرى وأغلب الجماعات الترابية، فالوطن ما زال يبحث عن حكومة مؤسسات وقوانين  لا حكومة أسماء وموردين.