فؤاد زويريق: ينقصنا الوعي والثقافة والنضج والتربية السينمائية

فؤاد زويريق: ينقصنا الوعي والثقافة والنضج والتربية السينمائية فؤاد زويريق

من مدينة دنهاخ أو لاهاي الهولندية، بضعة كراسي وطاولات عادية مصفوفة فوق الرصيف، وشاشة كبيرة نصبت فوق سيارة قديمة تعرض أفلاما ليست جديدة، فمثلا في حصتي اليوم سيتم عرض "Jungle Book" و "La La Land"، هي السينما في فضاء مفتوح، هي عروض أفلام تقام وسط الشارع وأمام أنظار المارة، العروض ليست مجانية فعليك أن تدفع عن كل عرض 9.70 يورو، ورغم ذلك هناك إقبال وهناك انضباط في المشاهدة.

 

بالنسبة لي مثل هذه الأجواء السينمائية البسيطة أفضل مليون مرة من بعض المهرجانات العربية التي يصرف عليها الكثير، ويسودها العفن الفني والفساد المالي وتغلب عليها المصالح والعلاقات الشخصية المشبوهة، وتتنافس في عرض كل شيء إلا السينما، من بروتوكولات سخيفة، ومظاهر تافهة وأنشطة فارغة، تجتهد في فرش سجادتها المتعفنة للخبثاء والأخسَّة والسافلين والجاهلين والمنحطين والفشلة ومن عافتهم المهرجانات المحترمة.

 

ينقصنا الكثير، ينقصنا الوعي والنضج والوفاء للسينما، وتغليب المصلحة العامة، ينقصنا احترام طقوس المشاهدة، تنقصنا الثقافة والتربية السينمائية حتى نجلس بكل احترام أمام الشاشة.

 

شاهدت سنة 2015 فيلم جسر الجواسيس Bridge of Spies لستيفن سبيلبرغ وبطولة توم هانكس، ومارك رايلانس، في أول عروضه في هولندا، شاهدته في فضاء واسع مفتوح بمدينة روتردام، كان الفضاء ممتلئا عن آخره، الجميل أننا شاهدنا الفيلم من أوله إلى آخره تحت المطر، الجمهور كان بالعشرات ورغم ذلك ساد الانضباط، قليلون تركوا أماكنهم بهدوء، والباقي بقي متسمرا أمام الشاشة حتى آخر لحظة.

 

هذا هو سحر الشاشة وسط جمهور واع ومحترم ومتشبع بثقافة المشاهدة.