هل توقف الفضائح الجنسية تمدد الإخوان في ماليزيا؟

هل توقف الفضائح الجنسية تمدد الإخوان في ماليزيا؟ حنان جابلي وإخون ماليزيا
بينما تواجه ماليزيا، البلد الآسيوي الحيوي الآن، زحف الأسلمة وفقًا لأيديولوجيا جماعة الإخوان التي تعمل على ترسيخ محاكم الشريعة في مواجهة المحاكم المدنية، وتعزيز الهوية الإسلامية داخل المؤسسات وتعميم مصطلحاتها في القضايا السياسية، تواجه الجماعة فضيحة جنسية كبرى قد توقف تمددهم.
 
ففي عملية أمنية هزت المجتمع الماليزي والعالم، كشفت الشرطة الماليزية عن واحدة من أخطر الفضائح الإنسانية المتعلقة باستغلال الأطفال داخل دور رعاية تديرها جماعة “الإخوان الإرهابية”، وقد تمكنت قوات الأمن من إنقاذ 402 طفلًا من معاناة لا توصف، حيث تعرضوا لانتهاكات جنسية وجسدية مروعة داخل هذه الدور، التي كان من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للأطفال الأبرياء.
 
تفاصيل الفضيحة الجنسية
وقد قال رئيس الشرطة الوطنية الماليزية، إن السلطات أنقذت، الأربعاء، 402 طفلا واعتقلت 171 مشتبها به بعد مداهمة 20 دار رعاية مرتبطة بمجموعة أعمال إسلامية تدعى "غلوبال إخوان"، حيث تم استغلال الأطفال والاعتداء جنسيا عليهم.
 
وقال المفتش العام للشرطة رضاء الدين حسين إن المداهمات جرت بعد إجراء تحقيقات في مزاعم بالتخلي عن الأطفال والتعاليم المنحرفة والاعتداء الجنسي في المنازل التي تديرها شركة "غلوبال إخوان" للخدمات والأعمال القابضة.
 
وأضاف أنه تم إنقاذ نحو 201 صبي و201 فتاة، تتراوح أعمارهم بين عام واحد و17 عاما، من 18 منزلا في ولاية سيلانغور بوسط البلاد واثنتين في ولاية نيغيري سمبيلان الجنوبية. وأضاف أن المشتبه بهم الـ 171 هم 66 رجلا و 105 امرأة كان من بينهم معلمون دينيون ومقدمو رعاية.
 
وقال رضاء الدين في مؤتمر صحفي متلفز إن الأطفال تعرضوا للاعتداء الجنسي ليس فقط من قبل القائمين على رعايتهم، بل أُجبروا أيضًا على فعل الشيء نفسه مع بعضهم البعض في المرافق، مضيفا: "لم يُسمح للمرضى منهم طلب الرعاية الطبية حتى أصبحت حالتهم حرجة"، لافتا إلى أن بعض الأطفال الصغار تعرضوا أيضًا للحرق بملعقة ساخنة عندما ارتكبوا أخطاء، وقام القائمون على رعايتهم بلمس أجساد الأطفال وكأنهم يقومون بإجراء فحوصات طبية.
 
وتابع أن الشرطة تعتقد أن منظمة الإخوان العالمية استغلت الأطفال واستخدمت المشاعر الدينية لجمع التبرعات وأن التحقيقات أظهرت أن الأطفال الموجودين في دور الرعاية ينتمون لأعضاء جماعة الإخوان العالمية، وقد وضعهم آباؤهم في الدور منذ أن كانوا رضعاً. وأضاف أن الأطفال سيخضعون لتقييم طبي وسط التحقيقات الجارية.
 
الجماعة تستغل الدين 
ووفقا لموقعها الإلكتروني، تأسست جماعة الإخوان العالمية على يد أشعري محمد، الذي كان يرأس طائفة الأرقم الإسلامية التي اعتبرتها الحكومة هرطقة وحظرتها في عام 1994. وقالت إن الجماعة خضعت لسلسلة من التغييرات منذ وفاة أشعري في عام 2010.
 
وتشير وسائل إعلام عربية إلى أن الجماعة تستغل الخطاب الديني لتجنيد الأتباع، مستخدمة الدين كأداة لتبرير تحركاتها السياسية، لكنها في الواقع تُخفي الكثير من الممارسات التي تتناقض مع مبادئ الإسلام، وأن أبرز ما يميز هذه الجماعة هو النفاق العلني في التعامل مع القضايا الاجتماعية والسياسية، حيث يُظهرون للعامة التزامًا ظاهريًا بالقيم الدينية، بينما تُرتكب خلف الكواليس جرائم وممارسات لا تمت للإسلام بصلة.
 
ومن أمثلة الجرائم اللاأخلاقية التي ارتكبتها الجماعة، تأتي محاولاتهم الدائمة للتغلغل في المؤسسات الحكومية والتعليمية، ومحاولة السيطرة عليها لفرض أيديولوجياتهم، إضافة إلى ذلك، ارتبطت الجماعة بالعديد من الأنشطة الإرهابية والعنف السياسي في العديد من الدول، حيث يلجأون إلى استخدام العنف والتخويف كوسيلة لتحقيق أهدافهم، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار المجتمعات وسلامتها.
 
تنظيم الإخوان يسعى لتعويض تراجعه في الشرق الأوسط
هذا ويسعى التنظيم الدولي للإخوان عبر أذرعه الحزبية الآسيوية والقادة المحسوبين عليها لتعويض تراجع مشروعه في الشرق الأوسط وعزله عن السلطة في دول مثل مصر وتونس بالصعود في مناطق نفوذ أخرى في جنوب شرق آسيا، وفقا لتقديرات صحيفة "العرب" اللندنبة.
 
وظهرت خطط تعويض هزيمة وتراجع هذا المشروع في المنطقة العربية بتصعيده في ماليزيا ودول جنوب شرق آسيا عموما عندما استضافت كوالالمبور في عام 2019 القمة الإسلامية التي ضمت حلفاء الإخوان في المنطقة، وقادة التنظيم الدولي للإخوان في العالم وقادة حركة حماس.
 
ويستغل الحزب الإسلامي، بحسب "العرب"، سيطرته على الفضاء الثقافي والفني لفرض رؤيته بشأن القضايا السياسية الداخلية والعلاقات الإقليمية والدولية.
 
ولا يصب ما حققه الحزب الإسلامي في صالح التدين الماليزي المتسامح التعددي إنما في صالح التصورات المتطرفة التي تشترك فيها غالبية جماعات الإسلام السياسي، كما لا يصب في مربع التلاحم الوطني والتماسك المجتمعي بل يخدم حسابات عابرة للدول بالنظر إلى الارتباط الوثيق حركيا وفكريا مع التنظيم الدولي للإخوان.
 
الإخوان يحاولون التمدد
ويتأسس برنامج الحزب الإسلامي (باس)على تطوير ماليزيا بوصفها دولة إسلامية، مراهنًا على ما يتمتع به من نفوذ تزايد في الانتخابات الماضية.
 
ولدى الحزب خطة للسيطرة على الفضاء العام بزعم احتكار الحديث باسم الفضائل والمُثل الإسلامية، مُقصيًا خصومه السياسيين باستخدام سلاح التكفير والتشويه، حيث يتهمهم بأنهم “شيوعيون وأعداء الدين”.
 
ويهدف مشروعه في المجمل إلى تغيير نمط التدين الماليزي المتسامح والمنفتح على الآخر عبر تكريس النمط الأحادي المتشدد، وهو مخطط يخفي أهداف السيطرة على السلطة بوصفه الوصي على المجال الأخلاقي وما يعتبره تطبيقًا للشريعة.
 
أسباب توجه الإخوان نحو ماليزيا
وبحسب مقال تحليلي لـ"مركز أبحاث مينا"، فإن توجه جماعة الإخوان إلى ماليزيا يعود إلى جملة من الأسباب؛  أولها أن الحزب الإسلامييسيطر على الحكم في ولايات كلنتن (دار النعيم)، وترغكانو (دار الإيمان) وكيداه (دار الأمان)، كما يشارك الحزب في حكم ولايتي جوهور (دار التعظيم)، وبيراك (دار الرضوان)، وللحزب 91 عضواً في المجالس التشريعية، وله كذلك 18 من أصل 222 مقعداً في البرلمان.
 
يضاف إلى ذلك أن أعضاء من الصف الثاني بالجماعة، موجودون بالفعل في ماليزيا، ومنهم أحمد عبدالباسط محمد، مسؤول الملف الطلابي بالجماعة، الهارب من حكم بالإعدام في مصر، وهو من يقوم بالتنسيق مع عدد من الجامعات بدولتي ماليزيا وتركيا، لاستقبال الطلاب المصريين المنضمين للجماعة.
 
هذا ومن المعروف أنّ ماليزيا هي إحدى النّمور الآسيويّة التي نما اقتصادها بشكل هائل خلال الاربعة عقود الأخيرة، وهو ما شكل عاملاً جاذباً للجماعة التي استغلت الحضور والنشاط السياسي للإسلاميين الموالين هناك فضلا عن التغلغل الإخواني في النسيج المجتمعي. 
 
وتدير جماعة الإخوان وبعض أذرعها مثل حركة حماس، بالفعل، العديد من المشاريع والاستثمارات والشركات في ماليزيا، وترتبط هذه الإستثمارات بشبكات اقتصادية في تركيا وبعض دول أفريقيا وأميركا اللاتينية، الأمر الذي يصعّب مهمة تتبعها.
 
ومع وجود أغلبية مسلمة، يلعب الدين دوراً مهما في حياتها، وأيضاً وجود حالة طائفية يمكن تأجيجها حسب الحاجة، لترويج خطاب إسلاموي، يحمل نزعة دينية مغلقة، يسهل من خلالها تجنيد أفراد جدد، وضمهم إلى التنظيم. ناهيك عن القدرة على التسلل الناعم للحكم، عبر النظام السياسي الديمقراطي، وكذلك الانفتاح النسبي للمجال العام.
 
عن موقع "حفريات"
حنان جابلي، صحفية تونسية