قال نبيل بنعبد الله، المين العام لحزب التقدم والاشتراكية في حوار مع قناة Matin TV إن الفيضان الأخير الذي ضرب الجنوب الشرقي وقبله زلزال الحوز أظهر حالة اللاتوازن فيما يتعلق بالتنمية الجهوية بالمغرب وعلى الخصوص على مستوى البنيات التحتية، مشيرا بأن ساكنة هذه المناطق تعاني من أوضاع صعبة وهو ما تؤكده التقارير الرسمية وآخرها الدراسة التي نشرها المندوبية السامية للتخطيط حول التنمية الجهوية .
ودعا في نفس الحوار الى الإقرار بانعدام العدالة المجالية بين الجهات والذي تؤكده التقارير الرسمية مقدما مثال تقرير الخمسينية والتقرير المتعلق بالنموذج التنموي الجديد، مشيرا بأن دستور 2011 دعا الى إقامة صندوق للتنمية الجهوية لم يرى النور الى حدود اليوم وهو الصندوق الذي من شأنه إحداث التوازن بين الجهات فيما يتعلق بالسياسات العمومية عبر إعطاء الأولوية لبعض الجهات التي تعاني من خصاص كبير في البنيات التحتية من أجل تمكينها من تحسين وضعية بنياتها التحتية وحمايتها من الكوارث الطبيعية وتمكينها من تحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي والذي من نشأنه خلق قيمة مضافة يخلق فرص للشغل وتحقيق مداخيل مهمة .
وأشار بنعبد الله أن المغرب خلال 25 سنة الأخيرة بذل مجهود كبير فيما يتعلق بالتنمية، لكن رغم الجهود المبذولة وكما أشار الى ذلك الملك محمد السادس في خطابه يسجل نقص على المستوى الاجتماعي مجسدا في التفاوت الاجتماعي بين الطبقات والتفاوت المجالي فيما يتعلق ببرامج التنمية.
وأضاف بأنه لا يمكن أن يسير المغرب بسرعتين مختلفتين: سرعة مغرب " تي جي في " وسرعة مغرب آخر بدون سكك حديدية وبطرق متردية وبنيات تحتية متخلفة عن نظيرتها في جهات أخرى، حيث المناطق الجبلية تعاني من ظروف وصفها ب " المؤسفة " وضمنها منطقة الحوز، مشيرا بأن الخروج من هذا الوضع يتطلب وجود إرادة سياسية، واستثمارات عمومية لخلق ظروف تمكن هذه المناطق من اللحاق بباقي الجهات بالمملكة.
كما تطرق بنعبد الله الى مشاكل إعادة الإعمار بمنطقة الحوز، حيث أشار الى إعادة البناء لم يحترم خصوصيات المنطقة التاريخية والثقافية، حيث تم البناء بالاسمنت بدل الطرق التقليدية علما أنه كان من الممكن إعادة البناء وفق الطرق التقليدية مع اعتماد تقنيات مكافحة الزلازال، كما أشار الى عدم استفادة عدد من العائلات من الدعم سواء تعلق الأمر بالدعم المباشر أو بالدعم المخصص لإعادة البناء علما أن هؤلاء يعيشون أوضاع صعبة منذ وقوع الزلزال.
وأقر بنعبد الله أنه يستحيل تأهيل المناطق المتضررة من الزلزال في ظرف سنة، فالأمر – يضيف – يتطلب سنوات طويلة من الجهود، مضيفا بأن دور حزبه هو التنبيه الى هذا النقص والنقاط السلبية ومرافقة الساكنة في وضعية صعبة .
وفيما يتعلق بالأداء الحكومي أشار بنعبد الله أن الحكومة فشلت في تنفيذ الأهداف والوعود التي أطلقتها خلال السنوات الثلاث التي مرت من عمرها، وهو ما يؤكد أن هناك مشكل في " التوجيه السياسي وفي تحمل المسؤولية السياسية حول ضرورة التغيير ".
وأوضح أن الحكومة قدمت التزامات للمغاربة حينما تطرقت الى هدفين رئيسيين: الأول يتعلق بالنموذج التنموي الجديد مع ما يحمله من أهداف مسطرة، ولكن للأسف – يضيف - فإن النموذج التنموي لا يشكل أبدا أولوية لدى هذه الحكومة، في الوقت الذي تتطرق فيها وثيقة النموذج التنموي عن تشكيل نوع من الاجماع الوطني فيما يتعلق بعدد من السياسات العمومية، مؤكدا بأن النموذج التنموي الجديد ينبغي أن يكون نتاجا للذكاء الجماعي وعبر مساهمة القوى السياسية الوطنية والقوى المدنية والخبراء، فالأمر يتعلق برؤية لتنمية البلاد – يقول بنعبد الله، مشيرا بأن الحكومة بعيدة عن رؤية 2035 داعيا إياها الى العودة الى الأهداف المسطرة في النموذج التنموي الجديد ( التشغيل، سلامة الحياة، المداخيل، الأداء الاقتصادي لبلادنا، نسبة النمو، التنمية الجهوية، العدالة الاجتماعية، العدالة المجالية..) .
وقال بنعبد الله إن شعار الدولة الاجتماعية الذي أطلقته الحكومة تم تلخيصه في تعميم التغطية الصحية في حين أن الدولة الاجتماعية هي أكبر من ذلك بكثير، علما أن الديمقراطية والحريات تظل غائبة في انشغالات الحكومة الحالية.
وأوضح أن بناء مجتمع متقدم ممكن اذا تم تحقيق ديمقراطية متقدمة وبوجود أحزاب تلعب دورها بشكل مستقل، أحزاب بإمكانها تحريك الرأي العام وإدماج الكفاءات الشابة، مشيرا بأنه بإمكاننا أن نتقدم عبر تعزيز الحريات وحقوق الإنسان، واذا لعبت كل المؤسسات دورها من حكومة وبرلمان، ومجالس جهوية ومؤسسات منتخبة ومجتمع مدني، محذرا من الخطاب الذي يقول بأن المغرب له أولويات ويمكنه أن ينزاح نحو نظام سياسي لا حاجة له بوجود مؤسسات ولعبة ديمقراطية وفاعلين سياسيين..محذرا من هذا الخطاب الخطير الذي يتعارض مع معظم التجارب عبر العالم.
وخلص بنعبد الله الى كون الحكومة الحالية لا تمتلك رؤية ديمقراطية وعمق سياسي وليست لها ارادة لإعطاء معنى للفعالية والأداء، وما يؤكد ذلك هو حالة الجمود بين الشباب والسياسة، بين الشباب والأحزاب السياسية.