حسب معظم المراقبين الدوليين الإيطاليين الذين يعملون لصالح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR)، ومقره في وارسو، فإنه من غير المتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية الجزائرية أي تغيير جذري، حيث يعتبر الناخبون الجزائريون المحبطون أن عبد المجيد تبون هو الفائز مسبقًا، في منافسة انتخابية غير عادلة وغارقة في التزوير.
وفي تقرير أسود نشرته جريدة (IL FOGLIO) الشهيرة، تم تسليط الضوء على حالة الإحباط العامة التي أصابت المجتمع الجزائري، بعدما تنفست الجزائر الصعداء إثر إطاحة حركة "الحراك" في عام 2019 بالرئيس المقعد عبد العزيز بوتفليقة، ما أعطى وهمًا بقدرة البلاد على إقامة نظام جديد يقود الإصلاحات. لكن مع اقتراب موعد التصويت في دجنبر من نفس العام، اضطر معظم الذين خرجوا إلى الشوارع لعدة أشهر إلى تغيير رأيهم، حيث تبين أن التغيير الحقيقي ومنح الحقوق المدنية مستحيل دون تغيير حقيقي في الطبقة العسكرية الحاكمة. تلك الانتخابات اعتبرت مصيدة وحيلة لتفريغ الشوارع من المتظاهرين. وقد حضر أقل من 40% من الذين يحق لهم التصويت إلى صناديق الاقتراع، وهو رقم مثير للجدل، إذ يرى الكثيرون أن العدد الحقيقي كان أقل بثلاث مرات. لم يرغب أحد في التصويت، واختار معظم الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع وزيرًا سابقًا للنظام القديم، حيث فاز مرشح الجيش عبد المجيد تبون. واليوم، بعد خمس سنوات، هناك حديث عن رغبة في نظام جديد في الجزائر العاصمة.
وأضاف التقرير أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 ستكون خالية من المفاجآت، وسط توقع تصويت عدد قليل جدًا من الناخبين، حيث يشعر معظم الجزائريين بخيبة أمل كبيرة وعدم اكتراث. وبحسب استطلاعات الرأي التابعة للنظام، فإن هناك تقدمًا واضحًا لتبون على المرشحين الآخرين، أبرزهم الاشتراكي يوسف عوشيش والإسلامي عبد العالي حساني الشريف، اللذان يعتبران الوحيدين اللذين أفلتوا من الرقابة الوقائية التي فرضها تبون. بينما فضل كثيرون، بمن فيهم لويزا حنون، زعيمة الحركة العمالية التي انتهى بها الأمر في السجن عام 2020، الانسحاب من المنافسة الانتخابية باعتبارها غير عادلة. وحُرم آخرون، مثل كريم طابو، من حق المشاركة في النقاشات العامة ونشر المقالات الصحفية السياسية، وتم كذلك حظر حزبه، الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي.
كتبت جريدة (IL FOGLIO) أنه بعد خمس سنوات من الحراك، شهدت البلاد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان لم تستثنِ الشخصيات الرمزية للاحتجاجات، حيث ظلت تحت تهديد قضائي مستمر، تدخل وتخرج من السجن بشكل ممنهج. نشرت منظمات غير حكومية تقريرًا قبل بضعة أيام يدين القمع السياسي وانتهاك الحقوق المدنية، ودعت إلى وقف الملاحقات القضائية لنشطاء حقوق الإنسان بتهمة الإرهاب. من بين هؤلاء أيضًا مثقفون، مثل الشاعر محمد تاجديت، الذي انتهى به الأمر في السجن وينتظر المحاكمة منذ يناير الماضي.
وفي ظل "الفوز الحتمي" لمرشح الجنرالات عبد المجيد تبون، قالت الجريدة إن أوروبا والولايات المتحدة تنظران إلى الشبح الروسي بقلق، نظرًا لأن "العلاقات بين الجزائر وموسكو لها جذور تاريخية عميقة. ولا يمكن الحديث عن توافق كامل في كل القضايا". وأضافت: "على سبيل المثال، لدى الجزائر أجندة في ليبيا ومنطقة الساحل تختلف تمامًا عن أجندة روسيا". يتمثل الاهتمام الرئيسي في الحفاظ على حقول الغاز آمنة وتجنب الأحداث الدرامية مثل هجوم تنظيم القاعدة على عين أميناس في عام 2013، والذي أدى إلى إغلاق البئر لمدة عامين تقريبًا. منذ ذلك الحين، أصبح الشعار السائد في الجزائر هو "لن يحدث ذلك مرة أخرى أبدًا"، ولهذا السبب يُنظر برعب إلى عدم الاستقرار في ليبيا المجاورة، حيث حشد الجنرال خليفة حفتر بعض الميليشيات باتجاه الحدود الجزائرية الشهر الماضي. إن حقول الغاز مقدسة، واستقرار البلاد واستقرار نظام تبون مرتبط بسلامة هذه الحقول.
بينما توقعت الجريدة علاقات أكثر قوة بين الجزائر وإيطاليا، خصوصًا بعد الاعترافات التاريخية المتتالية لكل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا بمغربية الصحراء ودعمهم القوي والصريح لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.