بداية لابد أن نشير إلى أمر منهجي حين نتناول صورة معينة فنحن لانقوم بالدعاية للمصدر كما أننا مهما اختلفنا مع جهات معينة من بني جلدتنا الذين ارتموا في احضان ماما فرنسا ليجعلوا منها بلدا لاستقرار عائلاتهم حيث تتلقى تعليمها هناك وتستفيد من مستشفياتها باعتبارهم يتمتعون بجنسيات مزدوجة. فإننا لا نبني مواقف مسبقة فنحن لاننتمي إلا للوطن الأم فيه تربينا وبه سنبقى وفيه سنوارى التراب كملاذ اخير ولانبغي عنه بديلا .
كثيرة هي الصور المعبرة ذات الدلالة التي تتزاحم أمامنا وهي تفصح عن مخزونها القيمي الكبير ومادام البعض منا وهم قلة يتباهون بمرجعيتهم الفرنكفونية وولائهم لها في كل تدبير ونقاش بل رأينا كيف مسؤولينا حين يرومون تفسير بعض الأحداث ليقنعوننا بصوابيتها يلجأون الى مفردات ذات مرجع بلغة موليير فيزيدون المسألة تعقيدا وهم يقصدون التوضيح فنغرق نحن في الغموض والتيه ويضيع الفهم والتواصل بيننا وبين حكومة اقتبس لها صديقي المتشائم لقبا استثنائيا من مرجعه الخاص حين ينعثها بحكومة "صَكْعَة" .
الصورة التي نحن بصددها اليوم تبدأ أحداثها بمناسبة تسليم السلط بين الرئيس المغادر لإقامة الرئاسة (Matignon) بالعاصمة باريس الشاب (غابرييل آطال) (36سنة ) والرئيس الجديد القديم (ميشيل بارنيي) (73سنة).على البساط الأحمر استمعنا لكلمة غابرييل الذي ركز في كلمته على الصعوبات وهو أمربديهي وليد لحظة تدبير لم تعرف انفراجا كما بالغ في سياق الحديث مركزا على بعض القيم التي لن تصمد امام الرأي العام من قبل التحدي وتقوية المؤسسات واحترام اختيارات المواطنين والدفع بمركزية وموقع فرنسا كدولة محورية في الاتحاد الأوروبي .لقد ذهب كثير من المحللين تعليقا على كلمته كونها جاءت مرتبكة بشحنة عاطفية زائدة واعتراها التمطيط والتكرار وكترجمة فعلية لاختيارات وتوجهات الرئيس (ماكرون ) الذي قضى 50 يوما في التفكير والبحث عن رئيس فكانت النتيجة بعنوان بارز"تمخض الجبل فولد فأرا ."
ما يثيرني في صورة فرنسا باعتبارها معقلا للديمقراطية كما تدعي ومتشبثة ببعض التقاليد من قبيل الإفصاح عن بعض الكواليس التي هي من حق المواطن على الأقل من باب المعلومة . والمحافظة كذلك على بعض البروتوكولات أثناء تسليم المهام بأهم مواقع المسؤولية بالبلاد .وهي تنقل من باب اقامة رئاسة الحكومة والاستماع كذلك لتصريحات الطرفين .الجميل في مداخلة (ميشيل بارنيي ) رجل الخبرة ان يردتعليقا على تصريح الشاب المغادر(أطال )واعتبار كلامه توجيهات وليست نصائح في جو من السخرية لها دلالات عميقة.الرجل بمساره الطويل ليس لديه مايخسره في النهاية. وهو يؤدي دورا من أجل سحب البساط من تحت ارجل (ميلونشو) الثائر والذي يعتبر العملية خيانة صريحة لأصوات المواطنين يوم 7يوليوز 2024.هذه الأجواء من المكاشفة والصراحة والعمل المباشر أمام الرأي العام جدير بالاحترام مهما اختلفنا معه .لكن يبدو في المقابل أن المفتونين بفرنسا عندنا يحسون بالدونية وهم يعترفون بالنقص لم يستطيعوا اقتباس هذه التجربة التي ليست حكرا على فرنسا لوحدها بل هي خاصية بارزة في عموم الدول الديمقراطية التي تحترم مواطنيها .هذا طموحنا الأبرز ،ان نأخذ الصور الجميلة من غيرنا مع إخضاعها للخصوصية المغريية وهو أمر ليس بالصعب مادمنا في دولة ثواقة لرفع التحديات لكن بدون سياسين فشلة مستلبين .إلى أن تتحقق هذه الأمنية تصبحون على وطن ..!