ارتدَى السي عبد المجيد تبون عباءة صحراوية بيضاء مرصعة بخيوط من ذهب، فبدا في مشهد غير معتاد، وغير طبيعي، ولا ينسجم مع فيزيولوجيته المستفِزّة... ثم شرع في "ارتكاب" إحدى فلتاته الانتخابية، التي يطمح أن يبرر بها طمعه المتنامي في عهدة رئاسية ثانية...
قال إن بلاده ستستقبل ثمانية آلاف وثلاثمائة شركة استثمارية من شأنها أن تحرك الاقتصاد الجزائري وتنعشه، وقال إن هذه الشركات ستخلق "ثلاثمائة منصب شغل" (!!!)
نعم... لا يوجد هنا أي خطأٍ في الطباعة، بل هذا ما قاله الرئيس الجزائري بعظمة لسانه، رغم أن بعض الناقلين للخبر حاولوا تصحيح الرقم من تلقاء أنفسهم فحوّلوه في وقت لاحق إلى 300 "ألف" منصب، ورغم أنه هو شخصيا لوّح بعد ذلك برقم أضخم كثيرا هو 450 ألف منصب شغل، دون أن يعتذر عن زلة لسانه الأولى إن كانت فعلا مجرد زلة لسان!!
لقد وَضَعَنا السي عبد المجيد جميعا، بذلك التصريح، في موقف غير مسبوق، لا نُحسَد عليه، لأننا لم نفهم، ولن نستطيع أن نفهم، ولا أعتقد أن أحدا سيفهم، كيف أن ثمانية آلاف وثلاثمائة شركة استثمارية جديدة يمكن لها أن تتضافر فيما بينها لتفتح ثلاثمائة منصب شغل، فقط لا غير، بما يجعل كل دزينة (12) من تلك الشركات تجتمع وتدمج جهودها الاستثمارية والإنتاجية لتخلق للجزائر منصب شغل واحد!!
معادلة مستحيلة، يصعب أن يوجد لها نظير في كل بلاد الدنيا، أليس كذلك؟! باستثناء جزائر السي عبد المجيد تبون "الجديدة"، كما يسمّيها هو وحواريوه وكل المحيطين بفخامته وكل المشاركين في "خملته" الانتخابية!! ("الخاء" هنا أيضاً ليست خطأً في الطباعة)!!
لا شك أنكم وأنتم تقرأون هذا المٌعطى ستحاولون كما فعلتُ جاهداً ومعي ثلة من الأصدقاء أن نفهم شيئا من هذه الفزّورة التبونية غير المسبوقة، ولكن لا شك أيضاً، أنكم لن تَلْوُوا على شيء لأن فهم مثل هذه الفلتات العقلية يقتضي منكم باللزوم أن تتوفروا على دماغ لا ينقص أو يزيد شيئا عن دماغ هذا الرئيس الظاهرة، الذي يمكن القول إن العالم كله صار يعلق بصره وانتباهه على شفتيه كلما حرّكهما لإصدار أيّ صوت أو همهمة أو كلمة... لأن ما يُتوقَّع أن يخرج منه لن يكون إلا فريدا من نوعه، وفي شكله وحمولته، ومثيراً كالعادة للسخرية والاستهجان!!!
ثم نعود إلى فضيحة منتدى "تيكاد" الياباني الإفريقي، لنجد أن ما طرأ بعده من البهلوانيات الإعلامية وخاصة تصريحات المسمّى "غزّار" المُبطِلة، والفضائحية، بما حملته من اعتداء سافر على المغاربة والمغربيات، لم تكن سوى محاولة يائسة للفت انتباه الرأي العام الدولي والعالمي إلى أيّ تصادم جزائري مغربي جديد بُغية التغطية على لصوصية الوفد الجزائري وبلطجيته في دورة طوكيو لذلك المنتدى!!
والحال أن ما أفضى إليه هذا الموضوع، من طرد للجزائري "غزّار" من القناة الإعلامية المعنية، والتشطيب عليه من جينيريك البرناج التلفزيوني الفرنسي الذي وجه شتائمه للمغرب من خلال شاشته، وكذلك ما تلا ذلك من توجيه نادي المحامين المغاربة لشكايتهم المبررة والمدعومة بالمَشاهد الواقعية إلى النيابة العامة الفرنسية... كل ذلك، كان من شأنه فعلا أن يلهي المتتبعين لتطورات الفضيحة الجزائرية في دورة طوكيو لمنتدى "تيكاد"، لولا أن نسيان تلك الفضيحة أو تناسيها لن يكون متاحاً ولن يفرح به تبون ومن معه بمبنى الموراديا، لأنه بعد أسبوع فقط ستنعقد دورة مماثلة لمنتدى التعاون الإفريقي الصيني، ولأن السلطات الصينية اتخذت الاحتياطات اللازمة، لمنع تكرر نفس الفضيحة، بتنصيصها أثناء توجيه الدعوات للدول الإفريقية المشارِكة على رفضها الصريح للسماح لأي كيان غير معترف به لدى الأمم المتحدة بالحضور والمشاركة، الأمر الذي أشعل نياران الغضب والضغينة في صفوف عساكر النظام الحاكم في الجارة الشرقية، الذين يبدو أن الخيبة والحقد الدفين صارا بالنسبة لهم خبزاً يومياً قد لا يغادر ديارهم إلا بعد أن يغادروها هم أنفسهم إلى غير رجعة...
هكذا يتضح يوماً بعد آخر بأن العالم قاطبةً، وكبريات دوله خاصةً، صارت على علم، يرقى إلى درجة اليقين، بحقيقة نزاع الصحراء المغربية المفتعل، وحقيقة النظام الجزائري الذي حشرنا قَدَرُنا معه في الجوار...
والعبرة بما سيأتي!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي
https://youtu.be/lLopfrC-F70?si=GQORk-4yt8JxEAj4