مع بداية كل موسم دراسي، يتردّد خطاب "إصلاح المنظومة التربوية، وإعطاء نفس جديد لإصلاح التعليم بالمغرب". ومع انطلاق كلّ سنة يعلّق ملايين المغاربة آمالهم التي تنكسر مع نهاية السنة الدراسية والأماني والانتظارات بالأرقام والمؤشرات والميزانيات. ومع كل محطّة إصلاحية موعودة بتبخّر الوعود وزيف الشعارات، مع ذهاب وزير وتغيير حكومة.
"أنفاس بريس"، استطلعت آراء فاعليين تربويين ومهتمين حول الموضوع ونقلت آراءهم في جوابهم عن: هل إصلاح المنظومة التعليمية أكبر أكذوبة يتم ترويجها كلّ دخول مدرسي؟.
وفي هذا الصّدد، يرى أحمد بلاج، دكتور وأستاذ باحث ، أن "الدخول المدرسي لهذا الموسم الدراسي الجديد 24/25 استثنائي، نتيجة لعوامل كثيرة أهمها أن تأخير الدعم الذي تتجه الحكومة لتخصيصه لفائدة اقتناء المقررات الدراسية، مثلما كانت تعرفه مبادرة "مليون محفظة" التي كانت تصل بعد أشهر من انطلاق الموسم الدراسي، وعدم تغطيتها لجميع المقررات الدراسية، وعلى رأسها مقررات تدريس اللغة الأمازيغية كما سجل بالموسم الدراسي الفارط بالعديد من المديريات الإقليمية وعلى رأسها مديرية تيزنيت.
وسار المتحدث في تصريحه لـ"أنفاس بريس"، إلى أن بعض المقررات المدرسية لا تكون متوفرة، وحتى توزيعها يأخذ وقتا كبيراً وغير مبرر، مما يساهم في إرباك الدور الاجتماعي لهذه المبادرة، مما يؤثر سلبا عن الجانب النفسي للفئة المستهدفة "المحتاجين" التي تعاني أصلا من الهشاشة النفسية نظرا لما يطالها من تنمّر. وفي المقابل فإن الوزارة تسوّق لأوراش إصلاحية عصرية على رأسها مشروع الريادة، للأسف الشديد يصطدم تنزيلها على مستوى المديريات الإقليمية بالغياب التام للفعالية والنجاعة، وهو ما يترجمه بشكل ملموس العديد من المؤشرات، أبرزها الفشل في تقليص نسب الهدر المدرسي...
أما الباحث رشيد أكركاض، فيؤكد على أن الدخول المدرسي الجديد 24/25 لهذه السنة سيعرف ارتباكا، زاد من حدته تخبط المسؤولين الإقليميين في تنزيل وترجمة المشاريع التي تسوق لها وزارة بنموسى منذ توليه الوزارة، وعلى رأسها مشروع الريادة الذي عرف تقييمه تقديم معطيات غير دقيقة للرأي العام سرعان ما انكشف زيفها، بعدما ابتلع هذا المشروع ميزانيات ضخمة دون تحقيق الإصلاح المنشود، حيث مازالت العديد من مؤسسات الريادة وبعد سنة كاملة من التجريب دون تهيئة، وفي غياب تام لتجهيزها ولو بالأركان القرائية والكتب والقصص".
وعاب الباحث التربوي أكركاض في تصريحه لـ"أنفاس بريس"، أن "ما يزيد الطين بلّة ما يعيش على إيقاعه مشروع إعداديات الريادة التي تعاني من خصاص شديد نتيجة عدم تقويتها بالأطر الضرورية في مخالفة صارخة للمذكرة الوزارية رقم 138 إلى جانب غياب المختصين الإجتماعيين بهذه الإعداديات، مما ينذر بحدوث كوارث تنضاف لما راكمته الكثير من المديريات".
وعلى مستوى تدبير المديريات الإقليمية فالمتتبع للشأن التربوي، يشرح المتحدث، وغير بعيد عما صاحب مشاركة الأطر التربوية في عملية الإحصاء من نقاش، فإن أغلب المديريات الإقليمية لم تصدر بعد مذكراتها الإقليمية في تدبير عملتي الفائض والخصاص، مما يؤكد بشكل قاطع نية المسؤولين الإقليميين تأجيل الدخول المدرسي، بل فرملته على اعتبار ما سيترتب على عدم توزيع الأطر الفائضة وإعادة انتشارها، مع ما يصاحب ذلك من شبهات ستطال كما جرت عادة المسؤولين الإقليميين إخفاء المناصب الشاغرة في الوسط الحضري (البلديات) لتقديمها تحت الطلب للمحظوظين، وهو ما يكرس غياب الحكامة والشفافية في عملتي التخطيط وتدبير الموارد البشرية، وهما عمليتان تحددان نجاح الدخول المدرسي من زيفه".
بدوره، أفاد الإعلامي المهدي النّهري، إلى أنه "إذا كان من باب تأكيد الواقع أن نشير إلى أن السنوات الأخيرة التي واكبت الدخول المدرسي تميزت باهتمام كبير بجديد كل دخول مدرسي، نتيجة تطلع عامة المغاربة إلى تغيير يجعل بلادنا في مصاف الدول المتقدمة، ويبوئها مكانة محترمة في زمن اشتدت فيه المنافسة بين النظم التربوية وخلفياتها التنموية، فإن حجم هذا الإهتمام فتح الأعين على كثير من جوانب الدخول المدرسي، وعرّى كلّ الزّوايا التي ظلت معتمة أو محجبة ، لتصبح المدرسة بكل مكوناتها وأنشطتها ، محطّ نقد وافتحاص ، وتكتسي من ثمة نظرة تتراوح بين السّخط والقلق، أو تبلغ حد الإمتعاض ، وفي أقل حالات الرّضى ، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي".
وزاد النّهري موضّحا: ما يستوجب طرح السؤال حول أسباب تباين النظر إلى الدخول المدرسي وأسسه، إذ من شأن كل ذلك أن يفتح الأعين على كثير من المشاكل، ويساعد على العلاج في حالة مراعاتها وأخذها بعين الإعتبار . فهذه السنة ومع مشاركة أكثر من سبعة آلاف رجل تعليم في عملية الإحصاء لا بداية للموسم الدراسي، ولا احتفال بعيد المدرسة في غياب بعض رجال التعليم، وكل تقرير إيجابي في هذا الشأن من طرف وزارة بنموسى فهو من باب فرض الكفاية، نضحك به على حالنا المستحقّ للشّفقة، لأن اعتبار التّعليم شأنا عامّا يستوجب أن يكون كل واحد في موقعه. التّلميذ في القسم والأستاذ في عمله.