ما شاهدت تسابقا حمي الوطيس حول الأعلام الأعجمية أشد شراسة من تهافت جل المؤسسات الخصوصية على تسمية كل شيء باسم عجمي رنان...
من المقاربة والمنهجية...
إلى اسم المؤسسة والمقررات...
من اليافطة إلى نزوة " مونتيسوري " و ترنح" الروبوتيزم"
لائحة الحاصلين على جوائز نوبل استنفدت....
ومالوا إلى كل عبقري، شرط أن يكون أعجميا....
كل مؤسسة جديدة تحفر بعيدا من زمن اليونان إلى زمننا هذا....
الاسم الأعجمي مطلوب كالعملة الصعبة....
يمرون على كل الأسماء...
يقفزون على ابن سينا أب الطب
على الفارابي... وابن طفيل...
على البيروني والرازي...
سامحنا يا ابن النفيس ... فباستور أثقل منك في كفة ميزان الإشهار...
هذه الموجة الجديدة...
تسافر عبر الزمن....
كل غريب مطلوب...
على ابن رشد معلم الغرب.... أن يكتفي بعرفان المدرسة العمومية...
امتناني لكل مؤسسة عمومية...
حملت اسما لنا ومنا...
أما الخاصة...
خاصة الخاصة...
فعندهم بودلير وموليير أكثر جذبا من المتنبي والبحتري وأبي تمام...
وديكارت مازال يغري فهو أكثر جلبا للزبائن من المجاطي وغلاب ومليكة العاصمي ومبارك ربيع...
وبالزاك أثقل وزنا في ميزان السوق الإشهاري التربوي من عمر الخيام والأشعري والعروي والجابري...
بل من نحيب محفوظ والطيب صالح والمختار السوسي وكل الأعلام العربية والأمازيغية والمغربية عامة...
إنه بؤس العقل المغربي المستلب...
إنه استئصال ماكر لهويتنا أمام عجز وزارة بنموسى عن وضع حد لهذا العبث...
إن هذه العتبات السيميائية تعكس مدى تجدر مفهوم التسليع التربوي ومدى تشبع جل المستثمرين بقيم المقاولة، ولا عيب في ذلك... لكن المقاولة التربوية ملزمة أن تكون مواطنة تؤصل للهوية المغربية لا أن تربح على اغتيالها...
نعم...ليس لبنموسى وبنيات وزارته جهويا وإقليميا الحق في التدخل في الأسعار والعلاقة التعاقدية بين الأسرة والمؤسسات الخصوصية... ضمن منظومة السوق الحر...
نتفهم... والله... نتفهم أن الدولة عاجزة عن بلورة رؤية واضحة في هذا المجال...
لكن لها الحق في التدخل حينما يتعلق الأمر بالقيم والهوية المغربيتين...
لا نقتحم المنطقة الساخنة... منطقة البرامج والمقررات...
فالكل واع أن بول وسام يبيعان أكثر من بوشعيب والجيلالي وجمو وإيدير...
وأن أعياد الميلاد ورجل الثلج تبيع أكثر من شموع موسم سلا... ومن فروسية الخيام...
ونعلم أن اللغات الأجنبية تبيع أكثر من مطبات سبيويه والخليل والأصمعي...
لن ندخل المنطقة الرمادية... منطقة الهندسة المعمارية لبعض المؤسسات الخصوصية، إذ الشراكة غدت مظلة تخفي خصاص المرافق الرياضية، غدت الحَل والحِل وكفى الله المؤمنين قتالا....
لن ندخل المنطقة الخفية.... منطقة الأجور والاستعباد الأبيض...
طبعا عدا بعض المؤسسات التي تحترم نفسها...
لن ندخل عش الدبابير...
لكن على الأقل احترموا ذكاء المغاربة....
توقفوا عن استنزاف لوائح جوائز نوبل... وكل عبقري من الإغريق والروم والسند والهند وبلاد الغال والسلاف...
على بنموسى أن يوقف هذا العبث...
أن يلعب دوره في صيانة الهوية المغربية...
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل