أريري.. في أغنى إمارة للقمار بالعالم التي لا يسكن فيها سوى المليارديرات!

أريري.. في أغنى إمارة للقمار بالعالم التي لا يسكن فيها سوى المليارديرات! الزميل عبد الرحيم أريري أمام "كازينو مونتي كارلو" أول كازيو بالإمارة، والمشهد الآخر بانوراما موناكو
مساحتها بالكاد تصل إلى 200 هكتار، أي مايعادل نصف مساحة حي الألفة بالدارالبيضاء.
سكانها بالكاد يصلون إلى 38.000 نسمة، أي ما يعادل 3% من مجموع سكان مدينة سلا.
لكن وزنها المالي يساوي 50 مرة وزن المغرب تقريبا، إذا احتسبنا الناتج الداخلي الخام نسبة إلى حجم السكان.
 
الأمر يتعلق بإمارة "موناكو" Monaco، المعلقة في صخرة على الحدود بين فرنسا وإيطاليا. فرغم أن إمارة "موناكو"، هي ثاني أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان، إلا أن البحبوحة المالية التي ترفل فيها الإمارة، فإن "موناكو" تعد البقعة الأكثر إيواء للمليونيرات في العالم حسب عدد السكان، وتصنف ضمن الدول العشر الأكثر غنى في الكون.
 
فمن أصل 38.000 مواطن بموناكو( لم نحتسب العمال الذي يأتون للعمل كل يوم عبر المعابر الحدودية مع فرنسا وإيطاليا، وعددهم 40.000 مستخدم في الفنادق والمطاعم وباقي المرافق الخدماتية)، نجد بأن هناك 13.000 مليونير بالإمارة ، بل ويوجد ضمن سكانها 200 ملياردير، أشهرهم الأمير" ألبير الثاني"، أمير موناكو. وهذا ما يفسر كيف أن شوارع "موناكو" تحولت إلى شوارع "شوفوني"، يستعرض فيها الأثرياء السيارات الفارهة جدا، ويرتادون أرفع محلات الماركات من أجل "الشوبينغ". وهو الاستعراض الذي تنامى بعد أن ذاع صيت موناكو عالميا في صفوف رجال المال والأعمال، كوجهة آمنة لكل من يود توطين استثماراته بالإمارة.
 
 
هذا الصيت الدولي ليس وليد اليوم، بل لديه جذور تعود إلى أتون الصراعات والحروب بين الدويلات الإقطاعية والإمارات بأوربا عامة وبساحل البحر المتوسط خاصة، منذ عصر النهضة إلى أواخر القرن التاسع العاشر. إذ بعد عياء إمارة "موناكو" من التطاحن بين سلالات إيطالية، قرر أمرائها الانفصال والاستقلال عن جنوة في 1297، وظلت "موناكو" تنعم بالاستقرار وتعاقب السلالات الحاكمة على تدبير شؤون الإمارة بدون "وجع الرأس" طوال ستة قرون، إلى أن "سخن الراس" في 1848 عند نبلاء بلدة Menton وبلدة Roquebrune، وقرروا الانفصال عن "موناكو"، والانضمام إلى مملكة سردينيا، قبل أن تضم فرنسا هاتين المدينتين الصغيرتين إلى نفوذها عام 1861. وهذا ما أضعف "موناكو"، لأن المدينتين اللتين انفصلتا عنها كانتا تشكلان 80% من تراب الإمارة من جهة، تم وهذا هو الأساسي، كانت Menton و Roquebrune تمثلان السلة الغذائية والجبائية والضريبية للإمارة بحكم توافر الأراضي الفلاحية بمجالهما من جهة أخرى.
 
 
أمام هذا الوضع فكر "شارل الثالث"، أمير موناكو آنذاك، في خلق آلية لتأمين استمرار وجود الإمارة من جهة، وخلق الثروة لتوفير الموارد لتمويل النفقات العمومية من جهة ثانية، وضمان سيادة "موناكو" ضد أطماع فرنسا من جهة ثالثة. واهتدى الأمير "شارل الثالث" إلى فكرة ثورية، ألا وهي جعل "موناكو" قطب جذب للأثرياء في العالم عبر خلق "كازينو" كبير تمارس فيه كل أشكال الرهان والقمار واللعب بدون قيود وبدون سقف.
 
وفي سنة 1863، تم افتتاح أول كازينو بموناكو الذي كان مفتوحا في وجه الأغنياء للعب من الساعة الثانية زوالا إلى بزوغ الفجر.
 
وبعد تقاطر الأرباح الخيالية وبلوغ خزينة موناكو الإشباع إلى حد التخمة، قرر الأمير، إعفاء،سكان الإمارة من الضرائب، وهو القرار الذي مازال ساريا إلى اليوم، بل وتم تمطيط الامتيازات والإعفاءات على كل أجنبي يدخل للإمارة للاستثمار ، شريطة أن يسدد ربع أرباحه المحققة من المعاملات الخارجية لخزينة الإمارة، وهو ماجعل المال يتقاطر بغزارة على "موناكو" التي لم تعد تكتفي بكازينو واحد، بل وأضافت ثلاث كازينوهات كبرى إلى ترابها.
 
وما المانع أمام الأمير ألبير الثاني، "مادام العاطي مازال يعطي" لموناكو، ومادامت مداخيل أرباح الكازينوهات تسمن أرصدة الإمارة ؟!