أحمد فرحان: مسؤولية الدولة في صون أخلاقيات الإحصاء

أحمد فرحان: مسؤولية الدولة في صون أخلاقيات الإحصاء أحمد فرحان
هناك من يعتقد من التكنوقراطيين أن عملية الإحصاء هي مجرد عملية تقنية تتحدد في تعبئة خانات ووضع علامات على الاختيارات الممكنة، وإن هذه العملية لا تتطلب سوى تكوين بسيط وخبرة اعتيادية. وعليه، يمكن لكل من يمتلك مستوى معرفيا إشهاديا جامعيا أو خبرة مهنية أن يقوم بذلك.
 
قد يكون ذلك صحيحا إذا نظرنا من زاوية ضيقة جدا هو الزاوية التقنية فقط، دون أن نستحضر أن الإحصاء هو عملية إحصاء البشر وممتلكاتهم، بمعنى آخر مجال يرتبط بالإنسانيات، ولا يمكن في عصرنا هذا أن نتحدث عن البحث في الإنسانيات دون تأطير هذا البحث بالأخلاقيات التي تحفظ حقوق الإنسان وعلى رأسها كرامته.
 
وإذا عدنا إلى فترة قريبة في تاريخ المغرب، سنجد أن استعانة الدولة برجال ونساء التعليم في عملية الإحصاء، كانت الغاية منه ليس فقط قدرتهم على التحكم في الجانب التقني لتحصيل المعلومات، بل أيضا لما يتسمون به من فضائل خلقية وشيم حسنة تحفظ أسرار البيوت وتصون شرف وأعراض الناس، فالبيوت أسرار، و لن يكسب ثقة الناس إلا الذين استأنسوا بحكم ممارستهم المهنية والتربوية على حفظ أسرار البيوت. وليس غريبا أن يكون رجال ونساء التعليم أكثر اكتسابا لقيم حفظ أسرار البيوت بحكم احتكاكهم الدائم مع أبناء وبنات هاته البيوتات.
 
وإذا كانت الدولة في هذه العملية الجديدة من الإحصاء قد أشركت جميع الكفاءات من أساتذة والحاصلين على شهادات جامعية وموظفين، فإن كل هؤلاء يمتلكون من القيم الأخلاقية ما يكفي لحفظ أسرار البيوت.
 
أتمنى من الجهات المسؤولة أن تنبه في خطاباتها، وتركز في برامجها التكوينية على الجانب الأخلاقي في حفظ كرامة الناس أثناء إجراء عملية الإحصاء، وليس فقط على الجانب التقني.
 
أحمد الفرحان، أستاذ التعليم العالي، جامعة ابن طفيل