في ظل تزايد الاعتداءات الجسدية واللفظية على الأطر الصحية، تستمر المعاناة في صفوف هذه الفئة الحيوية التي تجد نفسها عالقة بين مطرقة العمل في ظروف غير مناسبة وسندان الاعتداءات المتكررة.
إذ تصاعدت حدة هذه الاعتداءات بشكل يثير القلق، حيث لم تعد تقتصر على العنف اللفظي فحسب، بل امتدت إلى استخدام الأسلحة البيضاء، مما يهدد سلامة الأطر الصحية جسديًا ويضع حياتهم على المحك.
وسلط رحال لحسيني، نائب الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للصحة، الضوء على هذا الواقع المرير، إذ أكد في تصريح لـ "أنفاس بريس" أن العنف بات جزءًا لا يتجزأ من يوميات الأطر الصحية. فقد شهدت أقسام المستعجلات بكل من الدريوش ومشرع بلقصيري (سيدي قاسم) مؤخرًا حالات من الاعتداءات التي طالت الأطر الصحية، ولم يستبعد لحسيني أن تكون هناك مناطق أخرى تعاني من نفس الظاهرة. هذا التصعيد في العنف يجعل من الضروري دق ناقوس الخطر والتنبيه إلى الوضع الخطير الذي يواجهه العاملون في القطاع الصحي.
ويرى لحسيني أن المؤسسات الصحية، رغم جهودها، قاصرة عن تلبية حاجيات وتطلعات المواطنين من جهة، وتوفير بيئة عمل آمنة للأطر الصحية من جهة أخرى. هذا العجز ليس فقط نتيجة لضغط العمل والظروف الاقتصادية، بل أيضًا نتيجة لغياب دعم حقيقي من وزارة الصحة.
فالأطر الصحية ـ يقول محاورنا ـ تُجبر على العمل في بيئات تفتقر إلى أدنى مقومات الأمان والسلامة، مما يجعلهم عرضة للاعتداءات التي يمكن أن تحدث في أي لحظة.
تؤدي هذه الظروف إلى تفاقم حالة الإحباط والاستياء لدى الأطر الصحية، التي تشعر بأنها تُعامل كمجرد أرقام في منظومة مهترئة. فحسب تصريح لحسيني، فإن الأطر الصحية اليوم تعاني من انعدام الحقوق، وانعدام المكتسبات، وغياب الكرامة، ناهيك عن افتقادها للأمان والسلامة الجسدية. هذه المشاكل تتراكم وتتفاقم، بينما تظل وزارة الصحة في موقف المتفرج، غير قادرة على اتخاذ إجراءات فعالة لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.
ما يزيد من تعقيد الوضع ـ يضيف محاورنا ـ هو أن هذه الاعتداءات لا تحدث في فراغ، بل تأتي في سياق أوسع من الأزمات التي تعاني منها المنظومة الصحية في المغرب. فنقص الموارد البشرية والمادية، والضغط المتزايد على المرافق الصحية، والبيروقراطية المعقدة، كلها عوامل تسهم في خلق بيئة غير صحية للعمل، تزيد من احتمالية وقوع مثل هذه الاعتداءات. وبالنظر إلى أن هذه الظروف تدفع بالكثيرين إلى التذمر والعصبية، يصبح من السهل أن يتحول هذا الاستياء إلى عنف موجه نحو الأطر الصحية.