حمزة شيكي: المساواة بين الإدارة والمواطن ضمانة أساسية لحماية حقوق وحريات المواطنين

حمزة شيكي: المساواة بين الإدارة والمواطن ضمانة أساسية لحماية حقوق وحريات المواطنين حمزة شيكي
إن الحديث عن مبدأ المساواة أمام القانون كمبدأ دستوري راسخ يقتضي بالضرورة تبيان تجلياته العملية، بما من شأنه أن يبعث في نفوس المتقاضين إيمانا بدولة الحق والقانون، ولما كان مجال العدالة الفضاء الأمثل لبحث مدى تكريس هذا المبدأ وإعماله بما تتحقق معه الغاية من ذلك والتي تكمن بالأساس في تحقيق أمن قانوني للمواطن، لا يستشعر معه أيما تمييز بينه وغيره من المواطنين أو بينه وبين الادارة العامة، وإن كانت هذه الأخيرة أجدر بالاعتبار من غيرها، إذ إنها تجسد بطبيعتها سلطة عامة لها رمزيتها و نفوذها وقوتها الفنية والقانونية التي لا مجال لمقارنتها بالإمكانات جد المحدودة للمواطن المستضعف أمامها في كافة الأحوال.
 
هكذا، فإن المطلع على المقتضيات القانونية المسطرية ذات الصلة بمقاضاة الإدارات العمومية يكاد يجزم بتحقق اللامساواة بين المواطن والإدارة أمام القانون في ولوج العدالة.
 
فمن جهة أولى، نجد أن المواطن ملزم بأداء الرسوم القضائية عن طلباته، وبالتمثيل بمحام أمام القضاء لاستيفاء حقوقه في مواجهة الدولة، بينما تستفيد الادارة العامة من الإعفاء من أداء الرسوم القضائية وغير ملزمة بالتمثيل بواسطة محام أمام القضاء، وهو ما يجعل تكلفة استيفاء المواطن لحقوقه باهضة مقارنة بمركزه القانوني والاقتصادي الضعيف، بينما الإدارة العامة تكاد لا تخسر شيئا يذكر، ومن تم فإن هذا الامتياز أو بالأحرى اللامساواة أمام القانون التي تحظى بها هذه الأخيرة، تكاد تعكس تشجيعا تشريعيا لها -الادارة- على انتهاك حقوق المرتفقين خصوصا والمتقاضين عموما دونما أدنى تكلفة حتى.
 
و من جهة ثانية، فإن بعض المقتضيات القانونية وما أفرزته من تمييز مسطري بين المواطن والإدارة أمام القانون من قبيل تحصين الإدارة ضد المقررات القضائية الصادرة في مواجهتها، بعدم السماح بالحجز على ممتلكاتها عند حصول امتناعها عن التنفيذ رغم الامتلاء المفترض لذمتها المالية، بات يسائل ضمير المشرع المغربي، عما هو الجدوى من استصدار المواطن لمقررات قضائية غير قابلة للتنفيذ أو بالأحرى مقررات لا طائل منها في مواجهة الإدارة، حقا إن ذلك يسيء لدولة الحق والقانون والمؤسسات التي ينبغى لها إعطاء القدوة للمواطن في الامتثال للقانون دونما الالتفاف خلف أية ذرائع قانونية أو واقعية تذكر، لأن مصلحة المواطن لن تكون أقل من مصلحة الإدارة، خاصة إذا علمنا بأن ذلك المواطن المستضعف قد يقضي دهرا عسيرا مكلفا من جميع النواحي في سبيل اقتضاء حقوقه ليتفاجأ في الأخير بصعوبة تشريعية مفتعلة لعرقلة تنفيذ ذلك المقرر القضائي.
 
هكذا، فإنه لا محيد عن المساواة بين الإدارة والمواطن في الولوج للعدالة وفق ما يقتضيه الدستور بإلزامها بضرورة التمثيل بمحام أمام القضاء بشكل أساسي وإلزامها كذلك في بعض الحالات على الأقل بأداء الرسوم القضائية، بشكل يدفع الإدارة إلى تحمل تبعات سلوكها الاداري الأرعن -أحيانا- وعقلنته بما يضمن عدم المساس بحقوق وحريات المواطنين. 
 
حمزة شيكي: محام متمرن بهيئة المحامين بالقنيطرة