تتحدى المملكة المغربية هؤلاء الحكام ويمكنها طرح سؤال الشرعية التاريخية لخارطة المغرب والجزائر أمام مراكز البحث التاريخي. ولن يجد حكام الجزائر غير الهروب أمام قوة الحجة التاريخية. يخافون من الذاكرة الفاضحة لانتمائهم وهوياتهم منذ أن خضعوا، مشتتين، للحكم العثماني، وإلى أن دخلت جيوش فرنسا قبل حوالي قرنين من الزمن. لم يحركوا ساكنًا، والكثير منهم فضل الجلوس في المقاهي غير مكترث بكتائب عسكرية تمر أمامهم.
خافوا عندما عين الرئيس الفرنسي الحالي المؤرخ بنيامين ستورا للجلوس مع نظيره الجزائري، غير المتخصص في التاريخ. يتجنب مزورو الأحداث الاحتكام إلى الوثيقة لأنها تكشف الحقيقة.
أكرر، وأنا مقتنع، الدعاء لحكام الجزائر بالعمر الطويل والاستمرار في تملك إعجاز الهذيان. لا يمكن إنكار قوة غبائهم، الذي يجب أن يدرس، في تسهيل مهام المغرب الاستراتيجية خلال العقود الماضية. قتلتهم الغيرة من مسار المغرب في تحطيم كل طموحات الهيمنة التي استبدت بعقولهم. يتذكر كل العاقلين والمتابعين خطابات "رب الجزائر"، الكابران توفيق، حول ضرورة فعل كل شيء للإضرار بمصالح المغرب، ولو كلف ذلك مليارات الدولارات. تم تسميم بومدين ناكر الجميل، وضعف من سكنهم الحقد وأعمتهم الدولارات ليوجهوا أسلحتهم نحو صدور أحرار الجزائر من شباب ونساء ومثقفين.
واستمر الحال في التدني بكل مستويات التدبير حتى أصبح العالم يتهكم على رئيس يهدد بإخراج الحجر من تحت مكتبه ليرمي به من يتصور أنهم أعداء. تبسم الرئيس بوتين باستهزاء ظاهر عندما زادت مجاملات تبون له عن المعقول.
يزداد الحمق ليرمي بالجزائر إلى بحر تدمير شعبها عبر الكذب والتهييج. تبون والعسكر يخاطبون غرائز الفئات الاجتماعية التي أصبحت تهيم شوقًا لتحقق نبؤات الرئيس في مجالات توفير الغذاء والدواء. أصبحت معتقلات تندوف، التي تعنف مواطنين صحراويين لمجرد تعبيرهم عن معارضتهم لشرذمة إبراهيم غالي، سجناً يموله نظام الكابرانات. لا يخجل هؤلاء أمام المجتمع الدولي. فقد أخبرتهم الحكومة اليابانية أن صنيعتهم البوليساريو غير مقبولة في اجتماع تيكاد. ناوروا وغشوا وافتضح أمرهم.
ظلوا أوفياء للفكر القمعي، الممارس على الشعب الجزائري. وبهذا، وبدون شهامة المواجهة، ينقض وحش بليد على دبلوماسي رشيد، ليسجل العالم وكل وسائل الإعلام همجية دبلوماسي جزائري. لو كان هذا الشخص رجلاً لما هاجم من الخلف. ولا يمكن في واقع الأمر أن تثني مسؤولاً جزائرياً عن أسلوب الغدر.
تم الهجوم على زعماء الثورة الحقيقيين من وراء ظهورهم لكي يصعد إلى الحكم من كانوا يسدون خدمات العار للمستعمر. وليتذكر شباب الجزائر أن الرئيس الراحل بوضياف قتل برصاص الكابرانات من الخلف. وتبين بعض تعليقات الكراغلة أن الدب الدبلوماسي المزور قد يصبح "بطلاً" من ورق لمجرد قيامه بفعل تستحيي الحيوانات غير الأليفة من ارتكابه.
المجد للشهداء الذين لم يتجاوز عددهم 400 ألف، والخزي لمن زوّر التاريخ ورفع العدد إلى مليون ونصف وإلى أكثر من ستة ملايين. يجب أن يعلم كل عدو للوحدة الترابية للمغرب أن مدن الصحراء أصبحت أكبر وأجمل وأرقى من كثير من مدن الجزائر، بما فيها العاصمة.