عادت الجزائر للمرة ثانية إلى عملها الديبلوماسي "الصبياني" بعد سنتين من واقعة تونس 2022، وهذه المرة في الجولة التاسعة بطوكيو 2024، معيدة الكرة مستعملة أسلوبا آخرا لإقحام كيان وهمي "البوليساريو" والذي لا تعترف به الأمم المتحدة، والدول العربية، والكثير من دول الاتحاد الإفريقي، وجل دول الاتحاد الأوروبي، وأيضا اليابان التي شدّد وفدها في المؤتمر على أن حضور أي كيان لا تعترف به اليابان كدولة ذات سيادة في إجتماعات تيكاد 8، بما في ذلك إجتماع كبار المسؤولين واجتماع القمة، لا يؤثر على موقف اليابان فيما يتعلق بوضع هذا الكيان.
إلا أن ما حدث في العاصمة اليابانية يكشف خبث حكام الجزائر، رغم ما كشف عنه الفيديو المصور، إلا أن صحيفة الشروق الجزائرية لم "تستحيي" وذهبت إلى التبشير بهذه الواقعة غير الواقعية بقولها أن الوفد المغربي حاول الإعتداء جسديا على الوفد الصحراوي، وهو التصرف الذي تحوّل إلى فضيحة في العاصمة اليابانية.
كل هذا، الغاية منه هو سعي الوفد الجزائري للتحايل على مشهد الإجتماع لـ "غرس" يافطة "الجمهورية الصحرواية" على طاولة الإجتماع من طرف أحد عناصر قيادة الجبهة الذي دخل الى القاعة باسم الوفد الجزائري، قبل بدء الجلسة، لتحاول وزارة الخارجية الجزائرية، إثارة إنتباه المجتمعين مرة أخرى كما حدث في اجتماع تونس قبل عامين، متمسّكة بعنادها وانفعالها، معتبرة الأمر بأنه تحدي لإرادة اليابان وقرار الاتحاد الأفريقي، وتتعامل بمنطق الفوقية ومحاولة فرض الأمر الواقع على دولة أسيوية ذات سيادة، ومنظمة إقليمية لها ضوابط العضوية وشروط التمثيل في المؤتمرات الدولية.
كشفت واقعة طوكيو حقيقة الديبلوماسية الجزائرية واستخباراتها لأن بروتوكولات المؤتمرات الدولية لا تجدي فيها مسألة التحايل، في اللحظة الأخيرة من بدء المؤتمر، والمتعارف عليه في أي مؤتمر دولي تتم ترتيب القاعة مسبقا ويتم الاتفاق على كل التفاصيل مع الوفود المشاركة، لكن الجزائر خرقت "البروتوكول" المتفق عليه وساعدت على التسلل لأحد المقاعد الخاصة بالتمثيل الدول حسب الترتيب الأبجدي.
لكن ما حدث داخل القاعة التي تحولت الى حلبة صراع نتج عنها وقوع بعض المشاركين على الأرض لم ينل من سمعة اليابانية ومستوى تنظيم المؤتمر، بل وضع الدبلوماسية الجزائرية في خانة الانفعال الحقيقي والتعنت، بعد ما خسرت سياستها الخارجية بالإتحاد الأفريقي الذي أصدر قرار يمنع جبهة البوليساريو حضور أي إجتماع دولي، لتنضاف إلى خسارتها ماحدث باجتماع طوكيو إلى جلسات مجلس الأمن.
هذا السلوك الذي خلقته الجزائر باليابان وسع النقاش بين فيئة واسعة من متتبعي بقضية الصحراء حيث أجمع جلهم بأن الجزائر تمسكت منذ 1975 بأنها ليست طرفا في الصراع بين البوليساريو والمغرب، كما أدارت ظهرها لدعوات الأمم المتحدة للمشاركة في مفاوضات، كما أوصت قرارات مجلس الأمن خاصة في السنوات الأربع الماضية. لكن ما قام به الوفد الجزائري، باليابان تم توثيقه، الأمر الذي كشف كيف تم التحايل لإخراج بطاقة هوية أحد الدبلوماسيين الجزائريين إلى ممثل البوليساريو عند إلتقاط الصورة التذكارية الجماعية في إجتماع طوكيو، لا يدع مجالا للشك لدى الرأي العام العالمي، أن الجزائر هي الوصية على الجبهة والراعي الدبلوماسي، ومصدر الدعم المالي والسياسي لهذا الكيان الوهمي.