من المتوقع أن تصل مصاريف السفر خارج المغرب إلى حوالي 30 مليار درهم بنهاية عام 2024، بينما كانت هذه المصاريف حوالي 19.3 مليار درهم في عام 2022. يعكس هذا التطور زيادة ملحوظة في تكاليف السياحة الدينية والشاطئية خارج البلاد، بالإضافة إلى تضخم أسعار السياحة الداخلية وتدهور جودة خدماتها. ومع ذلك، تستمر التقارير الحكومية في عرض التدابير المؤسسية والتمويلية دون تقديم تقييم حقيقي لتأثير هذه التدابير على تمكين المواطنين من الوصول إلى خدمات سياحية بأسعار تتناسب مع دخولهم. كما تظل الرقابة على جودة الخدمات شبه غائبة في هذا القطاع الحيوي لسوق العمل ولتوفير العملة الصعبة.
يتذكر المغاربة، الذين يحبون السفر داخل وطنهم، تلك الشعارات التي رفعتها وزارة السياحة سابقاً لتشجيع السياحة الداخلية. أُعلن عن برنامج "كنوز" لتشجيع المغاربة على الإقامة في فنادق بلادهم دون الإضرار بميزانياتهم، حيث تم تخفيض الأسعار بحوالي 25% ابتداءً من الليلة الثانية. ولكن هذا الحلم لم يدم طويلاً، وعادت الأسعار في فنادق شمال المغرب وجنوبه لتستثني الطبقة الوسطى من قوائم زبائنها. ورغم التصريحات حول تراجع أسعار كراء الشقق في مدن الشمال، إلا أن النصف الثاني من شهر يوليوز شهد ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، حيث تجاوزت أسعار الكراء 1000 درهم لليلة، وهو مبلغ قريب من راتب شهر لموظف أو عامل معفي من الضريبة على الدخل.
كان هناك فندق يعود إلى بداية طفرة بناء المركبات السكنية السياحية بين مدينة مارتيل والفنيدق. كان هذا الفندق، القريب من ميناء ترفيهي، يعدّ وجهة مميزة في نهاية السبعينيات بأسعاره وخدماته الجيدة. ومع مرور الزمن، رحل مؤسس هذا الفندق عن الحياة، ورحلت معه سمعة الفندق وثقافة الخدمة التي كان يجسدها من خلال تجربته السياسية والثقافية والفنية. أصبح سعر غرفة عادية مع فطور متواضع في هذا الفندق يتجاوز 2700 درهم لليلة الواحدة، بينما كان هذا المكان يعتبر تحفة فنية من حيث دمج المعمار بجمال الطبيعة المحيطة به. تغيرت الأمور، وأصبحت خدمات الفندق متدهورة بشكل لا يصدق مقارنةً بالسعر المعلن على المواقع العالمية. يومياً تقريبًا، يحتج المصطافون على نوعية الطعام، والأفرشة، و"الفوطات"، وسوء معاملة الزبائن. يبدو أن إدارة هذه المنشأة السياحية الشهيرة قد تخلت عن ثقافة إدارة الفنادق وقواعد المهنة، وأصبحت تسيء إلى الزبائن الذين يدفعون يوميًا 2700 درهم للإقامة في فندق لا يستحق أكثر من نجمتين. ووصل الأمر بمدير الفندق إلى توبيخ المصطافين المحتجين بلغة غير لائقة، مما يعكس غياب الرقابة التي كانت تشكل رادعًا لمديري الفنادق في الماضي.
كان الراحل مولاي أحمد العلوي، وزير السياحة السابق، حريصًا على مراقبة المؤسسات الفندقية، وكان من بين الإجراءات التأديبية التي يتخذها سحب نجمة أو نجمتين من فندق لتحسين نوعية الخدمات. ولكن مع غياب المراقبة، تفاقم حجم القطاع السياحي غير المهيكل، خصوصًا في الشقق و"الرياضات"، حيث يمارس البعض التهرب الضريبي. العديد من الأجانب يقضون جل شهور السنة في استقبال أصدقائهم "مجانًا"، بينما تنتفخ حساباتهم البنكية في بلدانهم. ينبغي تتبع نشاطهم السياحي بطرق متاحة لضبط معاملاتهم الحقيقية. كما يجب دراسة تأثير أسعار السياحة الداخلية على القدرة الشرائية للمغاربة المقيمين بالخارج. أصبح الشاطئ في كثير من المناطق شبه ملكية خاصة لبعض الأفراد الذين يسيطرون على مساحات واسعة من المناطق المخصصة للجميع. ويتفنن المسؤولون عن تصميمات التهيئة في تخصيص أجمل الشواطئ لقلة من المواطنين. لا يوجد دعم حقيقي لبناء مجمعات سكنية بالقرب من الشواطئ للمواطنين العاديين، في حين تهيمن الفيلات الكبرى على هذه المناطق. وفي بعض الأحيان، يتمكن بعض النافذين من استغلال الشواطئ بشكل غير قانوني، تحت غطاء تراخيص ممنوحة من قبل رؤساء المجالس الترابية.
تجد الطبقة الوسطى المغربية راحتها في شواطئ جنوب إسبانيا والبرتغال، حيث تزداد أعداد الأسر المغربية التي تتوجه إلى هذه المناطق بسبب تكلفة السفر والعطلة هناك، بالإضافة إلى غياب مظاهر الفوضى وقلة النظافة التي تشهدها بعض الشواطئ المغربية. وهذا ما ينعكس في زيادة مصاريف السفر خارج البلاد، حيث بلغت حوالي 24 مليار درهم في سنة 2023، مقارنة بـ19.3 مليار درهم في سنة 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 30 مليار درهم مع نهاية العام.
ومع ذلك، لا تزال الحكومة تتحدث عن الإجراءات المتخذة دون تقديم معلومات مفيدة حول تأثيرها على المواطن.