مما لا شك فيه ان وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، باعتبارها المسؤولة السياسية الأولى على قطاع السياحة ببلادنا في كل تجلياته ومظاهره ، فهي الآن (كتضرب السداسي في الخماسي ) لتحل المعادلة الصعبة التي وجدت نفسها فيها بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش والذي كان خطابا واضحا .
وبالتالي فلا تهاون مع عقلنة استعمال الماء ،فقد أصبحت الندرة معطى ثابت والأزمة الحالية لم يعرفها المغرب في تاريخه المعاصر فهي ترهن كذلك مستقبله ،ليس التنموي فحسب .بل الوجودي حتى .وهذا ليس مجازا لغويا ولا شعارا استهلاكيا .
فالوزيرة مطالبة اذن بتحقيق ما التزمت به الحكومة ،من رفع لعدد السياح ليصل سبعة عشر مليون زيادة في سنة 2026 .
فالقطاع هام واستراتيجي ويساهم الآن ب 8% من الناتج الداخلي الخام ويمنح بشكل مباشر ما يناهز ستة مئة ألف منصب شغل ،وأول قطاع مصدر من حيث عائداته بالعملة الصعبة ،بحيث عندما ستحقق الوزيرة أهدافها عدديا وتستضيف 26 مليون سائح ، ستبلغ انذاك المداخيل إلى 150 مليار درهم صافية .
وفي المقابل فهي ملزمة الآن بإعلان استراتيجيتها العامة وبرامجها للمحافظة على الماء باعتباره ثروة وطنية ، كلنا مؤتمنين عليها حفاظا على حقوق الأجيال القادمة ، خاصة وان مرحلة عطلة واستجمام السياح في العالم بأسره هي مرحلة استهلاك للماء بجميع صوره وبامتياز ،ان لم اقل مناسبة لتبدير الماء .إلا من رحم ربك .خاصة وان السائح يكون خارج بلده وفي غالب الأحيان من أروبا وروسيا وأمريكا حيت ليست لهم نفس الهواجس والهموم .
ما اعتقد ان مدام عمور ستركن في مكتبها لتندب حضها الذي وضعها في هذا المأزق ،بل أتخيلها أنها منهمكة الآن لتحويل هذة الأزمة الخطية من مأزق إلى فرصة لانطلاقة جديدة . لكن السؤال الذي ينتصب شامخا ،هل بنفس الإجراءات القديمة ؟والتي رغم بساطتها فهي غير مفعلة لمحدودية آليات المتابعة .فالحديث عن اقتصاد الماء كان ولازل جزء من الحديث عن (السياحة المسؤولة ) كتيمة لتنشيط بعض اللقاءات الدولية فقط ،في الفنادق والصالونات الأكثر استهلاكا لهذة المادة النادرة .
وهل ستعمل الوزارة بنفس الوثيرة السابقة بدون تغيير للإيقاع (ولي بغا يربح العام طويل ).؟
لايمكن التغافل عن المجهود السابق الذي انتقلت فيه الفنادق مثلا من إلزامية وجود الحوض baignoire بالغرف بالنسبة للفنادق المصنفة قبل 2006 إلى حصر وجود ها في 20% فقط من الغرف خاصة .وان عدد الوحدات الفندقية في ارتفاع مسترسل فهناك اكثر من 4000 وحدة فندقية .اظافة إلى إجراءات أخرى ،وان كانت بسيطة .
لكن هل يستطيع الفاعل العمومي بالأساس ان يقدم ارقاما في هذا المجال عن حجم اثر هذه الإجراءات على استهلاك الماء؟
يقول الفاعلون الخواص في القطاع السياحي ان كل سائح مقيم في وحدة فندقية من ثلاث نجوم يستهلك 150 ليتر من الماء يوميا .والسائح المقيم بوحدة من خمس نجوم ،يستهلك 300 ليتر يوميا .
ورغم ان هذه الأرقام لا يسندها الباحثون والخبراء الذين يتحدثون عن 300 و700 ليتر يوميا . فلكم ان تتخيلوا ما هو حجم استهلاك الماء يوميا ؟
قطاع السياحة بالمغرب ،ملزم الآن قبل الغد ،ان يقدم للرأي العام ولاصحاب القرار قبل ذلك وللبرلمان ماهو اثر الاستراتيجية السياحية الحالية على الثروة المائية الوطنية ،على ضوء التحذير الملكي ؟
ولعل هذا من مهمة البرلمان الذي لم تعد مهمته التشريع ومراقبة العمل الحكومي فقط بل البرلمان هو المسؤول السياسي عن تقييم السياسات العمومية . وبالتالي على البرلمان كلما عرضت أمامه قبليا للموافقة والاعتماد او بعديا للتقييم ،عليه ان يظيف مقياسا تابتا هو الأثر على الثروة المائية .كما ان بعض مؤسسات الحكامة بدورها والتي أوكل لها المشرع مهمة المراقبة لايجب ان تبقى رهينة تقييم التدبير المالي فحسب فتقييم التدبير المائي لا يقل أهمية .
أكيد ان بلدنا واقتصادنا في حاجة إلى العملة الصعبة وشبابنا محتاجون إلى فرص الشغل لكن المغاربة قبل هذا وذاك محتاجين إلى الحياة .