ما الذي يمنع المغرب من شراء طائرة إطفاء الحرائق من نوع Canadair أو Dash أو Tracker أو Beechcraft، والتي لا يتجاوز ثمن الواحدة منها في أقصى الحالات 25 مليون دولار( أي 25 مليار سنتيم)، وهو مبلغ حقير جدا مقارنة مع تاريخ الأمة المغربية ومقارنة مع رهان الحفاظ على الموروث المادي واللامادي بالواحات، ومقارنة مع التحويلات الضخمة من العملة الصعبة لمغاربة العالم كل سنة للخزينة العامة، علما أن الأغلبية الكاسحة من مغاربة العالم ينحدرون من حدود فكيك إلى تخوم تنغير وكلميمة والنيف؟
ما الذي يمنع المغرب من شراء طائرات من نوع "درون" Drones للاستطلاع والرصد بكل الواحات المغربية؟
ما الذي يمنع المغرب من تقسيم الشريط الواحي إلى قاعدتين إطفائتين للتدخل: "واحدة بزاكورة أو بطاطا، والقاعدة الثانية بالراشيدية أو بأرفود"، وتجهيز كل قاعدة بطائرتين أو ثلاث طائرات مضادة للحرائق مع باقي المعدات والموارد البشرية المختصة في مواجهة الحرائق، خاصة وأن طائرة إطفاء الحرائق تقطع مسافة 560 كلم في أقل من ساعة محملة ب 6 أطنان من الماء بالنسبة لماركة canadair و10 أطنان من الماء إن كانت الطائرة من نوع Dash ؟
شخصيا لا أعترف بالتقطيع الجهوي الحالي الذي يدمج طاطا ضمن نفوذ جهة سوس. فأنا كنت وما زلت، من الذين يترافعون من أجل إدماج إقليم طاطا في الشريط الواحي بالنظر لخصوصية الإقليم. ليس فقط لكونه إقليما حدوديا مع الجزائر فقط، بل لكونه إقليما تغطي الواحات القسم الأكبر من ترابه، مما يفرض منطقيا أن يدمج في جهة درعة تافيلالت.
ولهذا أعتبر دوما أن طاطا ينبغي أن تدمج مع الفضاء الواحي، لكي تتوفر لدى صناع القرار مركزيا وجهويا رؤية مجالية واحدة لتطويق نقط العلة وترصيد نقط القوة بالشريط الواحي ككل، انطلاقا من فكيك إلى أسا مرورا بزاكورة وأرفود وكرامة ومحاميد الغزلان.
وهاهي الحرائق التي تناسلت منذ سنة، والتي تلتهم اليوم واحات طاطا، تزكي وجاهة هذا المطلب. بدليل أنه من أصل 2230 حريقا بالواحات تم تسجيل 1853 حريقا بجهة درعة تافيلالت لوحدها، أي ما يشكل 83% من مجموع الحرائق. وهذا الرقم لوحده ينهض كمبرر كاف لمحاكمة المسؤولين عن سبب رفض تزويد الواحات بطائرات مضادة "للعافية".
من العار، وقد مرت 15 سنة على إحداث الوكالة الوطنية لتنمية الواحات، أن يبقى المغرب يواجه حرائق الواحات بطريقة جد متخلفة وبدائية.
من العار أن كل صناع القرار المركزي والجهوي درسوا بأوربا أوأمريكا أوكندا، ولم يقلدوا هاته الدول إلا في التفاهات( اقتناء السيارات الفارهة والسيكار و"التبوزيق الخاوي")، في الوقت الذي كان عليهم أن ينقلوا للمغرب تجارب كندا وأمريكا وفرنسا وألمانيا في كيفية مواجهة حرائق الغابة والواحة، وفي تثمين موروثنا الذي ينذر أن يوجد له مثيل بباقي العالم.
من العار أن تتسابق الدول على تسجيل موروثها المادي واللامادي في قائمة ثراث الإنسانية لدى اليونيسكو، ونحن بالمغرب حبانا الله بأجمل وأعظم هبة ربانية بالواحات، لم نتلكأ ونهمل تسجيلها باليونيسكو وحسب، بل نحرص على تخريب الواحات بسبب تقاعس المسؤولين وغياب أي إرادة لديهم لوضع قطيعة مع مسلسل إبادة الواحات.