المشهد الثاني: كنوز القلعة المسروقة:
لقد كانت قلعة السراغنة معقل قياد السلاطنة العلويين والذين كانوا غالبا ما يتخذونها مقاما مؤقتا من أجل الاستراحة من متاعب السفر ما بين مراكش وفاس ومن بينهم السلطان مولاي سليمان.
كانت لها مآثار أخرى غير سور القلعة الراشية الذي تم إعدامه بداية الستينات من القرن الماضي ومن بينها دار الزليج التي كانت بمثابة إقامة أحد قياد السلطان مولاي سليمان وأيضاً بمثابة قصر السلطان مولاي اسليمان حيث كان يقيم فيها في إطار الحركات التي كان يقوم بين فاس ومراكش.
وهي دار كانت تتميز بأنواع الفسيفساء والزليج التي تم جلبها من مدينة فاس. وقد ورد وصفها في مؤلف “قلعة السراغنة.. جوانب مدينة في تحول" للدكتور عبد الكريم حفار. فهي الدار التي تم إعدامها في بداية السبعينات حينما فوتتها الأملاك المخزنية لبعض أعيان المدينة والذين سيبيعونها لوزارة الصحة من أجل توسيع مستشفى السلامة. هي الدار التي كانت تتميز بهندسة معمارية متميزة على غرار دور المخزن بمراكش وفاس.
بعدها تم اكتشاف كنوز أخرى بـ" شارع ابن خلدون"،" الباب المحروگ" من طرف عمال مقاولة بن شليخة أثناء حفر الواد الحار في الثمانينات وهي أيضاً من العملات القديمة و قطع من الذهب استولت عليها الأملاك المخزنية، هي مآثار تؤكد بأن مدينة قلعة السراغنة تعود نشأتها إلى قرون مضت وليست مدينة بدون تاريخ كما يريد خصومها حتى تظل مجرد تجمع سكاني مختلط من قبائل متعددة الأصول.
ومن المعالم التاريخية التي تم إعدامها نذكر منها منزه القلعة الرَّاشْيَة "الذي بُني في النصف الأول من القرن 19 من طرف القايد أحمد الذي كان ثريا، وكان مجهزا بناعورة للماء يأتي ماؤها من الساقية لملء الصهاريج وسقي البساتين" حسب الدكتور حفار.
وفي نفس السباق تم إعدام باب الناعورة التي كانت تشكل معلمة تاريخية وموضع حكايات عن طريقة جلب الماء من أجل تزويد الساكنة بالماء. أما ما تم ويتم إعدامه من أشجار الزيتون وأشجار الصفصاف والكاليتوس ومن أشجار نادرة كشجرات العذراء الباكية (saules pleureurs) وفو بويفرييه (faux poivrier) وأشجار الخروب بالإضافة وأشجار التوت إلى جانب السواقي التي كانت تخترق أحياء المدينة لتحافظ على الأشجار والمغروسات، والتي لم يبقى منها أثر.
إن إعدام مآثر مدينة قلعة السراغنة وسرقة كنوزها لن ينال من تاريخها السياسي والاجتماعي والثقافي والاستراتيجي منذ القرن الحادي عشر ميلادي.