أكد الدكتور عبد العزيز حنون، طبيب اختصاصي في الصحة العامة وتدبير الصحة وباحث في التواصل، أن انتشار الحصبة (بوحمرون) في بعض الجهات بالمغرب هو حقيقة، لكنه يتفاوت حسب نسبة تلقيح الأطفال في كل منطقة. فالمدن والمناطق التي حافظت على نسبة عالية من التلقيح تسجل حالات قليلة مقارنة مع المناطق التي تكون فيها تغطية التلقيح ضعيفة.
وأوضح الدكتور حنون أن الحل الحقيقي يكمن في الانخراط المسؤول للمجتمع في إنجاح الحملة الوطنية الاستدراكية للتلقيح ضد الحصبة (بوحمرون) وغيرها من الأمراض المستهدفة في البرنامج الوطني للتلقيح، مثل السعال الديكي، السل، الدفتيريا، التيتانوس، التهاب السحايا، التهاب الكبد الفيروسي ب، وشلل الأطفال. جميع هذه الأمراض خطيرة ومميتة، أو قد تترك آثاراً على صحة الأجيال مدى الحياة.
واعتبر الدكتور حنون في تصريح لـ"أنفاس بريس" أن استدراك من فاته التلقيح والالتزام بمواعيد التلقيح لجميع الولادات هو صمام الأمان، وإلا فعلينا أن ننتظر الأسوأ. وشدد على ضرورة رفع مستويات التلقيح إلى ما كانت عليه قبل جائحة كوفيد-19، والتي أثرت سلباً على الخدمات الصحية الوقائية وغيرت من تصور الناس حول أهمية التلقيح. وقد تأثر الكثيرون بالهجوم على لقاح كوفيد-19 في وسائل الإعلام الرقمي، مما أدى إلى انتشار الخوف من جميع اللقاحات، وخاصة لقاحات الأطفال.
وأشار الدكتور حنون إلى أن هذا الوضع يستدعي دراسات اجتماعية أكثر دقة لمعرفة الأسباب الحقيقية لانخفاض نسب التلقيح في بعض المناطق، رغم توافر الخدمات. ونتيجة لذلك، تأثرت معدلات التغطية بالتلقيح في العديد من أقاليم المملكة، ولم تعد تصل إلى المستوى المطلوب الذي كان يناهز 95% من أطفال المغرب قبل الجائحة، وهي النسبة التي تتيح مناعة شخصية للطفل وجماعية للمجتمع. اليوم هناك تفاوت في نسبة التلقيح بين الجهات، ولا يوجد حل سوى الاستدراك ليس فقط في الحصبة، بل في جميع الأمراض المذكورة التي يتوجب التلقيح ضدها.
ويرى الدكتور حنون إلى أن الدورة الوبائية لهذه الأمراض المعدية، التي يحمي منها التلقيح الأطفال ويكسبهم مناعة ضدها، لا ترحم في حال ترك الأمور على حالها، ولن تستثني أحداً في حال عدم التلقيح. وأكد على أهمية مراقبة بقية الأمراض إلى جانب الحصبة، مثل شلل الأطفال الذي ما زال تحت السيطرة، ولكن إذا ما انتشر فإنه سيسبب وفيات وإعاقات مستديمة.
وشدد الطبيب الاختصاصي في الصحة العامة وتدبير الصحة على ضرورة تحمل الجميع المسؤولية في تلقيح الأطفال بشكل كامل، والتحلي باليقظة حتى تعود الأمور إلى سابق عهدها من حماية الطفولة. وأضاف أن من يهاجم التلقيح يجب أن يتقي الله في الناس ويعلم أنه يقوم بشيء خطير، سواء علم بذلك أم لم يعلم، ولا ينبغي التأثر بالدعايات الجاهلة التي لا علاقة لها بالعلم والمعرفة.
وبالتالي، تقع على عاتق كافة الأسر، وخاصة الآباء والأمهات، مسؤولية مراجعة الدفاتر الصحية لأطفالهم في المراكز الصحية للتأكد من حصولهم على الجرعات اللازمة للوقاية من الحصبة، التي شهدت مؤخراً انتشاراً متفاوتاً بين المناطق، ومتابعة التلقيحات الأخرى لتجنب أي هجمات وبائية محتملة لأمراض أخرى.