الدكتور بونهير بومهدي: القصة الرائعة لأول أطباء الأشعة في التاريخ

الدكتور بونهير بومهدي: القصة الرائعة لأول أطباء الأشعة في التاريخ الدكتور بونهير بومهدي
يقدم طبيب الأشعة المغربي الدكتور بونهير بومهدي، تحية وتكريماً لأحد أسلافه الألمان - مهنيا- بعد قرن وربع ( 1895-2024).. هذه قصة خيالية مستوحاة من أحداث حقيقية.
 
في خريف عام 1895 المظلم، كانت مدينة فورتسبورغ في ألمانيا غارقة في ظلام يوحي بالالغاز، سادت المدينة ظلمة كثيفة، ولكن في قلب هذا الظلام، كان ضوء طفيف على وشك أن يولد، مقدر له أن يخترق عتمة الطب.
 
في تلك الليلة، في مختبر معزول، وقف البروفيسور فيلهلم رونتجن، الرجل الذي كانت بصيرته تضاهي إشراق البرق، أمام لغز أعمق من ذلك الذي اعتاد استكشافه.
 
ساد الهدوء، مع اختراق صوت تململ الآلات الكهرومغناطيسية، تلك الأدوات التي كانت مألوفة وغامضة في آن واحد والتي كانت تحيط برونتجن.
 
لقد قضى شهوراً وهو يلعب مع الأنابيب الكاثودية، تلك الآليات التي بدت وكأنها تتحدى قوانين الطبيعة.
 
في تلك الليلة، لم يكن يبحث سوى عن تعميق فهمه لظاهرة كهرومغناطيسية. ومع ذلك، كانت الأقدار تحمل خطة أخرى.
 
قام بتعديل أنبوب كروكس، وهو من أوائل الأنابيب التجريبية التي تعتمد على التفريغ الكهربائي، في زاوية نائية، بعيداً عن الأنظار.
 
امتلأت الغرفة بضوء متلألئ، يلقي بظلال راقصة على الجدران.
 
ومع ذلك، كان هناك يحس بشيء غريب سيحدث.
 
غطى البروفيسور، الذي كان دقيقا ومنهجياً، الأنبوب ببطاقة سميكة، متوقعاً أن يحل الظلام مجدداً.
لكن، ضوءاً قائماً، غريباً ومستمراً، بقي على شاشة مغطاة بالبلاتين-سيانيد الباريوم الموجودة بالقرب من هناك.
 
توقف رونتجن، العالم، محدقاً في هذا الضوء الذي لم يبدو أنه يتبع أيا من القواعد المعروفة.
 
تزايد لديه الغموض.
عندما وضع يده بين الأنبوب والشاشة، ظهرت رؤية خارقة: صورة طيفية لهياكله العظمية، عظامه ممدودة كظل طيفي ضد الضوء.
 
كانت كرؤية جاءت من عالم آخر، مشهداً يليق بالقصص الخيالية التي كانت تشغل عقول العصر.
 
في اليوم التالي، حبس رونتجن نفسه في مختبره.
كانت الأجواء مشحونة، كما قبل نذير الحسم.
 
دوّن كل تفصيل، وكل ملاحظة، عازماً على فهم هذه الظاهرة التي كانت تتحدى الخيال.
 
لم يكن بالإمكان تجاهل هذا الضوء الغامض، فقد كان يمثل شيئاً عظيماً، هائلاً. كان يعرف ذلك.
 
مرت الأيام، محكومة بصمت سر محتفظ به بشدة.
رونتجن، بطبعه المنعزل، لم يتحدث إلى أحد، حتى إلى زوجته.
لكن يتوجب فهم و كشف هذا السر الثمين قبل أن يتم الإفصاح عنه عند آخرين.
 
في إحدى الأمسيات، بينما كان التوتر في ذروته، دخلت زوجته "آنا" إلى المختبر.
 
فجذبها هذا الضوء الغريب، فتوقفت.
طلب منها "فيلهلم" بهدوء أن تضع يدها على لوح تصويري.
عندما قام بتطوير الصورة، انفجرت الحقيقة أخيراً: عظام يد "آنا" الرقيقة، محاطة بظل باهت لخاتم زواجها. تم طبع العالم الصورة إلى الأبد.
 
تراجعت "آنا"، عيناها متسعتان، وصوتها يرتجف: "فيلهلم، ماذا فعلت؟"
لكن "رونتجن" نفسه لم تكن لديه كل الإجابات بعد.
 
"لا أعلم بعد، "آنا",ولكن يبدو أنني توصلت لطريقة لرؤية داخل الأجسام البشرية..."
 
كانت هذا الاكتشاف، المفاجئة كاعتراف في اللحظة الأخيرة كما يطرأ في روايات الجريمة والرعب. لكنه كان حقيقة اكتشاف سيغير الطب.
 
كانت هذه الأشعة السينية، التي أطلق عليها "رونتجن" اسم" X" وهو لا يزال في حيرة، ستفتح نافذة على غير المرئي، مانحة الأطباء قدرة تشخيصية غير مسبوقة.
 
انتشرت الأخبار بسرعة حول العالم، كإشاعة خطيرة ولا تقاوم.
 
ومع ذلك، حتى في قمة مجده، بقي "رونتجن" شخصية غامضة، واعياً بالأسئلة الأخلاقية والمخاطر المحتملة التي قد تتولد من جراء إكتشافه.
 
لم يكن هذا مجرد ثورة طبية، بل بداية عصر جديد، حيث استُكشف أخيراً أسرار الجسم البشري.
 
في تلك الليلة من خريف 1895، بينما كان "فيلهلم رونتجن" يسعى لحل لغز علمي بسيط، فتح الباب لأحد أعظم الألغاز الطبية على مر العصور.
 
كانت اكتشافاته، التي ولدت في ظلام مختبر ألماني، ستنير مستقبل الطب، وتضع "رونتجن" في التاريخ ليس فقط كمبتكر، بل كأول طبيب أشعة، الذي، كالمحقق اللامع، فكّ لغزاً غير مجرى البشرية.