سجل النقيب علال البصراوي، أن خروج رئيس مجلس النواب للتواصل في هذا الموضوع أو غيره، هو أمر محمود وإيجابي ولا يمكن النظر إليه إلا بكل تقدير واحترام.
وكان رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، قال في برنامج إذاعي، أنه سيقوم بإحالة مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الذي أثار الجدل وخلق احتقانا لدى مختلف الفاعلين بقطاع العدل، على المحكمة الدستورية.
وفي تصريح خاص بجريدة "أنفاس بريس"، أبدى النقيب السابق لهيئة المحامين بخريبكة خمس ملاحظات على تصريح رئيس مجلس النواب، وهي:
* الملاحظة الأولى:
أن هذا المسؤول بالضبط مقل في الخروج للإعلام والتواصل ومع ذلك خرج وفي عز الصيف والعطلة، وهو الرجل الثالث في الهرم المؤسساتي للدولة.
ويجب التأكيد من جهة أخرى، على أنه لم يخرج إلا بعد أن صوت مجلس النواب على المشروع؛ وبعد الوقفة الاحتجاجية للمحامين أمام مقر البرلمان، واستعدادهم لمحطات أخرى.
* الملاحظة الثانية:
أنه من المستغرب جدا قوله أن المحامين لم يتقدموا بأية تعديلات أو آراء مكتوبة! والحال أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب تقدمت بمذكرة مكتوبة في الولايتين السابقة والحالية، وأن عشرات المقالات والدراسات نشرت، وأن عشرات الندوات نظمت بحضور مسؤولين حكوميين وبرلمانيين، بل ونظمت داخل البرلمان وحضرها أطر هذه المؤسسات، الذين كانوا يسجلون المقترحات: وإلا فما فائدة هذه اللقاءات والاجتماعات والندوات إذا كان الصوت لا يصل إلى الطرف الآخر؟ ربما لذلك احتاج المحامون لمكبرات الصوت.
* الملاحظة الثالثة:
قال رئيس المجلس أنه سيحيل المشروع بعد المصادقة على المحكمة الدستورية في إطار الفصل 132 من الدستور، وهو ما يجعلنا نتساءل:
- كيف له كبرلماني وكرئيس وكمسؤول في فريق حزبه وفي الاغلبية، أن يصوت على المشروع بالإيجاب ودون تحفظ بل وبتصدي لكل مقترحات التعديل ويأتي في الأخير ليحيله على المحكمة الدستورية بشبهة عدم دستوريته؟
- هل يبقى له الاختصاص لممارسة الإحالة المشار إليها بعد أن يصوت مجلس المستشارين على المشروع دون تعديل؟ مع الإشارة سياسيا إلى أن نفس الأغلبية موجودة بالمجلس الثاني.
- ألا يمكن اعتبار هذا التصريح مجرد استباق ومحاولة إعلامية لسحب البساط من المعارضة التي هي صاحبة الصفة في الطعن، ما دامت هي من اعتبر منذ البدء أن بعض مقتضيات المشروع غير دستورية؟
* الملاحظة الرابعة:
ماذا يعني خروج مسؤولين سياسيين في نفس الأغلبية الحكومية في نفس الأسبوع، وأحد يفتح باب الحوار، بل ويقول إنه سيحيل المشروع على المحكمة الدستورية لثبت في دستوريته، والآخر (وزير العدل) يعتبر كل هذا النقاش مجرد تأويلات و"تشكيك في دستورية المشروع.. وتسفيه لعمل المؤسسات.. وممارسة وصاية على ممثلي الأمة.. وفئوية ضيقة"؟
الملاحظة الخامسة والأهم:
أن خروج رئيس مجلس النواب في تصريحه المذكور، سواء كان معبرا عن المؤسسة التي يرأسها فقط أم يدخل في إطار تدبير أهم وأكبر، وبتعبيره عن إمكانية الحوار، لا يمكننا إلا ان نرحب به ونثمنه. لكن المحامين يعلمون جيدا أن الأمر كله بقدر ما هو متوقف على إرادة الدولة، فهو متوقف أيضا على استعدادهم للدفاع عن مقترحاتهم وعلى وحدتهم في مؤسساتهم المهنية من هيئات المحامين وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، وباقي الإطارات المهنية. علما بأن هذا المسؤول في خروجه للإعلام لم يذكر مطلقا هيئات المحامين أو النقباء أو جمعية هيئات المحامين بالمغرب بل قال: "يديرو 5 أو 6 د الناس يجيبو لنا المقترحات..."
وأن الأمر متوقف كذلك على وضع استراتيجية العمل وتحديد الأولويات، علما بأن مطلب المحامين ليس الرجوع إلى المربع الأول والتراجع عن بعض ما جاء به المشروع من تضييق، بل مطلبهم تحقيق مكتسبات في التشريع الجديد وتحديدا توسيع مجال عملهم، لأن القانون يوضع أساسا لخدمة المواطنين كأفراد أو جماعات أو فئات، والمحامون في هذا الشأن ليسوا فئويين بل إن كل ما يطالبون به إنما مرده لتحقيق المحاكمة العادلة التي هي مطلب كل متقاض.