نوفل البعمري: الصحراء المغربية.. الموقف الفنلندي.. كيف يمكن فهمه؟

نوفل البعمري: الصحراء المغربية.. الموقف الفنلندي.. كيف يمكن فهمه؟ نوفل البعمري

البيان الصادر عن الخارجيتين المغربية والفنلندية الذي حمل الإعلان عن موقف فنلندي جديد، داعم لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الأساس الوحيد لحل نزاع الصحراء، والمقترح الجدي الذي يستجيب للمعايير الأممية لطي هذا الملف، يحمل في طياته الكثير من الرسائل خاصة منها ما يتعلق بطبيعة الدولة التي أصدرته أو من خلال سياقه الذي صدر فيه هذا الموقف السياسي القوي الداعم للمبادرة المغربية التي أصبحت تتبناها أكثر من 100 دولة من الدول المعترف بها أمميا.

 

ويمكن فهم طبيعة وقوة هذا الموقف الفنلندي الجديد من مبادرة الحكم الذاتي من خلال ثلاث مفاتيح أساسية:

 

1- فنلندا تعتبر البوابة الأوروبية نحو شمال أوروبا خاصة منها الدول الإسكندنافية، وهي بذلك تُشكل اختراقاً مغربياً لهذه الدول التي كان موقفها يتوقف عند دعم المسار الأممي وقرارات مجلس الأمن، من هنا يأتي أهمية صدوره من دولة تقع ضمن المحور الإسكندنافي مع ما يرمز إليه هذا التكتل الأوروبي، وتأثيره في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وهي بذلك تكون قد فتحت الباب أمام المغرب للوصول لدول إسكندنافية أخرى مازال موقفها يقف عند دعم العملية الأممية و قرارات مجلس الأمن لتدفعها بالتأكيد نحو تبني فكرة الحكم الذاتي كأساس وحيد لطي نزاع الصحراء خاصة و أن البيان الموقع بين الخارجيتين يشير إلى أفريقيا و يتعامل مع المغرب كبوابة اقتصادية و استثمارية نحو باقي القارة الإفريقية مما يعكس وعياً فنلندياً سينتقل بالتأكيد لباقي الدول الإسنكندنافية قصد إعادة تقييم موقفها وجعله مواكباً لهذه الدينامية التي أدت فنلندا لتبني موقفها السياسي الجديد.

 

2- فنلندا تعتبر الدولة رقم 17 داخل الاتحاد الأوروبي التي تُعبر عن هذا الموقف الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، وهي بذلك تعزز موقف الدول الأوروبية الداعمة للطرح المغربي الذي أصبحت غالبية دول هذا التكتل الأوروبي تتبناه، أضف لها الموقف الفرنسي و الإسباني و الألماني الداعمة للمبادرة المغربية و لمغربية الصحراء، من هنا يمكن القول أن الأمر يتعلق بديناميكية قوية تحدث داخل أوروبا ستؤدي و بلا شك إلى انعكاسها الإيجابي على العلاقة المغربية-الأوروبية مؤسساتياً سواء في العلاقة مع المفوضية الأوروبية أو البرلمان الأوروبي مما سيعزز من فرص التعاون بينهما، و استقطاب دول أوروبية أخرى لتبني نفس الموقف الفنلندي في أفق التعبير عن موقف داعم لمغربية الصحراء.

 

3- الموقف الفنلندي لا يُعتبر فقط موقف للحكومة الحالية، بل هو موقف سياسي و سيادي للدولة الفنلندية استكمل كل مساره داخل البرلمان بحيث سبق أن تم عرضه على لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفنلندي، ليتم التصويت على تبني هذا الموقف الجديد بإجماع البرلمانيين من المعارضة والتكتل الذي يقود الحكومة، ليكون بذلك موقف دولة مرتبط بسياسة خارجية استراتيجية للدولة الفنلندية وليس فقط قرار مرتبط بهذه الحكومة مما يعكس أن علاقة فنلندا مع المغرب خرجت من دائرة التجاذب السياسي لتتحول لنقطة إجماع كلي داخل الطبقة السياسية الفنلندية، هنا يكمن قوة هذا القرار والموقف.

 

الموقف الفنلندي ليس فقط قرار معزول، بل يأتي في إطار دينامية كبيرة تشهدها السياسة الخارجية المغربية تعززت بالموقف الأمريكي واستمرت مع ألمانيا وإسبانيا ثم فرنسا لتلتحق فنلندا بهذه الدينامية القوية التي تشتغل تحت التوجهات الاستراتيجية التي وضعها ملك البلاد وعبَّر عنها في عدة مناسبات لتقود السياسة الخارجية نحو تحقيق هكذا انتصارات واختراقات لصالح الموقف المغربي .