في زاوية مظلمة من مجتمعنا، تتخفى أزمة إنسانية يعاني منها آلاف الشباب الذين قضوا سنوات طفولتهم في مؤسسات الرعاية الاجتماعية. عند بلوغهم سن الثامنة عشرة، يُلقى بهم إلى الشارع بلا مأوى ولا دعم، رغم أنهم في أمسّ الحاجة إلى المساندة والتوجيه.
هؤلاء الشباب، الذين لم يحظوا بدفء الأسرة، يجدون أنفسهم فجأة أمام تحديات الحياة القاسية. بدون دخل ثابت أو مهارات مهنية كافية، يصبح البحث عن عمل أو سكن لائق حلماً بعيد المنال. والأدهى من ذلك، يُحرم العديد منهم من استكمال دراستهم والحصول على شهادة البكالوريا التي تُعد مفتاحاً أساسياً لمستقبل أفضل.
يُطرح السؤال هنا: كيف يمكن لمجتمع يُفاخر بقيم التكافل والتضامن أن يتجاهل معاناة هؤلاء الشباب؟ كيف يمكننا أن نغلق أبواب المؤسسات في وجوههم دون أن نوفر لهم بديلاً آمناً؟
إن الطرد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية في سن الثامنة عشرة يُعد بمثابة حكم بالإقصاء والتهميش. هؤلاء الشباب بحاجة ماسة إلى برامج تأهيلية توفر لهم المهارات اللازمة لدخول سوق العمل، ودعم نفسي يساعدهم في التكيف مع الحياة خارج المؤسسة، بالإضافة إلى متابعة مستمرة تضمن لهم الاستقرار والكرامة.
المسؤولية تقع على عاتق الجميع؛ منظمات المجتمع المدني، القطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية. يجب أن نعمل سوياً لتوفير فرص التدريب والتشغيل، وتقديم الدعم السكني والنفسي لهؤلاء الشباب. إن التكافل والتضامن ليسا مجرد شعارات، بل هي أفعال ملموسة تظهر في مواقفنا تجاه الفئات الهشة في مجتمعنا.
لنكن نحن الأمل الذي ينير دروب هؤلاء الشباب. فلنجعل من أزمات اليوم فرصاً لبناء مستقبل مشرق للجميع. فبأيدينا يمكننا صنع الفرق، وبقلوبنا نستطيع أن نعيد الأمل لمن فقده.
إذا أردنا أن نبني مجتمعاً متكاملاً وعادلاً، فعلينا أن نضمن حقوق كل فرد فيه، خصوصاً الشباب الذين خرجوا من مؤسسات الرعاية الاجتماعية. فالأمل يبدأ من هنا، من تعاوننا وتكاتفنا، ومن إيماننا بأن كل إنسان يستحق فرصة لحياة كريمة ومستقبل واعد.
فلنعمل جميعاً على تحقيق هذا الهدف النبيل، ولنكن صوتاً لمن لا صوت له، ويداً تمتد بالعون لمن يحتاجها. إن مستقبلنا كمجتمع متماسك وعادل يعتمد على مدى قدرتنا على دعم ومساندة أبنائنا في كل مراحل حياتهم.