من المتوقع جدا أن تقدم الجزائر خلال الأيام القادمة على إعادة تفعيل مهام سفيرها بفرنسا، على غرار ما قامت به مع اسبانيا عندما أقدمت هذه الأخيرة على إعلان اعترافها بمغربية الصحراء، لتؤكد بذلك،أن نظامها، في مجال الديبلوماسية، مازال هاويا، ولا يضبط علاقاته الدولية باحترافية الدول العريقة، ذلك أن إقدام فرنسا على إعلان اعترافها بمغربية الصحراء هو قرار سيادي فرنسي ولا يمكن لأحد أن يحاسبها عليه، كما انه لا يعني الجزائر ولا يمسها في شيء وفق منطق النظام الجزائري نفسه، الذي عهدناه يصرح دائما، بأنه غير معني بالصراع في الصحراء و انه ليس طرفا فيه، إذن فما شأن الجزائر والحالة هذه وموقف دولة اخرى، التي من حقها أن تتخذه كيف شاءت وأن تعلن عنه في الوقت الذي تريد؟…
وعليه، فإرجاع السفير الجزائري إلى العاصمة الفرنسية لمواصلة مهامه، هو أقصى ما تستطيع فعله الجزائر بعد أن تهدأ فورة الغضب والطيش السياسي اللذان أصبحا قاعدة تلازم تصرفات النظام الجزائري وتسيء إليه وإلى صورة الجزائر في الداخل والخارج، الذي يبدو الآن نظاما تائها، منعزلا، فاقدا للبوصلة، عاجزا عن الفعل والمبادرة، وهذا طبيعي جدا، إذ لم يعد له شيء آخر يقدمه ويقنع به، غير تكرار نفس الأسطوانة المشروخة المتعلقة ب" تقرير المصير"، في الوقت الذي عبرت فيه أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة عن عدم اعترافها بالكيان الوهمي مقرة بأن مقترح الحكم الذاتي بالصحراء الغربية في ظل السيادة المغربية هو الحل السياسي، الواقعي والعملي لإنهاء هذا المشكل الذي أصبح مصدر قلاقل بمنطقة الساحل بأكملها وتهديدا لمصالح العديد من الدول ومنها فرنسا، فإذا كان أكثر من 30 دولة قد قامت بفتح قنصلياتها بالعيون والداخلة تعبيرا منها على دعم هذا المقترح، فهل بقي شيء آخر يقيم عليه النظام الجزائري موقفه غير البروباغندا وتسليح عصابات النهب والترهيب!؟
من المفروض أن يسارع النظام الجزائري، بالنظر لتطور الأحداث الجارية، إلى مراجعة الذات بدل العنجهية الكاذبة، وان ينأى بنفسه عن المواقف المحرجة التي تمليها مثل هذه القرارات المتسرعة وغير القادرعلى مجاراة آثارها مستقبلا، وأن يعي بأن مصلحة الجزائر بل وشعوب الإقليم المغاربي بأكمله، في أن يعم السلام والتعاون بين كل دوله لمواجهة قضاياها المصيرية المشتركة وما أكثرها مع الأسف...
رشيد لبكر/ استاذ القانون العام، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة