العمالة و المجلس الإقليمي بوزان وتضليل الرأي العام في علاقة بالمال العام 

العمالة و المجلس الإقليمي بوزان وتضليل الرأي العام في علاقة بالمال العام  عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، ومنظر عام لمدينة وزان
في الوقت الذي كان أهل وزان ينتظرون دخول المجلس الجهوي للحسابات، و المفتشية العامة للمالية ومثيلتها بالإدارة الترابية ، على خط المال العام الذي تم رصده لبرنامج أوراش في نسختيه ، لإنجاز بعض الأشغال على مستوى تراب وزان ، وخصوصا ما تعلق بمصالحة دار الضمانة مع هويتها ، سينزل على الساكنة بفعالياتها المستقلة والنزيهة ، خبرا مزلزلا ومعيبا حتى في الشكل ، أما الموضوع فحدث ولا حرج ، ما دامت كل ألوان قوس قزح تؤثثه ، مع ما لتلك الألوان من حكايات بدار الضمانة ، لن يكون آخرها العرس الذي اتخذ من الفضاء العام مسرحا له.

بتاريخ 19 يوليوز الجاري كان عضوات وأعضاء مجلس إقليم وزان على موعد مع دورة استثنائية للتداول والمصادقة على 10 نقط مدرجة بجدول الأعمال ، جلها إن لم نقل كلها جاء بناء على طلب من عامل الإقليم ، طبقا للمادة 37 من القانون 14/113 المتعلق بالجماعات . نصف نقط جدول الأعمال تتعلق بالدراسة والمصادقة على مشاريع اتفاقيات لدعم مهرجانات تنظمها جمعيات ، بشراكة وتعاون مع جماعات ترابية بالإقليم .

وحتى لا يختلط الأمر على القراء ، فإن الأغلفة المالية السمينة  الموجهة لدعم مهرجانات التنشيط الترابي ، تخصصها المديرية العامة للجماعات الترابية على مستوى وزارة الداخلية ، ولا تأخذ طريقها نحو الضخ بالحسابات المالية للجمعيات إلا بعد المرور بقناة المجلس الإقليمي تحت غطاء اتفاقية الشراكة .

مصدر جد مقرب تابع أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس الإقليمي ، صرح لموقع " أنفاس بريس" بما يفيد ، بأن ما يسمى بالدراسة مجرد كلام موجه للاستهلاك. فلا تقارير تم اعدادها حول كل مهرجان من مهرجانات الصيف الماضي ، ولا هي خضعت للتقييم لاستخلاص الدروس قبل المصادقة على قيمة التمويل الجديد . ويضيف نفس المصدر بأن مهرجانا من المنتظر أن تتماهى فيه "السبنية والكورزي " مع التعبير الموسيقي المعلن عنه ، وحده الذي حضي بنقاش واسع ، لكن المصادقة عليه بالاجماع جاء على عكس ما سار عليه النقاش ( افهم تسطى ).

أسئلة كثيرة تناسلت منذ "دورة الطواطة" ... الجلسات الصيفية لأهل وزان لا تخلو لحد اللحظة من الحديث عن هذا الاغداق بالمال العام على " مهرجان" يتسائل العالمون بالأمور ، والمتفقهون في تاريخ وزان عن مدى مصداقية وشرعية علاقته بهوية دار الضمانة التي أثثت تضاريسها عبر التاريخ تعبيرات فنية وغنائية أخرى . التسويق الترابي لوزان ليس "لعب عيال" على حد تعبير أهل أم الدنيا. واهم من يراهن على التسويق الترابي لوزان بمبادرات حتى ولو كانت نية من يقف خلفها حسنة ، فما بالك بين من وضعوا بينهم وبين " الجدية حافزنا" جدارا سميكا . التسويق الترابي الناجح في حاجة لاستراتيجية متوافق عليها بين أهل الدار ، مؤسسات ومجتمع مدني ناضج، غير ذلك فالأمر لا يعدو عن كونه "بريكولاج" تحت مسميات عدة ، حتى وإن اتخذ طابعا محليا أو وطنيا أو قاريا حتى ، لأنه بدون آثار على المجال الترابي، ولنا في الواقع على مستوى جماعة وزان نموذجا .

من بين الأسئلة الحارقة التي سافرت كثيرا على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي ، كيف لجمعية عمرها يعد بالأسابيع اعتمدتها عمالة وزان لتنظيم المهرجان الذي أثار الزوبعة ؟ علما بأن جمعيات تظل تنتظر لمدة أكثر من هذه الأسابيع للحصول على وصولات الإيداع لتشرع في ممارسة أنشطتها ، فبالأحرى اعتمادها من طرف الادارة الترابية للسويق الترابي للمدينة ، وضخ عشرات الملايين في حسابها المالي ؟ المال العام " ماشي سايب" ، انفاقه محكوم بترسانة قانونية قوية ، وضخه بشرايين هذه الجمعية أو تلك من أجل المنفعة العامة،  مؤطر بحزمة من الاجراءات والتدابير ، أبسطها دراسة عميقة للمنظمة الأهلية التي ستتلقاه؟ ما هي تجربتها واضافتها النوعية في المجال الذي تشتغل فيه؟ ما هي السير الذاتية لمن يقف وراء أي مهرجان ؟ وكيف تصرف هذا الفاعل المدني أو ذاك مع المال العام إن كان قد تكلف بإنفاقه في محطات ومجالات سابقة ؟

لندع هذه الأسئلة جانبا ونتوجه مباشرة، وبكل أدب واحترام إلى عامل الإقليم ، ونطرح عليه بعيدا عن أي خلفية ، السؤال التالي : بما أن المهرجان المذكور حسب من يقف خلفه في الداخل والخارج ، يهدف إلى التسويق الترابي لدار الضمانة ، وبما أن نجاحه رهين بانخراط مجموعة من الشركاء ، منهم الادارة الترابية والجماعات الترابية وربما مؤسسات عمومية ، وهي كلها جهات مؤمنة على المال العام ، فلماذا لم تبادر العمالة بتعميم اعلان معزز بدفتر للتحملات ، يفتح باب التباري في وجه جمعيات الإقليم ، لتقديم عروض ذات الصلة بالمهرجان ومحوره، وتسند عملية الاختيار لذوي الاختصاص لاختيار أحسن عرض ؟ أما أن تتم العملية من ألفها إلى يائها بتكتم شديد ، وفي غفلة عن فعاليات المجتمع المدني بالمدينة كما الإقليم ، فهذا يدعو إلى الريبة والشك ، ويسمح للشارع في أن يذهب بعيدا في قراءاته إلى حد استحضار المثل الشعبي  " لي عندو جداه في العرس ما يبات بلا عشا".  
 
خلاصة القول ...هل من موقع قدم للجدية بوزان؟
يوم الثلاثاء 30 يوليوز سيخلد الشعب المغربي الذكرى الفضية لاعتلاء الملك محمد السادس العرش ، وستكون قد مرت سنة على خطاب العرش الذي أفاض فيه الحديث جلالة الملك عن مبدأ الجدية التي " كلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات ، ورفع التحديات" وأضاف جلالته " إن ما ندعو إليه ، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية ، وإنما هو مفهوم متكامل ، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية .... والجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص".

 
هل هناك أقوى من هذا الوضوح في الخطاب ؟ لذلك سيظل الرأي العام الوزاني ينتظر توضيحات غاية في الاقناع عن مدى استحضار مختلف المتدخلين ( ادارة ترابية ، مجلس اقليمي ، جماعة أو جماعات ترابية ...) في التحضير للمهرجان الذي أثار الزوبعة، وتمت المصادقة على غلافه المالي من المال العام ، (استحضار) الجدية كما جاء نص نفس الخطاب الملكي " بمعناها المغربي الأصيل ... في ظل ما يعرفه العالم ، من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات ، وتداخل العديد من الأزمات ..." .
 
فهل سيلتقط عضوات وأعضاء المجلس الإقليمي والعمالة القلق الشعبي،  فتسارع كل جهة من موقعها الخاص بالدعوة لعقد دورة استثنائية لمراجعة المقرر الذي من المؤكد بأن البعض منهم غابت عنه غابة من المعطيات ، لربما كانت خافية حتى عن عامل الإقليم الذي لا يشك أحد في صدق نيته .

اعادة النظر في قرار المصادقة ليس انتصارا لزيد ، والحاق الهزيمة بعمر ، ولكنه سلوك متحضر ومتناغم مع مبدأ المشاركة المواطنة التي  اعتمدها المغرب في تدبير شؤونه بعد مصادقة المغاربة على دستور 2011 ، بالسياق المغربي الذي جاءت هذه المصادقة عليه .  كما أن مراجعة القرار يمكن اعتباره مدخلا من مداخل فعلية " الجدية حافزنا " ومظهرا من مظاهرها. فهل من عاقل يلتقط نبض الشارع ؟

للرأي العام النصح، ولصناع القرار على المستوى الترابي الكلمة الأخيرة ... أما الزمن قريبه كما بعيده ، فلن يرحم التنظيمات الحزبية بالمدينة التي يتفرج من يخنق أنفاس أجهزتها التقريرية والتنفيذية ، على العبث في تدبير شأنها....