من خلال زيارتي لعديد من الشواطئ المغربية : (الوالدية، أسفي، طماريس ، داربوعزة ....) لمست عن قرب انتشار كبير لأحجار صلبة وحصي متعددة الأحجام وحفر عميقة..وخلصت الى نتيجة مهمة وهي ان مافيا نهب رمال البحر هي السبب الرئيس لما تعرفه طبيعة البحر من تشويه لجماليتها.
هناك عديد من الشواطئ المغربية المتوسطية والاطلسية منذ سنوات خلت تعرضت لعملية الاستنزاف والنهب للرمال من طرف شبكات منظمة ولوبيات وازنة استقوت بصمت وسكوت ولامبالاة السلطات المحلية حسبهم. وينبئ تواصل واستمرار ظاهرة نهب رمال البحر بشكلها الحالي الى كارثة بيئية وايكولوجية ستكون عواقبها وخيمة على مستقبل العديد من القطاعات خاصة السياحة.
لقد أبانت الجهات الوصية عن المياه والبحر والغابة عن عجز كبير في مواجهة ظاهرة نهب رمال البحر من طرف عصابات مافياوية .وبعد ان أخدت الظاهرة أبعادا خطيرة ومقلقة بدخول عامل الجرافات في النهب بالشواطئ حيث دأبت ومنذ مدة هذه العصابات الى التكثيف من نشاطها غير القانوني مستغلة صمت ولامبالاة السلطات كغطاء لها.
إن الشواطئ المغربية لازالت الى حدود الآن تتعرض الى أبشع وأخطر عملية نهب في تاريخ سرقة الرمال،بجني أصحابها مبالغ مالية خيالية كل يوم.
إن ظاهرة الاستغلال اللاشرعي للرمال على مستوى شواطئنا خاصة الأطلسية والتجاوزات غير القانونية،كرست منطق المافيا وكلفت الدولة خسائر باهضة اضافة الى التأثير السلبي على البيئة.
ومازاد الطين بلة هو زحف مياه البحر بعد نهب الرمال تجاه الاراضي الزراعية مؤدية الى زيادة ملوحة المياه الجوفية واضعاف خصوبة التربة المجاورة للشاطئ وانتشار الحجارة الصلبة والحصى .
إن مافيا نهب الرمال البحرية لاتقتصر على شاطئ او اثنين بل يتم التحضير لعملية السطو والسرقة ليلا ونهارا .فهناك عصابات متخصصة في نهب الرمال عن طريق شحنها بشاحنات بغرض بيعها او استعمالها في أشغال البناء بالورشات وحتى المنازل وهو ما سيساهم في استنزاف ثروة الشواطئ ويحرم المصطافين من قضاء عطلهم في ظروف بيئية مناسبة.
وبالرغم من التدابير والتدخلات المحتشمة للسلطات العمومية لايقاف استنزاف الرمال ومعاقبة المعتدين على الثروة الوطنية الهامة.الا ان مافيا الرمال وسماسرة التهرب الضريبي لايزالون ينوعون اساليبهم لتحقيق أهدافهم دون عناء ولاتكلفة كبيرة ومستغلين شباب الوسط الريفي ومعاناته من الاقصاء الاجتماعي والفقر مقابل مبالغ مالية زهيدة..
وللتذكير ،فقد سبق ان وجهت منظمة الامم المتحدة تحذيرات للمغرب من تدمير مافيا مقالع الرمال عن طريق الاستغلال المفرط خاصة بين الصويرة واسفي وبين طنجة والرباط طماريس ودار بوعزة..فهناك 55 بالمئة من الرمال المستعملة في السوق المغربية مجهولة المصدر مما يفوت على الدولة قرابة 5مليار درهم سنويا. إن مافيا الرمال لاتحترم قانون 10-11 والمتمم للمادة 517 والذي يحدد سومة الاستغلال.
إن الاستمرار في نهب رمال البحر من طرف عصابات ومافيات وبتواطؤ بعض اعوان السلطة ،يخلف آثارا سلبية منها تخريب الاشجار والنباثات وتهجير الحيوانات البرية واحداث حفر عنيقة في الارض من شانها ان تتحول الى برك ومستنقعات في حال نزول الامطار اضافة الى نضوب المياه الجوفية وانتشار النفايات والاوساخ التي تتركها الشاحنات قريبا من الشواطئ.
وفي انتظار تدخل صارم وحازم للجهات المعنية بموضوع نهب الرمال البحرية لوضع حد لهذه الظاهرة ،تتواصل معاناة سكان المناطق المجاورة للشواطئ مع الغبار والتلوث الضوضائي.واذا استمرت عملية سرقة رمال البحر ،سيكون قضاء العطلة في البحر امرا غير مريح.
والى حدود الٱن، تستعد الحكومة للمصادقة على المخطط الوطني الساحل. وينص القانون رقم 12.81 والمتعلق بالساحل على تجريم احتلال الملك العمومي البحري وخوصصة الشواطئ واستخراج الرمال منها . ويتضمن عقوبات تصل الى سنتين حبسا نافذة في حق محتلي الملك العمومي البحري.
فالى متى يستمر بطش الجماعات المافياوية في حق الطبيعة والانسان على السواء.