عبد الإله دحمان: نحن مع تنظيم الإضراب ضد اجتهادات الإدارات وضد تكبيل الحق في الاحتجاج

عبد الإله دحمان: نحن مع تنظيم الإضراب ضد اجتهادات الإدارات وضد تكبيل الحق في الاحتجاج عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب
أكد عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب رفض هذه الأخيرة لأي نص يقيد الحق في الاحتجاج، والإضراب ومحاصرة الحريات النقابية، مشددا في حوار مع جريدة "أنفاس بريس" أن النقابة مستعدة للانخراط في أي حوار متعدد الأطراف للمساهمة في تجويده لضمان حقوق الجميع..
 

1- أعلنتم رفضكم  لمشروع القانون التنظيمي للإضراب في صيغته الحالية. لماذا؟
أولا هذه ليست صيغة حالية، بمعنى جديدة، الصيغة موضوع النقاش هي ذاتها الصيغة التي وضعتها حكومة ابن كيران بمقتضى الإلزام الدستوري، وهي نفس النسخة حينها التي رفضنا مضامينها، وقلنا لابد أن يتم إعمال الحوار الاجتماعي، والتشاور، قبل وضع النص على مستوى التشريع، لكن سياقات الانتخابات، وتهافت البعض انتخابيا فوت علينا تدقيقه في حينه.

من جهة أخرى، رفضنا للنص بمضمونه الحالي لا يتعلق بهذه الحكومة، فهذا موقف مبدئي عبرنا عنه منذ ثمانية سنوات مضت، لأننا لا نقبل أن يتم تقييد الحق في الإضراب باعتباره حق دستوري، وأيضا باعتباره حق لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، وأي تكبيل له، هو مس بالحقوق والحريات النقابية وبالتزامات المغرب دوليا .

موقف الاتحاد الوطني تم بناؤه على قراءة جماعية منذ مدة بموضوعية، حيث تم استحضار الحق في الاحتجاج، والتظاهر، وعدم تقييد الممارسة النقابية والحريات المرتبطة، قبل أي معنى آخر.

2- ماهي الإشكاليات الجوهرية التي تضمنها النص القانوني؟
تعتري مضامين مشروع قانون الإضراب الكثير من الإشكاليات، وجملة من العيوب من بينها:  
السرعة في التوجه إلى البرلمان، وتدشين النقاش خارج أي مقاربة تشاركية، رغم أن بعض الأطراف تروج أن الأمر تم في إطار التزامات اتفاق 30 أبريل 2024، علما أن لا أحد عبر عن موقف صريح من طبيعة التفاهمات التي تمت بين الأطراف الموقعة على الاتفاق السابق، وهل فعلا توجد توافقات لتمريره، الوضوح في مثل هذه المحطات مطلوب، لأن الأمر يتعلق بما تبقى من سلاح للطاقة العاملة، وإلا انتهى العمل النقابي، فلا يمكن صياغة التوجهات، وأساسات النص بالبرلمان، وبعدها نستمع لوجهة نظر النقابات، الاتحاد الوطني يطمح إلى تأسيس حوار متعدد الأطراف، مسؤول وحقيقي، ينظم ولا يقيد .  

إذا كان لهذه الحكومة إرادة في إعادة صياغة هذا المشروع، الذي وضع منذ 2016، فلماذا لم تأتي بمشروع تعديلي، ينسخ المقتضيات المرفوضة به، أو تقم بسحبه على غرار ما فعلت بمشاريع قوانين أخرى رغم طبيعة القانون التنظيمي، وما تفرضه من إجراءات قانونية، مما يجعلنا نتوجس من محاولة الحكومة الإبقاء على هذا النص كما وضع منذ 2016، وبالتالي لن نقبل أي إصلاحات جوهرية على مضمونه . 

يجب على الحكومة تحري منهجية واضحة فيما يتعلق بهذا المشروع، أما القول بمواكبته لاحقا بمشاورات مع النقابات، فأظن أن هذا يكرس مسألة الجدية، وسقف التعديلات، والتراجعات الممكنة، وتحيين النص بنفس ديمقراطي يحصن الحقوق والحريات في هذا الاتجاه.  

الحكومة مطالبة برفع مسببات الاحتقان الاجتماعي المرتبطة بالحوار القطاعي المتعثر في كل القطاعات، بالإضافة إلى استمرار نزيف القدرة الشرائية جراء الغلاء الفاحش في كل المواد الأساسية والمرتبطة بالمعيش اليومي. 

في الموقف من هذا المشروع نسجل كذلك أن الحكومة، تغلب المقاربة الانتقائية، إذ ما مصير قانون النقابات، ومراجعة الترسانة التشريعية لانتخابات المأجورين، قصد معرفة النقابات الأكثر تمثيلية حقيقة، ثم ما مصير الفصل 288 من القانون الجنائي؟ ومصير التصديق على الاتفاقية المتعلقة بالحريات النقابية.

نرى كنقابة، أن المشروع الحالي يقيد أكثر مما ينظم، فمثلا، يضيق على موظفي القطاع العام، من خلال فرض عدم الانتماء النقابي على جزء من الموظفين وتوسيع لائحة القطاعات التي يجب أن توفر إجراءات، وشكليات كثيرة، تجعل من ممارسة هذا الحق معاناة حقيقية.

النص يخالف في الكثير من القضايا لروح ومقتضيات الدستور المغربي والالتزامات الدولية لبلادنا في مجال الشغل وما تمت المصادقة عليه في إطار المواثيق المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما نرى أن أي مناقشة أو انخراط في حورات حول  هذا يجب أن تكون باستحضار الحقوق والحريات بشكل مندمج، ثم التنظيم للممارسة الإضراب، وليس تقييده، أو وضع إجراءات تمنع من ممارسته من قبيل تحديد من له المصلحة في الإضراب، ومنع الإضراب التضامني السياسي، ناهيك عن عدم تقديم النص لأي تعريف لمفهوم الإضراب، وأنواعه. 

في رأينا، المشروع يسعى إلى تنظيم الإضراب كما يقول، لكنه لا يتضمن أي تنصيص، أو إلزامية لتفعيل الحوار، والتفاوض الجماعي وغيره من الآليات التي تمنع التوتر، وتحقق مطالب العمال والمأجورين عموما .

من جهة أخرى، نرى أن المشروع لا يغير من مفهوم الإضراب ودلالته السائدة، باعتباره يضر بمصلحة المشغلين، فالإضراب إن لم يضر بمصلحة المشغلين، فكيف يكون إضرابا، واحتجاحا ووسيلة ضغط لجلب الحقوق، يجب التخلي النهائي عن النظرة السلبية، وصيانة مفهوم الإضراب باعتباره حقا طبيعيا، وقانونيا لا ينفصل عن منظومة حقوق الإنسان .  

تم هناك تفاصيل أخرى يحب الوقوف عندها من قبيل الآجال والجهة التي لها الحق في إعلان الإضراب، وشكليات الإعلان عنه، ومن له الحق في تحديد الحد المطلوب لاستمرار الخدمة الحيوية، ثم مسألة الغرامات التي تقتضي مقاربة أكثر تفهما من حيث المخالفات، والعقوبات لتوفير الحماية والضمانات للمضربين .

3- هل ترون أن سن قانون خاص بالإضراب ضرورة للتقنين أم ترونه فرصة للتضييق؟
نحن في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب مع التنظيم من أجل حماية الحق في ممارسة الإضراب والاحتجاج، لوضع حد لبعض الاجتهادات الإدارية، أو على مستوى المقاولات التي تلجأ للاقتطاع، وتسريح العمال على خلفية ممارسته، أو معاقبة الموظف العمومي، واستهداف مساره المهني عند الاحتجاج، لكن التنظيم لا يعني التقييد والتكبيل، بل يعني إيجاد الآليات القانونية لحماية هذا الحق، الذي وجد في دستور المغرب منذ 1962، كما يؤكد أهميته، علما أن فرنسا سبقتنا في موضوع دسترة هذا الموضوع لكنها لم تقننه لحد الساعة، فالمسألة ليست سهلة، ويجب صياغة مقتضيات هذا النص بنفس ديموقراطي، أما محاولات التضييق، فستثير ردود فعل رافضة ونحن في مقدمة من سيرفض ذلك . 

4- ما هي اقتراحاتكم لتجويد مشروع قانون الإضراب الحالي؟
أن يكون مشروعا ينظم حق الإضراب، ويكفله دون حسابات تكبيلية أو تحكمية، أن تتم صياغة بنوده بشكل ديمقراطي، أن يستوعب قضايا المنع التي تنص عليها الاتفاقية 87، أن يضع حد لمعالجة الطبقة العاملة مع الفصل 288 من القانون الجنائي، أن لا يقصي أحدا من ممارسة الحق في الإضراب والاحتجاج، هناك قضايا خلفية كثيرة لا أريد أن أستبق اليوم الدراسي الذي سنخصصه لهذا الأمر. 
   
5- أحيانا الحرية في ممارسة حق نقابي بقطاع معين يؤثر على المرتفقين بشكل سلبي. هل من اقتراح متوازن للحلول دون ذلك؟
أعتقد أن الحل لخلق التوازن هو ضمان الحق في الاحتجاج، والإضراب أولا، تم الاتفاق على الآليات لاستمرار المرافق الحيوية، وهو أمر معمول به حاليا، وإن كنت أعتقد أن الإدارة، أو أي جهة مشغلة عليها معالجة الأمر، وتغليب الحوار والتفاوض، لأن لجوء النقابات، والشغيلة إلى الإضراب، عندما يفشل الحوار، أو يتعنت المسؤول أو رب العمل، لذا يجب تشجيع الحوار عوض تكبيل الإضراب.  

وعموما نحن في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لن نقبل بأي نص يقيد الحق في الاحتجاج، والإضراب ومحاصرة الحريات النقابية، ومستعدون للانخراط في أي حوار متعدد الأطراف للمساهمة في تجويد هذ المشروع، لما يضمن حقوق الجميع، لكن على قاعدة الحقوق، والحريات النقابية، وليس على قاعدة محاصرة الفعل النقابي، وتحجيم الخط النضالي للشغيلة المغربية .