كمال السعيدي: طلبة الطب بين الوحدة والديمقراطية

كمال السعيدي: طلبة الطب بين الوحدة والديمقراطية كمال السعيدي
تابعت نضالات طلبة الطب في العشرية الأخيرة منذ 2015 ومرورا ب2019 ولكن بشكل خاص هذه السنة .. سجلت بعض الملاحظات:
 
ملاحظة أولى تتعلق بمقارنة ولو أن المقارنات لا تجوز دائما وخاصة إذا اختلفت السياقات .. بين أشكال النضال في كليات الطب بين الحاضر والماضي ..
 
في جيلي كانت مطالبنا بسيطة وغير مضبوطة وكذلك كانت مكتسباتنا .. أقوى معركة كانت سنة 1991 تعرض على إثرها أحد الطلبة رحمه الله إلى حادث مؤسف بعد تدخل عنيف للقوات العمومية بالمستشفى الجامعي، أتذكر بعض الجموعات العامة أو بالأحرى الحلقيات الكبرى التي حضرتها بباحة كلية الطب بالبيضاء (رغم أنني كنت أنتمي إلى كلية طب الأسنان) وكيف كان بعض الطلبة يفاوضون وزير الدولة آنذاك م.أحمد العلوي بأحد الفنادق المصنفة بالعاصمة الإقتصادية .. ينقلون إليه مطالب الطلبة وينقلون مقترحاته إليهم .. ولكن للأسف هذه الوساطة لم تكن منتجة ودشنت بعدها حملة اعتقالات واسعة وتمت برمجة الامتحانات في شروط مجحفة تسببت في رسوب الكثير من الطلبة بعضهم كانوا أصدقاء لي ..
 
اليوم يبدو النضال الطلابي أكثر احترافية بالمعنى الإيجابي للكلمة .. لم يتم خوض المعركة الحالية بطريقة ارتجالية بل ساهم الجميع وبدقة ملحوظة في إعداد الملف المطلبي وبعد أن تم استنفاذ كل الوسائل للحوار مع الإدارة وخاصة وزارة التعليم العالي تم المرور إلى الخطوات الأكثر تصعيدا ومنها مقاطعة الدروس والتداريب والامتحانات كذلك ..
 
ما سجلته شخصيا كطالب سابق ومهتم بهذه الحركة النضالية واستخلصت منه بعض الدروس هو الطريقة المبدعة التي يتم بها اتخاد وتصريف القرارات ..
 
طريقة تجمع بين الإمكانيات التعبوية والتواصلية التي تتيحها اليوم التكنولوجيات الحديثة ولكن أهم شيء فيها هو الديمقراطية في الممارسة والقدرة على ضمان الوحدة والإلتفاف حول الملف المطلبي والفريق المفاوض من ممثلي الطلبة .. دون أن ننسى كيف خاض هؤلاء الطلبة وممثلوهم بشكل خاص معركة تنوير الرأي العام من خلال التواصل الإعلامي وعقد اللقاءات مع القوى السياسية والنقابية والجمعوية الفاعلة والاختيار الذكي والدقيق لتوقيت الفعل ورد الفعل ..
 
هذه الطريقة هي التي حصنت ممثلي الطلبة من الإستسلام للتهديدات والضغوط التي مارسها وزير التعليم العالي، وهي التي جعلته في موقع العاجز عن فهم الحراك الطلابي وطريقة التعامل معه .. فكانت كل تصريحاته وتدخلاته تساهم في تقوية الحراك ورص صفوفه عوض كسره كما كان يأمل .. ومما لا شك فيه كذلك هو أن الروح التي خلفتها حركة عشرين فبراير في كل الحراكات التي تلتها، تسري على نضالات الطلبة خاصة على مستوى الشكل رغم أن مطالبهم من ناحية الجوهر تبقى مطالب بيداغوجية صرفة.
 
أتمنى أن تنتهي هذه الأزمة الحالية على خير ويعود الطلبة الى المدرجات ومراكز التدريب ..
 
لو كنت في مكان صناعة القرار لسارعت إلى حل هذه الأزمة مفتخرا بمستوى الوعي والسلوك الحضاري لهؤلاء الطلبة الذين يدافعون عن مستوى تكوينهم ويدافعون عن سمعة الجامعة المغربية ويدافعون عن جودة المنظومة الصحية التي سيشكلون غدا ركيزتها الأساس.