يطرح الخبراء تساؤلات عديدة حول غياب أسطول مغربي للنقل البحري.
كيف يعقل أن المغرب يتوفر على موانئ استراتيجية وعلى سواحل تمتد إلى 3500 كلم، ولا يتوفر على سفن لنقل المسافرين أو البضائع؟
إذ يحتل النقل البحري مكانة بارزة في التجارة الخارجية للمغرب، حيث ينقل 95٪ من الواردات والصادرات التي وصلت إلى أكثر من 120 مليون طن من البضائع في عام 2023، بالإضافة إلى 100 مليون طن من سلع إعادة الشحن.
وتشير الأرقام أن فاتورة الشحن البحري تمثل خسارة في احتياطيات النقد الأجنبي بقيمة 46 مليار درهم، وهو ما يعادل 13 في المائة من الأصول الاحتياطية الرسمية (356.5 مليار درهم حتى 31 يناير 2024). وينضاف إلى ذلك، التعرض للتغيرات المفاجئة في أسعار الشحن ونقص القدرة التنافسية للصادرات والواردات. كما يؤثر ذلك أيضا على مستوى أمن تموين وبيع المنتجات الإستراتيجية.
وأجمع الخبراء على الحاجة إلى أسطول وطني لمواكبة نمو قطاع النقل البحري في السنوات المقبلة في المغرب، هذه الديناميكية التي أحدثها ميناء طنجة المتوسطي وتطور الصادرات من الأعمال التجارية العالمية في المغرب مثل السيارات والفوسفاط والمشتقات.
وأوضح مصطفى الخياط، رئيس الجمعية المغربية للوجستيك، في تصريح ل "أنفاس بريس"، أن المغرب في مرحلة خاصة لأن النقل البحري ليس اختياريا ولكن أصبح ضروريا لتنمية المغرب، إذ قام بمجهودات استثمارية في الموانئ جعلته ضمن مقدمة الدول التي تدير الموانى نذكر منها ميناء طنجة المتوسط، ميناء الناظور ميناء الداخلة الأطلسي قيد الإنجاز. لكن للأسف على مستوى النقل البحري، وقد قلتها مرارا، أن المغرب ارتكب خطأ سياسيا بتفويت الشركة المغربية الملاحة البحرية " كوماناف" إلى أكبر شركات الملاحية في العالم، دون تحقيق مكاسب للمغرب.
لهذا أصبحت بلادنا تفتقد للوجستيك الصادرات والواردات. وهنا أستحضر كلمة قالها الملك الراحل الحسن الثاني من لم يسيطر على الملاحة لا يسيطر على شيء.
هاهو الملك محمد السادس وطبقا للتوجيهات الملكية تبين أن القرارات الاستراتيجية صادرة عن الملك. وكان الملك، قد دعا، في خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء 2023، إلى “تسهيل الربط، بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك؛ بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي."
واستطرد الخياط بالقول أن الملاحة البحرية تعد دعامة أساسية لتعزيز سيادة المغرب في التجارة الخارجية. تصور أن بعض السلع المغربية تظل مركونة بميناء طنجة لأن الشركات العظمى في اللوجستيك تقول للمغرب أن عدد الحاويات قليلة، لكن المتضرر هو المصدر المغربي الذي لا يتحكم في لوجستيك الصادرات. وبالتالي لو توفرنا على أسطول بحري وطني فذلك سيرفع من حجم وقيمة الصادرات المغربية.
وأكد الخياط أن المغرب يزخر بكل الطاقات الضرورية من خبراء في النقل البحري وطاقات شابة فضلا عن مؤسسة للتكوين في قطاع النقل البحري وهو المعهد العالي للدراسات البحرية.
لهذا تطرح الحاجة إلى خلق أسطول وطني كما كان خلال السبعينات، حين هيأت الدولة قانون خاص بالنقل البحري وموارد مالية وتحفيزات ضريبية وضمانات للأبناك".
وختاما، فإن إعادة تأسيس أسطول وطني مغربي يتطلب الاجتهاد في التفكير وإرادة سياسية وموارد مالية، دون نسيان إعداد التشريعات البحرية والضريبية المناسبة، التي تواكب المناخ الدولي للملاحة التجارية.
ويعرف السوق الدولي للنقل البحري “تركيزا وسيطرة” لعدد قليل من الشركات البحرية، إذ تسيطر 25 شركة بحرية دولية متخصصة في نقل الحاويات على 92 في المئة من السعة العالمية المتاحة لنقل الحاويات، بينما حققت 10 شركات منها 83 في المئة من الحصة السوقية الخاصة بهذا النوع من النقل.
وهو ما يفرض بالفعل التفكير الجاد، إنسجاما مع التوجيهات الملكية في تكوين أسطول قادر على ركوب التحديات لتحقيق طموحات المملكة، تواكب البنيات التحتية الكبرى الموزعة والتي قيد البناء والتطوير على السواحل المغربية.