أريري: الحل.. هو إحصاء وطني للفاسدين في الأحزاب والمؤسسات !

أريري: الحل.. هو إحصاء وطني للفاسدين في الأحزاب والمؤسسات ! عبد الرحيم أريري
إذا اعتمدنا منطق "زواج وختانة"، وجمعنا عدد كل المنتخبين بالمؤسسات التمثيلية بالمغرب (جماعات ترابية، البرلمان بغرفتيه، والغرف المهنية)، سنجد أن الرقم يقارب 25.000 منتخب محلي وبرلماني ومهني. أي أن المغرب يشهد تخمة في عدد المنتخبين، دون أن يتناسب ذلك مع مناخ الدمقرطة بالبلاد، أو تجذر الاختيار الحر والواعي بالبلاد؛ ودون أن يتناسب أيضا مع الناتج الداخلي الخام، وهشاشة الاقتصاد الوطني الذي لا يتحمل كل هذا المعمار المؤسساتي المنتخب.
 
فوفق هذا الرقم، نجد أن هناك منتخبا لكل 1330 مواطنا!! (في الوقت الذي نجد مهندسا أو طبيبا أو ممرضا أو تقنيا مؤهلا لكل "مليار مغربي"، مع الاعتذار على المبالغة!).
 
لن أدخل في متاهة مردودية هذه "القشلة" من المنتخبين والقيمة المضافة التي قدموها لتجويد عيش سكان المغاربة، أو تزويد المغرب برجال دولة من عيار ثقيل، أو تحويل المؤسسات المنتخبة إلى مشتل يغذي الدولة بكوادر مؤهلة، بل سأتوقف عند هذا "الإسهال" في اقتياد رؤساء جماعات وأعضاء مجالس ترابية وبرلمانيين ومسؤولي غرف مهنية نحو السجون والمحاكم، بتهم الفساد، وتبذير المال العام، وخيانة الأمانة، والمتاجرة في المخدرات، والنصب والتزوير والاستيلاء على ممتلكات الدولة وممتلكات المواطنين.
 
الارتفاع المهول في إحالة منتخبين فاسدين على المحاكم يزيد من إرهاق القضاء الذي يشكو أصلا من تراكم الملفات الأخرى العادية للمواطنين، مما يعطل الزمن القضائي في الحسم في ملفات المواطنين، لقلة عدد القضاة وكتاب الضبط والموظفين الذين انشغلوا بحالات المنتخبين الفاسدين الواردة على المحاكم، على حساب السير العادي للعدالة.
 
في كل الديمقراطيات (بالمجتمعات المتمدنة)، هناك أيضا وزراء ومنتخبون فاسدون يلاحقون قضائيا، لكن ليس بهذا الكم الهائل الذي نعاينه بالمغرب.
 
فإذا جمعنا المتابعين من البرلمانيين بالمغرب، نجد أن النسبة تتجاوز 12% من عدد البرلمانيين المودعين بالسجون أو المتابعين في حالة سراح. أما إذا أحصينا منتخبي الجماعات الترابية، فنجد أن نسبة المفسدين الذين تم عزلهم، أو تم وضعهم تحت رادار المراقبة، أو تمت متابعتهم قضائيا يقارب 20%، أي خمس العدد الإجمالي. وهذه إجرام في حق المغرب والمغاربة، إذ من أصل 100 منتخبا ترابيا، هناك 20 منتخبا فاسدا أو متورطا في ملف قضائي "خانز" !
 
فهل هذا الوضع المقرف يجوز شرعا؟
هل هذا الواقع المقزز يستساغ أخلاقيا؟
هل هذا المعطى الطافح بالقيح يقبل السكوت عنه إعلاميا وسياسيا؟
هل الدولة أعدمت الوسائل لتجفيف أصل الداء من الانخراط في الأحزاب إلى الترشيح إلى الانتداب، لمنع تسلل هذه الكائنات المافيوزية والعفنة؟
هل مازالت للمغرب القدرة على التعايش مع أمم العالم بهذه السلالة الفاسدة التي تنهش كل ما له علاقة بخزينة المغاربة والتي تخدش كل ما يرتبط بسمعة المغرب وصورته؟
 
ونحن على موعد مع الإحصاء العام للسكان، أقترح أن تدمج الدولة خانة في جذاذات الإحصاء، تهم المخزون الديمغرافي من الفاسدين le stock الموجود بالمغرب، لمعرفة كم عدد هؤلاء الفاسدين بالأحزاب والتنظيمات الموازية الموجودة بالبلاد، وما هو توزيعهم على الفئات العمرية( فئة 40/50 سنة، وفئة 50/60 سنة وفئة أكثر من 60 سنة)، لنحدد طريقة آمنة للتخلص من هذا "الفيروس السياسي والحزبي والانتخابي" بأقل كلفة ممكنة !