طارق القاسمي: احتكار توثيق السكن المدعم.. هل سيخرج العدول مرة أخرى للشارع؟

 طارق القاسمي: احتكار توثيق السكن المدعم.. هل سيخرج العدول مرة أخرى للشارع؟ طارق القاسمي، الكاتب العام السابق للمجلس الجهوي لعدول سطات

إن المتتبع لمسار مشروع قانون 16.22 المتعلق بمهنة العدول والحوار الذي فُتح مجددا بعد البرنامج النضالي الذي سطرته هيئة العدول احتجاجا على رفض بعض القطاعات الحكومية منح الية الإيداع لهيئة العدول في سابقة غريبة والتعديلات المرتقبة، وتحديدا المطالب الجوهرية الكبرى لهيئة العدول بالمغرب، ومحاولة تقييمها تقييما موضوعيا، يكاد يجزم أن هذه التعديلات لا ترقى الى حماية تنافسية مهنة التوثيق العدلي مع باقي المهن التوثيقية، تنزيلا لدستور 2011 ومبادئه وتجلياته على مستوى جميع فصوله، كما أنها لا تلبي حقوق السيدات والسادة العدول الأساسية التي يضمنها الدستور وسطرتها توصيات الندوات العلمية والجمعيات العامة لهيئة العدول السابقة والحالية، وعلى رأسها بشكل عام:

 

-مبدأ المساواة بين الأشخاص الذاتيين والمعنويين على حد سواء، فمثلا توثيق السكن المدعم، حق لهيئة الموثقين دون هيئة العدول، كل هذا ونحن نتكلم ونتحدث عن الإصلاح؟؟

 

-رفع الخطاب كليا أو على الأقل في العقار المحفظ، والذي في طور التحفيظ، فلا معنى إطلاقا لوصاية قبلية وبعدية لمؤسسة قاضي التوثيق على عمل مؤسسة العدل.

 

ثم تليها مراقبة أخرى لمؤسسة المحافظ على الأملاك العقارية شكلا وموضوعا، نفس الأمر ينطبق على التلقي الفردي في الأملاك العقارية، فبأي منطق تشتغل منظومة التلقي في التشريع الخاص بالعقار في المغرب؟ بحيث يكون التلقي عند الموثق بشكل فردي .. وكذلك الشأن بالنسبة للمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض التلقي فردي.. بينما يكون التلقي عند العدل ثنائيا !!

 

 

قد تستساغ الثنائية في تلقي العقود الأسرية، لكن الأمر يطرح أكثر من سؤال حول المنطق الذي يحكم المشرع العقاري خاصة العقار المحفظ والذي في طور التحفيظ؟

 

إضافة الى كل هذا وذاك، آلية الإيداع باعتبارها آلية تؤمن العملية التوثيقية العقارية وأحد المطالب المهمة والمؤثرة في الإصلاح، القطاعات الحكومية رفضت او تحفظت على هذه الآلية المهمة في توثيق المعاملات العقارية، ولا أعتقد أن تحفظها أو رفضها سيتغير بين ليلة وضحاها، ما يؤكد هذا الطرح انه اذا كان القانون سيصدر خلال هذه السنة مثلا، فمشروع قانون المالية لسنة 2025 يجب ان يتضمن بالضرورة تعديلا او تعديلات على مستوى إقرار الية الإيداع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : إمكانية إبرام وعد بالبيع في السكن المدعم من طرف الموثق او العدل، بدل جعله محتكرا بيد جهة واحدة، لأن وزارة العدل كقطاع حكومي تعطي مقترحاتها لوزارة الاقتصاد والمالية لإعداد مشاريع قوانين المالية للسنة المقبلة!!!

 

وإلا فإننا سنكون أمام آلية او تقنية أخرى لا علاقة لها بالية الإيداع وصندوق الإيداع والتدبير. فهل هناك تصور لآلية الإيداع من طرف هيئة العدول (مرسوم تطبيقي لهذه الآلية) أعده أو يعده خبراء متخصصون جدير بأن ينظم هذه الالية بشكل واضح ومضبوط؟؟ وينشر مباشرة بعد صدور القانون تجنبا لهدر الزمن التشريعي الذي ساهمت هيئة العدل في تكريسه على مدار الولايات السابقة؟ أم أننا سننتظر سنينا وأعواما أخرى إلى أن يجود علينا القطاع الوصي بمرسوم معطوب كالأعطاب التي حملها مشروع قانون 16.22 الذي دفع بالعدول إلى الخروج للشارع هذا اذا سلمنا أن النقطة المضيئة في المشروع وهي آلية الإيداع قد مُنحت لهيئة العدول!!!

 

 

إن معظم السيدات والسادة العدول يضعون أيديهم على قلوبهم ويتحسسون خوفا مما سيأتي.. مؤشرات عديدة ومتعددة تقول ذلك.. عداه من كلام بخصوص هذا المشروع يبقى مجرد رتوشات رقمية فرضها مشروع المحكمة الرقمية والمخطط الرقمي الذي لازال في طور التنزيل إلى الان وحتى الآن..

 

وعليه، وفي خضم هذا الحراك المهني، نطرح السؤال التالي:

ماذا أعدت وزارة العدل وهيئة العدول من تصورات عملية للتنزيل الأمثل لآلية الإيداع لتجاوز الاختلالات التي أفرزها الواقع العملي؟

 

طارق القاسمي، الكاتب العام للمجلس الجهوي لعدول استئنافية سطات سابقا.