عائشة الكرجي: غياب العدالة المجالية بين وسط حضري ومجالات مهمشة في العالم القروي والمناطق الجبلية..

عائشة الكرجي: غياب العدالة المجالية بين وسط حضري ومجالات مهمشة في العالم القروي والمناطق الجبلية.. عائشة الكرجي ورئيس الحكومة عزيز اخنوش
عقد مجلس النواب يوم الاثنين 15 يوليوز 2024 جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة الذي تحدث عن “سياسة التعمير والسكنى وأثرها على الدينامية الاقتصادية والتنمية المجالية"
 
فعقبت النائبة عائشة الكرجي عن الفريق الاشتراكي -المعارض- مبرزة أن موضوع السكن شكل إحدى أولويات جلالة الملك منذ توليه الحكم ،إذ أكد في سنة 2001 على "... الانشغال العميق والتفكير الجدي، في محاربة أحد تجليات العجز الإجتماعي الصارخة، المتمثلة في السكن غير اللائق" (الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 48 لثورة الملك والشعب،22 غشت 2001). وبفضل المبادرات الملكية المتواصلة، بذلت بلادنا منذ حكومة التناوب التوافقي مجهودا كبيرا في محاربة السكن غير اللائق والقضاء على مدن الصفيح، وتفعيل برامج متعددة للسكن الاجتماعي وتقليص العجز السكني. وكانت آخر مبادرات جلالة الملك جلسة العمل التي ترأسها يوم 17 أكتوبر 2023 والتي خصصها لقطاع الإسكان والتعمير، حيث تم اعتماد برنامج جديد يهم الفترة ما بين 2024 و2028.
 
وانتهزت الكرجي المناسبة، لتسائل الحكومة عن مدى التقدم في تفعيل التوجيهات الملكية وعن التصور الحكومي، الشامل والمتكامل، لأدوار الدولة ومؤسساتها ذات الصلة لتوفير السكن اللائق باعتباره حقا دستوريا وخدمة عمومية يتعين تيسير الولوج إليها للجميع بكل الوسائل المتاحة، مهما كانت الفئة الإجتماعية التي ينتمي إليها المواطن، أو في أي حيز جغرافي يتواجد به، وذلك طبقا للفصل 31 من الدستور.
 
واعتبرت الكرجي أن الحكومة، بعد مرور أكثر من نصف ولايتها، ظلت حبيسة الرؤية القطاعية التي لم تساعدها على خلق التحول الذي ينشده المغاربة في مجال السياسة الإسكانية،والواقع أن السكن لم يرد أصلا ضمن الأولويات الحكومية . كما أن الأغلبية الحكومية لم تف بوعودها الإنتخابية ولم تنفذ التزامها اليتيم المتعلق باعتماد استراتيجية بديلة أو مكملة في مجال الإسكان وإعداد التراب. وأضافت الكرجي " إن ما يؤكد كلامنا هي محدودية تنفيذ الحكومة لأول قانون للمالية اعتمدته برسم سنة 2022، إذ من خلال دراسة نفقات الميزانية العامة بحسب القطاعات الوزارية والمؤسسات، يتبين أن التوقعات النهائية لنفقات الميزانية العامة، الخاصة بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير، لم تتجاوز ,641.190 مليون درهم، وهو ما يمثل نسبة 6,43 % من مجموع النفقات المنجزة بالنسبة لقطاعات البنيات التحتية (أكثر من 18,50 مليار درهم). كما يتبين أن مستويات الإنجاز بالنسبة لنفقات الميزانية لم تتجاوز 966,64 مليون درهم، وهو ما يمثل نسبة 6,59 % من مجموع النفقات المنجزة بالنسبة لقطاعات البنيات التحتية (أكثر من 14,66 مليار درهم).كما أن التوقعات النهائية لنفقات الميزانية العامة الخاصة بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير (أكثر من 1,19 مليار درهم)، لا تمثل إلا نسبة 0,30 % من المجموع العام لنفقات الميزانية العامة الخاصة بالقطاعات الوزارية والمؤسسات برسم سنة 2022. بينما تمثل إنجازات نفقات الميزانية العامة لنفس القطاع، نسبة 0,25 % من المجموع العام لإنجازات نفقات الميزانية العامة الخاصة بالقطاعات الوزارية والمؤسسات لنفس السنة.
 
وأوضحت نائبة الإتحاد الإشتراكي أن التوقعات النهائية لنفقات الإستثمار الخاصة بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير، لم تتجاوز ,71429 مليون درهم؛ وهو ما يمثل نسبة 1,97 % من مجموع النفقات المنجزة بالنسبة لقطاعات البنيات التحتية. و أن مستويات الإنجاز بالنسبة لنفقات الإستثمار لم تتجاوز 235,81 مليون درهم، وهو ما يمثل نسبة 2,74 % من مجموع النفقات المنجزة بالنسبة لقطاعات البنيات التحتية. بينما لم تتجاوز نسبة الإنجاز الخاصة بنفقات الإستثمار لقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير مستوى 54,88 %، وهي نسبة ضعيفة تعكس مستوى انخراط هذا القطاع الحكومي في إعمال الإستثمارات الخاصة به.وتبين أيضا أن التوقعات النهائية لنفقات الإستثمار الخاصة بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير، لا تمثل إلا نسبة 0,36 % من المجموع العام لنفقات الإستثمار الخاصة بالقطاعات الوزارية والمؤسسات برسم سنة 2022؛ فيما تمثل إنجازات هذا القطاع نسبة 0,24 % من المجموع العام لإنجازات الإستثمار برسم الميزانية العامة الخاصة بالقطاعات الوزارية والمؤسسات لنفس السنة.
 
وكشفت الكرجي ان هذه الأرقام الواردة في قانون التصفية الذي نوقش مؤخرا، سواء في جانب التوقعات النهائية أو في جانب الإنجازات، تظهر بالملموس الحجم الضئيل لهذا القطاع في بنية نفقات الميزانية العامة ونفقات الإستثمار، كما يفضح تصور الحكومة للأدوار المفترضة لهذا القطاع الهام وادعاءاتها بخصوص انعكاساته على المستويين الإقتصادي و الإجتماعي.
 
وتوضح الكرجي إن الواقع المغربي الذي لا يرتفع أمام "شعار الدولة الإجتماعية" الذي تلوح به الحكومة دوما، ما زال عنيدا لأنه يكشف غياب العدالة المجالية بين وسط حضري يحظى بالإهتمام، ومجالات مهمشة في العالم القروي والمناطق الجبلية والقصور والواحات. كما يبرز غياب العدالة الاجتماعية نتيجة تهميش الفئات الفقيرة، وتعقد المساطر الإدارية، وتفاقم العديد من المشاكل من قبيل المساحات الضيقة التي لا توفر الشروط الدنيا للعيش الكريم، والدور الآيلة للسقوط، والمضاربات العقارية، ودفع المبالغ المالية غير المصرح بها، والترخيص لطرف بأربعة أطباق ولطرف آخر بطبقين في نفس المنطقة.
 
ولذلك تضيف المتدخلة فالمعارضة الاتحادية تؤكد أن المدخل الإصلاحي الضروري هو سيادة القانون على الجميع، وأن تحقيق الأثر الملموس والإيجابي لأية سياسة تعميرية وإسكانية، عادلة ومنصفة، على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، رهين بالرفع من حكامة الإستثمارات العمومية، والتحلي بالجرأة اللازمة للإسراع في تنفيذ الإصلاحات المؤسساتية والجبائية ذات الصلة، وتفعيل الجهوية المتقدمة الكفيلة بتطوير سياسات جهوية ومحلية ناجعة..