سيارات نقل الأموات بهوية بصرية تشجع على التمييز بسبب المعتقد!

سيارات نقل الأموات بهوية بصرية تشجع على التمييز بسبب المعتقد!
من الأمثال الشعبية المتوارثة والمتداولة على أوسع نطاق على امتداد رقعة التراب الوطني، وما حفزنا على استحضار واحدة من هذه الأمثال ونحن نهُّم لتناول الهوية البصرية لسيارات نقل الأموات التي تجوب الجهات الأربعة للمغرب، لا فرق في ذلك بين المدن والقرى، ولا القرب من العاصمة أو البعد عنها، تلك الحكمة العميقة التي تقول " لي حرثو الجمل داكو"، هوية بصرية تبخس جبل المكتسبات الحقوقية التي راكمتها بلادنا، وتعاكس ارادة الأمة من أجل مغرب يسع لكل أبنائه ... تراكم ينتقل بين التوقيع على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمنظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني، والالتزام بحمايتهما، والحرص كل الحرص على النهوض بهما، والإسهام في تطويرهما.
 
ولم تقف بلادنا عند حماية منظومتي حقوق الانسان والنهوض بهما، بل ذهبت بعيدا بجعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية.
 
في هذا السياق نطرح السؤال التالي: هل أسمى قانون في بلادنا التي اختارها المجتمع الدولي لرئاسة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، مجرد أبواب وفصول جامدة موجهة للاستهلاك الخارجي، أم أن قوة الوثيقة الدستورية نصا وروحا يجب أن يتم لمسها على أرض الواقع؟.
 
حظر التمييز ومكافحة كل أشكاله، تعلق الأمر بالتمييز، بسبب اللون أو المعتقد.... أو أي وضع شخصي كيفما كان، التزام يتصدر الوثيقة الدستورية، وتعمل بلادنا جاهدة من أجل توفير بيئة تكريس ثقافة المساواة في الحقوق، وتكافؤ الفرص، والانصاف ... وتتضافر جهود الجميع من أجل تنقية البيئة المغربية من كل أشكال التمييز. فلماذا لم تنتبه الحكومة المغربية ومعها مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لسيارات نقل الأموات ذات الهوية البصرية المروجة للتمييز بسبب المعتقد. كيف ذلك؟.
 
كثيرة هي سيارات نقل الأموات التي تعود ملكيتها للجماعات الترابية وللقطاع الخاص، تحمل الهوية البصرية التالية " سيارة نقل أموات المسلمين"، حتى ولو أن الخدمة التي تقدمها هذه السيارات لا تقتصر فعليا على المسلمين وحدهم، ولكن اليافطة الخارجية تروج بشكل مفضوح للتمييز بسبب العقيدة في نقل الأموات!.
 
هذا نموذج بسيط من ممارسات مؤسساتية غير مفهوم الاتيان بها، لتنتهي بتبديد مجهودات مؤسساتية ومدنية من أجل تربية الأجيال الجديدة على التشبع بقيم المواطنة، والتسامح، والحوار، والعيش المشترك. ما هي الصورة التي سيحتفظ بها أي طفل من أطفالنا وهو يوجد بمشتل يجمع بتربته جنبا إلى جنب، شتلة العيش المشترك وشتلة التمييز بسبب العقيدة الذي تكرسه أمام العادي والبادي الهوية البصرية لسيارات " نقل أموات المسلمين"؟. ألا يتعلق الأمر بيافطة صادمة لغير المسلم المغربي، والسائح الأجنبي الذي يفضل زيارة بلادنا لما تتمتع به من عرض سياحي يجمع بين الاستقرار، والأمن، وجمال الطبيعة، والموروث التاريخي المادي واللامادي، وحسن الاستقبال والضيافة والقبول بالمشترك الانساني ....؟.
 
الغريب في موضوع سيارات نقل الأموات هو أنها تنقل جميع الأموات بغض النظر عن اللون، أو الجنس  أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الاعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان . فلماذا الإصرار على جعل هويتها البصرية يؤطرها التمييز بسبب المعتقد ؟.
 
فهل ستبادر الحكومة في شخص رئيسها في تعميم منشور يمنع منعا كليا الاستمرار في استعمال الهوية البصرية" سيارات نقل أموات المسلمين " التي تسبح ضد أسمى قانون في البلاد الذي يحظر تصديره الذي يشكل جزءا منه ، التمييز بسبب المعتقد ؟
في علاقة بما سبق:
المديرية العامة للأمن الوطني توجد في قلب مغرب حقوق الانسان، ومن مظاهر ذلك، سيارات نقل الأموات التي توفرها لخدمة نساء ورجال الأمن الوطني لنقل من لبى منهم وربما أسرهم نداء ربه، ولكن بهوية بصرية متصالحة مع مغرب المساواة والعيش المشترك.