يرى علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء أن النظام السياسي العسكري الجزائري هو نظام عاجز عن حل مشاكله الداخلية ويعتمد على نظرية العدو المعروفة في العلوم السياسية بنظرية " كارشميد "، حيث اختار النظام الجزائري المغرب كعدو منذ استقلال الجزائر ولم تشفع للمغرب مختلف أشكال الدعم التي قدمها المغرب للثورة الجزائرية، مؤكدا بأن الجزائر تعد طرفا في قضية الصحراء المغربية خلافا لما تدعيه، كما أن المجتمع الدولي يعرف اليوم أن الجزائر تقف خلف عدد من المشاكل في شمال إفريقيا وفي الساحل والصحراء.
كيف تنظر الى شراسة هجوم الجزائر والتي يقابلها المغرب برد حازم دبلوماسيته في شخص ممثل المغرب في المحافل الدولية عمر هلال ؟
النظام السياسي العسكري الجزائري هو نظام عاجز عن حل مشاكله الداخلية، وهو نظام يعتمد على نظرية العدو المعروفة في العلوم السياسية بنظرية "كارشميد"، ومع الأسف فقد اختار النظام الجزائري المغرب كعدو منذ استقلال الجزائر ولم تشفع للمغرب مختلف أشكال الدعم التي قدمها المغرب للثورة الجزائرية «الدعم المادي، التزويد بالأسلحة، الإيواء..»، ولعل ما يزعج النظام الجزائري هو كون المغرب يعد دولة أمة منذ 12 قرنا وهو الأمر الذي لم تتمكن من تحقيقه الجزائر التي تعتبر حدودها مجرد إرث من الاستعمار، سواء الصحراء الشرقية التي هي أراضي مغربية أو شمال مالي أو من جهة الشرق «صحراء تونس وليبيا».
فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية فهي من مخلفات الحرب الباردة وهي إرث يعود الى فترة السبعينيات من القرن الماضي، وهي بمثابة شماعة يعلق عليها النظام الجزائري إخفاقاته ويبرر من خلالها عدائه للمغرب. اذا نحن نعاين في المحافل الدولية، في الأمم المتحدة، في لجنة 24 أو في اللجنة الرابعة مهاجمة ممثل الجزائر وبطريقة شرسة للمغرب ومحاولة وضعه في صورة المستعمر مع العلم أن المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، والحدود المغربية تمتد من طنجة الى الكويرة، كما تحاول الجارة الشرقية بشكل دائم بمحاولات إيذاء المغرب، وهو الأمر الذي يجد تفسيره في التطور الذي يشهده المغرب منذ حوالي 15 سنة، مع العلم أن المغرب لا يمتلك ثروات باطنية، لا يمتلك النفط أو الغاز، وهو اليوم يتعامل كدولة صاعدة عن طريق اقتصاد متنوع ومفتوح. المغرب له صداقات في إفريقيا وفي العالم ككل، كما أنه له صداقات مع القوى العظمى ومع الدول العربية وخاصة دول الخليج التي تعترف بمغربية الصحراء، وهذا ما يؤلم الجزائر، وهي دائما تجد الشماعة في جبهة البوليساريو وفي الجمهورية الوهمية لمهاجمة المغرب في الأمم المتحدة، ولكن ممثل المغرب في الأمم المتحدة عمر هلال الى جانب الأطر والباحثين المغاربة يقومون بجهود مهمة سواء في منظومة الأمم المتحدة أو في المنتديات الدولية يؤكدون دائما أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، وكلما ازدادت شراسة الجزائر كلما تصدى لها المغرب بحزم، والمغرب اليوم في صحرائه بقوة القانون الدولي وبقوة الواقع، حيث استطاع المغرب أن يظهر للعالم وللمجتمع الدولي أن للمغرب جار يريد به السوء.
تحاول الجزائر دائما الادعاء بأنها لا يد لها في نزاع الصحراء؛ بينما اتضح الآن بعد اعتراف قوى عظمى بمغربية الصحراء أنها طرف رئيسي؛ هل يمكن القول أن المغرب نجح في التصدي للجزائر وللجبهة الانفصالية وماهو المطلوب لتثمين هذه المكتسبات؟
مشكل النظام الجزائري كونه يكذب ويصدق نفسه، هو نظام يحاول الكذب لدى المجتمع الدولي ويدعي بأنه لا علاقة له بقضية الصحراء المغربية، وبأنه ليس طرف في النزاع، بينما يعد هو الطرف، ولنعد إلى سنوات السبعينيات تاريخ تأسيس الجبهة الانفصالية واحتضانها من طرف الرئيس الليبي معمر القذافي ثم بعد ذلك الجزائر، وهي منذ ذلك الحين وهي طرف في النزاع، لكونها دائما ظلت تعاني من عقدة المغرب وقد وجدت البوليساريو أداة مناسبة لمواجهة المغرب، ولكن هيهات هيهات فهي لن تتمكن من أخذ حبة رمل واحدة من الصحراء المغربية لأن الواقع في إطار القانون الدولي هو كون المغرب في صحرائه، ومهما حاولت الادعاء بكونها ليست طرفا في النزاع فإن قرارات مجلس الأمن الدولي تؤكد خلاف ذلك، فكيف يعقل أن لا تكون الجزائر طرفا في النزاع وهي عضو في لجنة 24 وفي اللجنة الرابعة وكلما أتيحت لها الفرصة تهاجم المغرب، حيث تهاجم المغرب في المحافل الدولية أو عبر صحافتها أو عبر تجنيد مجموعة من الأشخاص في الشبكات الاجتماعية. اذا الجزائر طرف، وهي الطرف الوحيد في قضية الصحراء المغربية، حيث تحتضن بعض الانفصاليين، مع ضرورة التذكير أن الآلاف من الصحراويين تمكنوا من العودة الى المغرب لكون الوطن غفور رحيم، والدولة رحيمة بأبنائها وقد اعترف هؤلاء بأنهم كانوا مخطئون في نهج خيار الانفصال، واليوم هناك أطر مغربية من أصول صحراوية، لكون المغرب وكما قلت سابقا هو دولة أمة ذات هويات متعددة «العربية، الأمازيغية، الإسلامية، الأندلسية، اليهودية، الحسانية، الإفريقية» وهذا ما يميز المغرب كدولة أمة منذ قرون، والمجتمع الدولي يعرف اليوم أن سبب المشاكل في شمال إفريقيا وفي الساحل والصحراء هو النظام الجزائري .
ماهي الجبهات التي يفترض أن تركز عليها الدبلوماسية المغربية في المرحلة المقبلة لعزل الجزائر في المحافل والمنتديات الدولية ؟
المغرب ينبغي أن يسير على نفس النهج في المحافل الدولية وفي المنتديات الدولية، كما ينبغي التركيز على الدبلوماسية البرلمانية سواء في إفريقيا أو في المنطقة العربية ومع الدول التي تربطنا بها علاقات صداقة أو علاقات سياسية أو اقتصادية، وينبغي التركيز على جهود الأطر والصحافيين والباحثين والمختصين لكي يكونوا واجهة تحمل بكل حب وفخر القضية المغربية، لأنهم متمكنون من القانون الدولي والعلاقات الدولية ولكي نواجه النظام العسكري السياسي الجزائري بمنطق علمي وبمنطق التمكن من مواد العلاقات الدولية والقانون الدولي، وكل هذا في إطار تحصين ما وصلت إليه الدبلوماسية المغربية سواء عبر وزارة الخارجية أو عبر ممثل المغرب في الأمم المتحدة عمر هلال. لذا ينبغي أن نواصل السير في هذا الطريق حتى لا نترك أي فرصة للأدوات التي تستعملها الجزائر لمهاجمة المغرب عبر ترويج الأكاذيب وتكثيف الرؤية المغربية في كل المحافل الدولية.