تداولت بعض مواقع الاتصال ما سمي ب " انفجار خطيب.. بسبب توحيد خطبة الجمعة "، وهو رد فعل قدم على أنه خطبة أداها صاحبها من منبر أحد المساجد، وهذا أول تمويه ارتكب للمغالطة والتعتيم. وإسهاما في رفع اللبس، وإحقاقا للحق، أوضح للإخوة المتتبعين ما يلي:
أولا: إن مسألة توحيد الخطبة جاءت في سياق خاص، مفاده أن علماء الأمة رأوا أن المسافة بين الدين والتدين في اتساع، وأن التدين لا تظهر عليه الثمار المرجوة في السلوك والمعاملة.
ثانيا: أن علماء الأمة معنيون بدراسة هذا التراجع، ووضع العلاج المناسب والحلول الناجعة لتسديد التدين وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
ثالثا: أن من أساليب هذا التسديد وضع خطة، من مقتضياتها توحيد خطبة الجمعة لتكون الرسالة موحدة لفترة من الزمن. وسيكون اول مستفيد هم الخطباء انفسهم، إذ أن تنزيل اي مشروع إصلاحي لا بد أن يمر عبر تأهيل الخطباء الذين هم في أمس الحاجة إلى التكوين المستمر، والرفع من مستواهم العلمي والمعرفي.
رابعا: إن المعترض على توحيد الخطبة، وبغض النظر عن دوافعه وخلفياته، لم ياخش بعين الاعتبار واقع "الخطبة والخطباء"، خاصة في العالم القروي، وأن الأمر فعلا يدعو بإلحاح إلى إعادة النظر في أسلوب العمل، لإخراج الخطبة من الرتابة والتقليد، وإعطائها نفسا جديدا يجذب الناس إلى التفاعل الإيجابي مع مضمونها، وإظهار ثمارها في كل مناحي الحياة.
خامسا: إن القول بأن توحيد الخطبة فيه مساس بمصداقية الخطيب فيه مبالغة وتسرع، ولو صبر حتى يعلم المراحل الواعدة المقبلة لكان خيرا له. ومما يقطع بعدم وجاهة رأي المعترض أنه وضع الخطيب في الميزان كما يقال، وأهمل الحلقة الأساس، وهي أثر الخطبة على المخاطبين وفق رؤية نقدية بحثية في إشكالية "الخطبة: الواقع والآمال".
وختاما، هناك دائما من يتوجس خيفة من التجديد والتغيير، والمحافظة ليست دائما دليلا على الوفاء، فقد تنقلب جمودا وكسلا يعيقان الإقلاع والانعتاق.