هل لوطن يجر خلفه تاريخا تليدا حتى في انكساراته أن يظل عصيا على التطويع إقليميا ودوليا إذا لم يجعل أبناؤه من مسيرته التاريخية، وملاحمه الكبرى المشرقة، ذاكرة حية تتناقلها الأجيال المتعاقبة وتتشرب روحها؟ ما هو الخيط الناظم بين الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر، وسياق توثيق هذا التعاقد بين العرش والشعب؟ كيف لأطفال وشباب اليوم بالتفاهة التي تلوث أجواء هذا الزمن، أن يستوعبوا دروس الملاحم التي صنعها الأجداد من أجل أن يكون معنى لشعار " ارفع رأسك إنك مغربي(ة) "؟ وكيف لهذه الأجيال استخلاص دروس الانكسارات التي كلفت العرش والشعب فاتورة ثقيلة، ولكن بتلاحمهما الذي شكل علامة انفرد بها بلد اسمه المغرب، بددا المصاعب، فكان الانتصار في معركة الجهاد الأصغر؟
حركة الطفولة الشعبية كمنظمة أهلية جاء تأسيسها وطنيا وعلى مستوى تراب وزان في عز الحماس الوطني الذي رافق حصول المغرب على استقلاله، لم تخطأ الموعد مع تخليد المغرب الذكرى 70 لليوم الوطني للمقاومة الذي يصادف 18 يونيو من كل سنة. فجاء جوابها على سيل الأسئلة الواردة أعلاه بتنظيم فعالية تجسد ميدانيا انخراطها في معركة الجهاد الأكبر في علاقتها الجدلية بالجهاد الأصغر، وترجم أطرها بكل اللغات والآليات معنى حقن أوردة وشرايين أطفال ويافعين من الجنسين ينشطون في صفوفها، بقيم الوطنية والمواطنة...
يوم الجمعة 21 يونيو لم يكن موعد ثلة من أبناء أم الجمعيات، اللقاء بحديقة لتزجية الوقت، أو خرجة كبرى للطبيعة لتوديع فصل الربيع، أولقاء بمقرها للاستفادة من دروس الدعم وأنشطة أخرى .... يوم الجمعة كان الموعد مع فعالية سيكون لها من الآثار على وعيهم/ن ما بعده ... أطفال ويافعين من الجنسين يلتقون بمقبرة مولاي التهامي ليس للترحم على أقرباء وأصدقاء لهم استجابوا لنداء ربهم، ولكن كان اللقاء بلمسة الوطنية الصادقة وتجديد التعاقد والعهد مع شهيد من شهداء الوطن .... بخشوع واجلال وقف أطفال حركة الطفولة الشعبية ويافعيها أمام قبر الشهيد عبد الله بلمليح .... قرأوا ما تيسر من الذكر الحكيم على الروح الطاهرة للشهيد، واستمتعوا بما جاء في كلمة نبشت في سجل الشهيد، واكتشفوا كم كان سجل وزان الكبرى حافلا بالملاحم التي مع الأسف لولا هذه الفرصة التي وفرتها أم الجمعات لظلت طي النسيان وفي عداد المجهول ....
لم يقف الأمر عند زيارة قبر الشهيد، ولكن على مسافة السكة من المقبرة حيث يرقد جثمان الشهيد، سينتقل الأطفال واليافعين من الجنسين لزيارة " فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بوزان" حيث سيربطون علاقة مع رواد الجهاد الأصغر، وستسافر بهم/ن مديرة الفضاء فوق تضاريس من 12 قرنا، وصولا لسنة 1912 التي استعمل فيها من تكالب على المغرب الحديد والنار من أجل اخضاع الشعب المغربي للاستعمار تحت غطاء الحماية .... تصدى المغرب دولة وشعبا لغطرسة المستعمر ... توسعت خلايا المقاومة (خلية خالد بن الوليد بوزان) تضيف مديرة فضاء الذاكرة... توطد التواصل بين الملك محمد الخامس وزعماء الحركة الوطنية... أضاق رجال ونساء المقاومة وجيش التحرير المستعمر المرارة وكبدوه الهزائم تلو الأخرى، ولم يبق من خيار أمامه غير الرحيل ليعود من منفاه الملك محمد الخامس بطل التحرير وأسرته، معلنا انتقال المغرب من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ...
في علاقة بما سبق
-فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بوزان زياراته جد محدودة من طرف الكبار كما الصغار رغم خدمة السفر عبر تاريخ الوطن التي يوفرها بالمجان، لذلك فإن حركة الطفولة الشعبية تضم صوتها لصوت مديرته من أجل مد مختلف المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني وعموم الفاعلين والباحثين والمواطنات والمواطنين، جسور التواصل مع خدماته التي ترفع من منسوب المواطنة والوطنية.
- مؤسف جدا أن يكون قبر الشهيد عبد الله بلمليح على الحالة التي هو عليها من اهمال ... لا لوحة تشير لاسم الشهيد ، أزبال منتشرة على القبر ،( قام أطفال الجمعية بتنظيفه) سياج رديء ....صورة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن زيارة الترحم الرسمية التي تتكرر سنويا وحده ما هو اداري صرف يطبعها . لذلك انصافا لتضحيات شهداء وزان الكبرى يتقدمهم الشهيد عبد الله بالمليح، نتوجه بنداء لعامل الإقليم ورئيس جماعة وزان، ولنساء ورجال المقاولة المواطنة، الدخول على خط رد الاعتبار لقبر الشهيد ... رسالة غنية بالدروس لمن فعلا يتحسس العلاقة بين الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر
- سيكون مفيدا لو تم التفكير في تنويع الأنشطة والفعاليات الثقافية والفكرية والعلمية التي على الفاعل السياسي، كما الفاعل المدني والمؤسسات المنتخبة، وادارة فضاء الذاكرة التابع للمندوبية السامية لقدماء المقاومة وجيش التحرير، والسلطات العمومية، تنظيمها حول مساهمة نساء ورجال المقاومة وجيش التحرير، ورواد الحركة الوطنية بمنطقة وزان في الكفاح من أجل استقلال الوطن. فالملاحظ أن هذه المساهمة لم تنل حجمها من النبش والتعريف.