محمد حبيب: عيد الأضحى بين القدرة والتكلف

محمد حبيب: عيد الأضحى بين القدرة والتكلف محمد حبيب
عيد الأضحى، هذا العيد المبارك الذي ينبعث من قلب الإسلام، يضيء دروب المؤمنين بذكرى تضحية النبي إبراهيم (عليه السلام) واستجابته لنداء ربه. في هذا العيد تتجلى أسمى معاني الإيمان والتضحية، حيث يقوم المسلمون بذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الفقراء والمحتاجين، مجسدين بذلك روح التضامن والتآخي. إلا أن هذه الطقوس المباركة قد تشكل عبئًا ماليًا على بعض الأسر، ما يجعل السؤال مطروحًا حول كيفية التوازن بين القدرة المالية والتكلف.
 
يأتي عيد الأضحى محملًا بتكاليف شراء الأضاحي، التي قد تكون باهظة لبعض الأسر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. هنا، تتجلى الحكمة في مراعاة القدرة المالية والابتعاد عن المبالغة. فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والإسلام يحث على العقلانية والتدبير الحكيم دون إسراف أو تكلف.
 
وفي هذا العيد السعيد، تنبض القلوب بروح التكافل الاجتماعي، حيث تُوزع لحوم الأضاحي على الفقراء والمحتاجين، فتعم الفرحة الجميع. وتبرز هنا أهمية عدم الشعور بالحرج من عدم القدرة على تقديم الأضحية، فالمغزى هو التضامن والتآزر، وليس البذخ والتظاهر. ومن هذا المنطلق، تلعب الجمعيات الخيرية دورًا حيويًا في تنظيم حملات توزيع الأضاحي، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويعكس روح التعاون والتراحم.
 
غير أنه يجب الحذر من الوقوع في شَرَكِ التكلف والتبذير. فالمبالغة في النفقات والبحث عن الفخامة على حساب القيم الدينية والاجتماعية أمر مرفوض. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ" (الإسراء: 27)، فلا يجب أن تنسينا مظاهر الاحتفال جوهر العيد ومعانيه السامية.
 
ولتجنب الوقوع في هذه المعضلة، ينبغي التخطيط المسبق والتحلي بالحكمة. فبوضع خطة مالية متوازنة يمكن تدبير نفقات العيد بما يتناسب مع دخل الأسرة. كما يمكن لبعض الأسر المشاركة في شراء الأضحية وتقسيم تكاليفها، مما يخفف العبء المالي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي دعم مبادرات الجمعيات الخيرية، والتركيز على جوهر العيد المتمثل في التضحية والتكافل.
 
وفي هذا السياق، ومع اقتراب موعد صرف أجور الموظفين يوم 12 يونيو المقبل كسبق لأجر شهر يوليوز، يجد الموظفون فرصة سانحة للتخطيط والتهيئة لمتطلبات عيد الأضحى. يمكن الاستفادة من هذا التوقيت المبكر لتخصيص جزء من الأجر لنفقات العيد، مما يسهم في تخفيف الضغوط المالية وضمان الاحتفال بهذه المناسبة المباركة بروح من الطمأنينة والراحة.
 
في الختام، عيد الأضحى هو مناسبة عظيمة لتعزيز قيم الإيمان والتضامن، والاحتفاء بروح العطاء والتراحم. وبتوازن القدرة مع التكلف، نستطيع أن نجعل من هذا العيد لحظة فرح وسعادة للجميع، في ظل رحمة الله وبركاته.