بوشعيب ذوالكيفل: جرائم إسرائيل تدفع الأمم المتحدة لإدراجها على قائمة "الانتهاكات ضد الأطفال"

بوشعيب ذوالكيفل: جرائم إسرائيل تدفع الأمم المتحدة لإدراجها على قائمة "الانتهاكات ضد الأطفال" بوشعيب ذوالكيفل

في شهر دجنبر من سنة 2018 قالت منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة بنيويورك، "إن مستقبل ملايين الأطفال الذين يعيشون في البلدان المتضررة من النزاعات المسلحة معرض للخطر، مع استمرار الأطراف المتحاربة في ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، ومع فشل زعماء العالم في محاسبة الجُناة.

 

وبمناسبة العدوان الإسرائيلي الهمجي ضد الشعب الفلسطيني وأطفاله، منذ أكتوبر 2023، بدعم مكشوف من عدة قوى غربية، وأساسا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبدرجات أقل من فرنسا وألمالنيا و......، أقدمت الأمم المتحدة أخيرا على إدراج إسرائيل على القائمة السوداء للدول التي تضر بالأطفال في مناطق الصراع، وفق ما كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مؤخرا. ومعلوم أن الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة من خلال آليات اشتغالها المكعتمدة، قد اشتغلت بالمهنية المعتمدة منذ سنوات، لتصل إلى مضمون قرارها الذي يدين إسرائيل بناء على المعايير المُعتمدة منذ عقود وصدرت بناء عليها قرارات أدانت أطرافا في نزاعات سابقة عبر العالم، موثقة غفي المصادر الأممة كما هي منشورة ومفتوحة للرأي العام الدولي.

 

وقد قامت القيامة في إسرائيل ضد القرار الأممي المهني والموضوعي، حيث نقلت مثلا عن سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، قوله، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أبلغ إسرائيل بقرارها إضافتها إلى القائمة السوداء للدول التي تلحق الضرر بالأطفال في مناطق النزاع.

وأضاف إردان بعنجهية في بيان، أن غوتيريش أبلغه بالقرار الرسمي، الذي تم اتخاذه على أساس الأذى الذي لحق بالأطفال خلال حرب غزة. ووصف إردان القرار بأنه "مشين". ومن جهته وتهجماته على المنظمة الأممية وأمينها العام علق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القرار، وقال في بيان عبر منصة "إكس X": "أدخلت الأمم المتحدة نفسها اليوم إلى القائمة السوداء للتاريخ حين انضمت إلى مناصري "حماس".

وأضاف نتنياهو في تكرار كذبته المفضوحة عن "أن الجيش الإسرائيلي هو "أكثر جيوش العالم أخلاقية"، ولن يغير من ذلك أي قرار يصدر عن الأمم المتحدة، حسب تعبيره.

من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إن قرار إضافة إسرائيل إلى القائمة العالمية لمرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال "سيؤثر على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة". وهو تهديد مبطن عبر عنه مسؤولون إسرائيليون منذ اندلاع عدزانهم الهمجي والمناقض لكافة مقتضيات القانون الدولي الإنساني الذي من المفروض أنه يؤطر النزاعات المسلحة.

 

"قائمة العـــــــار"

ومما تجدر الإشارة إليه أن الأمم المتحدة مُلزمة، بمقتضى اختصاصاتها ومهامها، بأن تصدر تقارير دورية عن مناطق النزاعات المسحلة والحروب، تضم القائمة السنوية المتعارف عليها في وسائل الإعلام باسم "قائمة العار"، الأطراف المشاركة في نزاعات مسلحة ترتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال.

 

وكانت إسرائيل على يقين، وفق التقييم المتبلور في النقاشات التي جرت داخل مجلس الأمن القومي والجيش الإسرائيلي، إن الأمم المتحدة ستعلن ولأول مرة بالفعل أن الجيش الإسرائيلي هو "منظمة تؤذي وتقتل الأطفال"، وأن القرار الأممي سيضم إسرائيل للقائمة حال اتخاذه وأنه سيصبح ساري المفعول لمدة 4 سنوات، ومن سيتخذه بشكل نهائي هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي ساءت علاقته بإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.

 

وبالفعل سبق للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن أبلغ مسؤولا إسرائيليا بأنه يعتزم إدراج إسرائيل على "قائمة العار" للدول التي تقتل الأطفال؛ وحاولت إسرائيل منع هذه الخطوة "الدراماتيكية". لكنها فشلت لأنها لم تنضبط للقانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة، واستهترت بالقانون الدولي الإنساني وواصلت تحقيرها للأمم المتحدة ومواثيقها ومهام أمينها العام.

 

وسيكون القرار الأممي بضم إسرائيل "لقائمة العار" بعد الإعلان عنه من قبل الأمم المتحدة وأمانتها العامة واتخاذه بالفعل وبشكل نهائي من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة ، ساري المفعول لمدة 4 سنوات.

وقد ماطلت إسرائيل كثيرا في الامثتال للقانون الدولي الإنساني وللمهام المنوطة بالأمم المتحدة وأمينها العام غوتيريس الذي التزم بالضوابط الدولية المعتمدة من لدن الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على استتباب السلم والحل السلمي للنزاعات، وفق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها في الشأن الفلسطيني. وسبق لقنوات إعلامية إسرائيلية قد لفتت الانتباه سابقا إلى أن "الإعلان الأممي (قبل صدوره) يُثير قلقًا كبيرًا لدى كبار المسؤولين في إسرائيل، لأنه يأتي على خلفية سلسلة من القرارات الدولية ضد إسرائيل، كما أن له عواقب عملية قد تضر بإمدادات الأسلحة إلى إسرائيل.

ومما يجدر التذكير به أن "قائمة العار" التي أدرجت فيها إسرائيل من لدن الأمين العام للأمم المتحدة تركز بشكل أساسي على المتورطين في تجنيد الأطفال واستغلالهم جنسيا، وقتلهم وتشويههم، والهجمات على المدارس أو المستشفيات، وغير ذلك من الانتهاكات، وهو ما تم توثيقه بالصوت والصورة وعلى أرض الواقع وبكل وسائل التواصل الحجيثة وعالية الدقة.

كما سبق لعدة منظمات حقوقية من بينها "هيومن رايتس ووتش"، أن وجهت انتقادات للأمم المتحدة، بسبب ما اعتبرته "تعمدها تجاهل ضم إسرائيل المستمر إلى قائمة العار"، معتبرة أن "استثناء إسرائيل من القائمة يلحق ضررا جسيما بالأطفال الفلسطينيين".

ويأتي الجدل في إسرائيل بشأن ضمها لـ"قائمة العار" الأممية، بالتزامن مع ارتكاب جيشها مجزرة جديدة في مدرسة تابعة لهيئة غوث اللآجئين الفلسطينيين (الأونروا) تأوي نازحين في النصيرات، أسفرت عن استشهاد أكثر من 40 شخصا بينهم 14 طفلا و9 نساء.

وحسب التقرير الأممي، أدرجت الأمم المتحدة القوات المسلحة (الجيش) وقوات الأمن الإسرائيلية في “القائمة السوداء” ضد الكيانات التي ارتكبت “انتهاكات” ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة. وأوضح أن الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية مسؤولة عن 5 آلاف 698 من تلك الانتهاكات.

وذكر التقرير أن إسرائيل اعتقلت 906 أطفال فلسطينيين، كما يعرقل الجيش الإسرائيلي وصول الأطفال إلى المساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وذكر التقرير أن هناك 23 ألف “انتهاك جسيم” لا تزال في حاجة إلى تأكيدات بسبب الأوضاع في غزة في الرُبع الأخير من عام 2023. وأن "الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في إسرائيل و الأراضي الفلسطينية المحتلة ارتفعت بنسبة 155 بالمائة خلال العام 2023". كما تم تسجيل 7837 انتهاكا ضد 4247 طفلا فلسطينيا في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وفق التقرير. وأشار ذات التقرير إلى أن تلك الانتهاكات "ارتكبها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين".

وشمل التقرير انتهاكات ضد الأطفال حول العالم خلال العام 2023، كان أغلبها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال ونيجيريا والسودان.

ومما يجدر التذكير به أنه، منذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت قرابة 122 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط تحويع وتدمير منهجي هائل للبنايات والمرافق والمساكن والطرقات ولم تستثنى المنشآت الطبية والمؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها.

وتواصل إسرائيل عدوانها على غزة والضفة رغم قرارين من مجلس الأمن بوقف القتال فورا، ورقم أوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، والحرص على تحسين الوضع الإنساني المتدني ضدا على القانون الدولي الإنساني.

وبالعودة إلى التقرير الأممي تجدر الإشارة إلى أنه سيتم تقديم التقرير السنوي إلى مجلس الأمن يوم الجمعة 14 يونيو 2024. وسيتم نشر التقرير الرسمي يوم 18 يونيو. وسيُناقش في المجلس في 26 يونيو.

 وقد صدرت، إلى حدود الآن تهديدات من الحكومة الإسرائيلية إلى بعض المسؤولين الكِبار في الأمم المتحدة، علاوة على التهديد بإنهاء عمل وطرد كامل لبعثات الأمم المتحدة، مثل قوة حفظ السلام التابعة لهيئة مراقبة الهدنة، التي أنشئت سنة 1948، بعد قيام دولة إسرائيل بدعم بريطاني فرنسي وأمريكي....

وقالت بعض المصادر إن هناك قلقا في الدوائر الدبلوماسية الغربية بشأن مصير وكالات الأمم المتحدة في فلسطين، والتي تلعب دورا أساسيا في مجال الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.