"عين الفهاما" ذاكرة تاريخية بضواحي وزان على سكة التبديد!

"عين الفهاما" ذاكرة تاريخية بضواحي وزان على سكة التبديد! مشاهد من إقليم وزان
لن نجازف بالقول إن صنفنا قرية الزواقين بجماعة سيدي رضوان بإقليم وزان بأنها من القرى القليلة بالمغرب التي نجح أبناؤها في تطويع جبل الاكراهات التي انتصبت أمامهم ، وهم يصنعون لها اسما يردده أكثر من لسان على امتداد التراب الوطني .

 المقاومة الباسلة للمستعمر الفرنسي ، التنافس على التسجيل بالمدرسة العمومية بصبيب مرتفع ، تطويع التضاريس الصعبة لجعل التربة الشحيحة تجود بالحد الأدنى من السعرات الحرارية التي تضمن الاستمرار في الحياة ، كلها عوامل وغيرها جعلت للقرية حضورا ثقيلا في ميزان قياسه بمختلف المجالات و الحقول .
 
" وجعلنا من الماء كل شيئ حي " . هذه المادة الحيوية التي من دونها تنتهي الحياة ، توفرت لزمن طويل بقرية الزواقين ، قبل أن ينتهي العبث والاستغلال العشوائي لها ، بجفاف الينابيع التي منها تدفقت المياه العذبة ،وصولا للعين التاريخية التي كان محيطها دائم الاخضرار .
 
المستعمر الفرنسي حسب مصادر متعددة ،انتبه لهذه النعمة الفائضة، فبادر بفتح ورش لتنظيم عملية الاستغلال العقلاني لهذه المادة الحيوية ،في زمن لم يكن فيه للحديث عن التغيرات المناخية موقع قدم . ولأن التصميم الهندسي ليس عملية تقنية صرفة كما قد يتصور البعض، بقدر ما أن المهندس الناجح هو من يستحضر المشرق في الثقافة المادية واللامادية السائدة بالمنطقة. لهذا توزع الشكل الهندسي لعين الزواقين بين عدة فضاءات ، وكل فضاء مرتبط بوظيفة معينة .
 
" عين الفهاما" التي تندب حالها اليوم ، تسمية حديثة حسب بعض المصادر التي تشدد على أنه يعود إلى ما بعد حصول المغرب على استقلاله . وترجع هذه المصادر أسباب نزول التسمية إلى الحضور اللافت لأبناء قرية الزواقين في الحقل التعليمي ودواليب الادارة المغربية والكثير من المحافل ، وإلى نبوغهم في مختلف العلوم . تميزٌ انفرد به أبناء القرية مقارنة بجميع القرى التي تشكل الرئة التي تتنفس اوكسجينها دار الضمانة .
 
" عين الفهاما" التي كان يحج لها سكان العشرات من الدواوير بحثا عن جرعة ماء تبكي حالها اليوم !صنابيرها جفت . شكلها لحقته تحت يافطة الترميم والاصلاح ، عدة تغييرات ، انتهت بجعل وجهه البارز مشوها. فكانت النتيجة ضياع موروث مادي شكل " الماركة المسجلة" لقرية الزواقين .
 
 جفاف ينابيع " عين الفهاما" كان منتظرا من عقود كما شدد على ذلك أكثر من مصدر التقى به منبر " أنفاس" بريس . فمنذ أن استباح بعض السكان الهجوم على أراضي الجموع التي يمر منها المجرى المائي الذي يغدي العين ، والبناء فوق هذه المساحة  بشكل عشوائي ، أصاب الشلل صمام الأمان الطبيعي الذي يحمي الجريان العادي للمياه القادمة من جبل يسوال . أما الضربة القاضية للعين بالإضافة للسنوات العجاف ( الجفاف الحاد) التي عاشتها بلادنا ، يرجعها فاعل مدني إلى حفر بئر عميق بدوار بنسليمان فوق الممر الرئيسي للمياه المتجهة نحو العين التاريخية .
 
"المستحيل" كلمة دخيلة على القاموس العربي ، لذلك على مجلس جماعة سيدي رضوان أن يفكر في جبر ضرر قرية الزواقين . ولعل مدخل الانصاف هو التفكير الجدي في اعادة تشغيل " عين الفهاما" في حدود الامكان،  لأن أشياء كثيرة تغيرت على أرض الواقع ،مع التعجيل  بتهيئة محيطها وتأهيله لجعله وظيفيا ، بدل أن يبقى قاحلا ومرتعا لتجمعات شبابية ، مفتوحا على ما يفسد الذوق والاخلاق ، ويخدش سلة القيم التي تشكل رأسمال ساكنة القرية . بالقرية كفاءات بمؤهلات عالية ، فلماذا لا يبادر مجلس الجماعة بتشكيل فريق عمل لوضع تصور لإعادة الاعتبار ل "عين الفهاما" التي قد تتحول إلى مزار ؟ وحدها الأيام ستجيب، علما بأن الزمن التنموي إن لم تقبض عليه قبض روح صناع القرار على المستوى الترابي .