ووي وي يانغ: ستة وستون عامًا.. رحلة التعاون الصيني المغربي نحو مستقبل أجمل

ووي وي يانغ: ستة وستون عامًا.. رحلة التعاون الصيني المغربي نحو مستقبل أجمل ووي وي يانغ
في نونبر 1958، أقامت جمهورية الصين الشعبية والمملكة المغربية علاقات دبلوماسية رسمية، ومنذ ذلك الحين مرت ستة وستون عامًا، حيث حقق التعاون الصيني المغربي نتائج مثمرة. في مايو 2016، زار صاحب جلالة الملك المغربي محمد السادس الصين، ونجح مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، مما حدد اتجاه تطور العلاقات بينهما. وفي نوفمبر 2017، وقعت الصين والمغرب "مذكرة التفاهم حول التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق"، مما يضع التعاون بين البلدين على نقطة انطلاق جديدة.
 
يصادف هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وفي هذا السياق، زار وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة بكين في الشهر الماضي. في 29 مايو، التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع الوزير بوريطة، وأعرب الجانبان عن استعدادهما لتعميق التعاون في الاقتصاد والتجارة والاستثمار والصناعة والسياحة والطيران المدني وغيرها من المجالات تحت التوجيه الاستراتيجي لقائدي البلدين، والسعي إلى دفع التعاون العملي بين الصين والمغرب نحو تحسين الجودة وفتح آفاق أوسع للشراكة الاستراتيجية بين البلدين. في 30 مايو، حضر الوزير بوريطة الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، حيث ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة رئيسية، واقترح فيها تصوراً لبناء " المعادلات الخمس للتعاون ". وأكد الوزير بوريطة تكامل "مبادرة الأطلسي" التي اقترحتها المغرب مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وأبدى اعتزازه بالتطور المستمر للعلاقات بين المغرب والصين، وأعرب عن أمله في توسيع آفاق التعاون بين البلدين.
 
تتزايد علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمغرب بشكل متنامٍ، حيث تتمتع بإمكانيات هائلة. تُعد الصين شريكاً تجارياً مهماً للمغرب، بينما يُعتبر المغرب واحداً من أهم الأسواق الإفريقية بالنسبة إلى الصين. ومع تقدم مبادرة "الحزام والطريق"، من المتوقع أن تزداد التبادلات التجارية بين البلدين قوةً وتتنوع بنيتها بشكل أكبر. لجذب الاستثمارات من الشركات الصينية، اتخذت الحكومة المغربية سلسلة من الإجراءات، بما في ذلك تقديم الدعم المالي، والتخفيضات الضريبية، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وهو ما حقق نتائج ملحوظة. في عام 2023، ارتفع حجم التجارة بين الصين والمغرب بنسبة 13.9% على أساس سنوي، كما ازدادت الاستثمارات المباشرة من الصين إلى المغرب بنسبة 20.2% سنويا. تشمل استثمارات الشركات الصينية في المغرب مجموعة من مشاريع البنية التحتية الهامة، مثل مشروع مدينة "طنجة-تيك"، الذي يُعد رمزاً مهماً للتعاون بين الصين والمغرب في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. بالإضافة إلى ذلك، شاركت الشركات الصينية في مشاريع الطاقة المتجددة المختلفة في المغرب، مثل مشروع محطة "نور ورززات 2" الذي تتولى شركة بناء الطاقة الصينية بناؤه، والذي يُعتبر أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية في العالم من حيث سعة الوحدة. في عام 2023، وقعت شركة هندسة الطاقة الصينية مذكرة التفاهم لمشروع الهيدروجين الأخضر في جنوب المغرب مع شركة العجلان السعودية وشركة GAIA المغربية، والذي سيوفر بشكل مستقر الطاقة النظيفة لمنطقة الجنوب في المغرب وأوروبا سنوياً، مما يساهم في خفض تكاليف الطاقة الكهربائية. ومع استمرار النمو الاقتصادي في البلدين وتسارع وتيرة العولمة، من المتوقع أن تتعزز العلاقات التجارية بين الصين والمغرب بشكل أوسع. كما تعمل حكومتا البلدين بنشاط على تعزيز التعاون التجاري الثنائي واستكشاف نماذج جديدة للتعاون وفرص نمو جديدة.
 
يمتد التبادل الثقافي بين الصين والمغرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتتجلى في أشكال متنوعة. في السنوات الأخيرة، مع تعمق العلاقات الثنائية بين الصين والمغرب، أصبح التبادل الثقافي جسراً هاماً لتعزيز العلاقات الودية بين البلدين. أنشأت الصين مركزاً ثقافيا وثلاثة معاهد كونفوشيوس في المغرب، الأمر الذي يعتبر منصة مهمة للتبادل الثقافي بين البلدين، حيث يتم عرض الفنون والثقافة الصينية وتلبية احتياجات الشعب المغربي لتعلم اللغة الصينية والتعرف على الثقافة الصينية. في مجال التعليم، تعاونت الصين والمغرب بشكل واسع. تقوم مؤسسات التعليم العالي في البلدين بتنظيم مؤتمرات أكاديمية دولية بشكل دوري، لاستكشاف كيفية تعزيز التبادل الثقافي وتعزيز التفاهم بين البلدين في إطار مبادرة "الحزام والطريق". في السنوات الأخيرة، تواترت الأنشطة الثقافية بين الصين والمغرب باستمرار. في عام 2023، تم استضافة الدورة الخامسة من "مهرجان المغرب - آسيا " في الرباط، حيث تولت الصين دور الدولة الضيفة الرئيسية، حيث عرضت الفنون التقليدية الصينية المميزة مثل الرسم والخط وثقافة الشاي والحرف اليدوية التراثية فيه. في عام 2018، أصبحت المغرب دولة ضيفة رئيسية في معرض بكين الدولي للكتاب تلبية لدعوة الجانب الصيني، حيث عكست الثقافة المغربية من خلال المعارض والأنشطة الثقافية، مما ساعد على تعزيز التفاهم المتبادل بين شعبي البلدين. يظهر ذلك بوضوح أن تعمق التبادل الثقافي بين البلدين من خلال مختلف الأنشطة والمنصات يعزز الصداقة بين الشعبين بشكل مستمر.

مع تقدم مبادرة "الحزام والطريق" إلى الأمام، ستستمر الصين والمغرب في تعزيز التعاون في البنية التحتية والطاقة والصناعة وغيرها من المجالات، مما يؤدي إلى زيادة متوقعة في حجم التجارة بين البلدين. في مجال الابتكار التكنولوجي، يمكن للصين والمغرب العمل على التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة الخضراء والتصنيع الذكي من خلال تطوير تقنيات ومنتجات جديدة بشكل مشترك لتحقيق الفائدة المتبادلة. في المجالات الثقافية والتعليمية والسياحية، سيقومان الصين والمغرب بتعزيز التبادل والتعاون بشكل أوسع من خلال تنظيم فعاليات مثل المعارض الثقافية والمهرجانات الفنية والندوات الأكاديمية. في الشؤون الدولية، يحافظ كل من الصين والمغرب على التنسيق والتعاون بشكل جيد، حيث يدعم كل منهما الآخر في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، مما يساهم بشكل مشترك في حماية حقوق الدول النامية. وواقفين عند نقطة بداية جديدة بعد ستة وستين عامًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية، نتطلع إلى مستقبل أكثر ارتباطًا وشمولًا وعمقًا بين الصين والمغرب، لتصبح علاقتهما أحد النماذج الذي يحتذى به بين الصين والدول الأفريقية وبين بلدان الجنوب من حيث التعاون.
ووي وي يانغ، باحث في مركز الدراسات الشرق الأوسطية، جامعة صان يات سون