استحسن علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، قرار حل العصبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين الذي سيطرح ضمن جدول أعمال المجلس الحكومي ليوم الأربعاء 12 يونيو 2024.
وقال لطفي في تصريح لجريدة "أنفاس بريس"، أن هذا اليوم سيشهد نهاية حقبة العصبة التي توجد بمستشفى ابن سينا بالرباط، بعد أن زالت عن الأهداف التي وضعت لها منذ 47 سنة.
وأضاف علي لطفي في ذات التصريح أن اتخاد قرار حل العصيبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين، جاء تفعيلا لأوراش ومشاريع الإصلاحات الجذرية والعميقة التي تعرفها المنظومة الصحية الوطنية لترسيخ أسس الدولة الاجتماعية من خلال مراجعة التشريعات والهندسة الصحية والموارد البشرية ومراجعة شاملة لحكامة المنظومة الصحية، بإحداث الهيئة العليا للصحة، لتعزيز مهمة التأطير التقني للتأمين الإجباري عن المرض وتقييم جودة خدمات المؤسسات الصحية بالقطاعين العام والخاص وإبداء الرأي في مختلف السياسات العمومية الصحية؛ ورقمنة المنظومة الصحية الوطنية..
وحول تجليات هذا الحل، قال علي لطفي، أنه سيتم تحويل جميع ممتلكات العصبة وأرصدتها وبنايتها ومواردها البشرية من أطباء وممرضين وأطر ادارية وتقنية الموضوعين رهن إشارتها إلى المديرية العامة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط. وتسوية وضعية الموظفين المتعاقدين.
وأحدثت العصبة الوطنية للقلب والشرايين بالمغرب سنة 1977، بموجب ظهير كمؤسسة “غير ربحية” وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تساهم في الوقاية وعلاج امراض القلب والشرايين بتعاون مع وزارة الصحية العمومية، خاصة أن معدل الوفيات بأمراض القلب والشرايين يأتي في المرتبة الأولى في مجموع معدل الوفيات بالمغرب، وقد استفادت العصبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين منذ نشأتها من عدة امتيازات مالية وإعفاءات جمركية وتمويل عمومي وخاص، وتغطية من صناديق التأمين الصحي، فضلا عن الأداء المباشر من طرف المرضى، واعتمدت تعرفة خاصة مرتفعة جدا لخدماتها الطبية والجراحية، ولم تكن تسمح بولوجها للفقراء والمعوزين ولحاملي بطاقة الراميد.
وقد لعبت العصبة دورا هاما ومحوريا في الوقاية ومحاربة امراض القلب والشرايين، تميزت بخدمات طبية وتمريضية عالية الجودة، واعتبرت من المراكز الرائدة على مستوى العربي والافريقي في مجال الرعاية الصحية الشاملة لمرضى القلب والأوعية الدموية، وحققت مكتسبات وإنجازات تاريخية هامة على مستوى إدخال آليات وتجهيزات وأدوية الجيل الثالث لطب القلب والشرايين، وحققت نجاحات باهرة في التشخيص والعلاج، خدمات طبية تلبي أعلى معايير الجودة وإنقاذ أرواح، وضمت فريقا طبيا وتمريضيا متعدد التخصصات لعلاج أمراض القلب والشرايين ومتخصصين في جراحة القلب والأوعية الدموية. كما عملت على تكوين وتأهيل مئات من الكفاءات الطبية والتمريضية، والأخصائيين في القلب والشرايين بتأطير من أساتذة أكفاء من ذوي الخبرة العالمية على رأسهم الأساتذة: بنعمر محمد، وعلال برادة، ومحمد أغربي، وبوزوبع عبد المجيد، رضوان المصباحي، أسد شعرة، وجمال الدين السرايري وفلات وعبد الواحد الفاسي وفعاليات طبية أخرى، وأطر وكفاءات تمريضية متخصصة في التقنيات الطبية والعلاجية التمريضية المتقدمة في الإنعاش الطبي والعناية الفائقة.
لكن العصبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين، حسب نفس المتحدث، ظلت مفتوحة فقط في وجه الأعيان ولمن لهم القدرة على الدفع، إلا في الحالات النادرة التي يتدخل فيها المحسنون لتغطية نفقات العلاج أو الجراحة. ورغم أن العصبة كانت تستفيد من عدة خدمات من المستشفى العمومي ابن سينا وتمويل خاص من ميزانية الدولة ومعفاة من الضرائب والرسوم الجمركية، وتحقق سنويا مداخيل مالية مهمة، مع عدم خضوعها إلى آليـات المحاسبة والتدقيق والافتحاص كما ظلت بعيدة عن أية مراقبة مؤسساتية كالمجلس العلى للحسابات والمراقبة المالية، ولم تكن تؤدي ما بذمتها من ديون لفائدة مستشفى ابن سينا والمتعلقة بمصاريف التشخيص بالأشعة وبعض الأدوية ونفقات الكهرباء والماء والأوكسجين والتغذية..
وفي هذه المرحلة التي تقارب 47 سنة من تأسيسها عرفت العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين أحداثا خطيرة كانت موضوع مقالات صحفية وتقارير برلمانية وحزبية في سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حيث كانت سباقة إلى فرض شيك الضمان وعلى المريض أداء ثمن العلاج مسبقا، رغم تعارض ذلك مع القوانين الجاري بها العمل، وأدت هده الممارسات إلى وقوع أحداث خطيرة نذكر منها على سبيل المثال، وفاة المرحوم القاضي أحمد المجدوبي سنة 2001، الذي أصيب بأزمة قلبية ومنع من ولوج العصبة دون تقديم شيك الضمان وعرض ملفه أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، كما توفي أحد الأعوان بسبب تماطل طبيب القلب المكلف بالحراسة في تقديم الإسعافات الأولية اللازمة بسبب عدم توفره على شيك، وظل عدد من المرضى في المستعجلات الطبية للمستشفى إلى أن توفوا بسبب رفض العصبة نقلهم إلى مصالحها الاستشفائية دون الأداء المسبق.
وتكرست الظاهرة لدى العديد من المصحات بالقطاع الخاص بالمغرب، ووقعت وفيات بسبب رفضها تقديم العلاجات المطلوبة إلا بعد تقديم شيك ضمان، رغم أن هذا السلوك مخالف للقانون وعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر، كما عرفت العصبة صراعات بين إدارتها ومناضلين سياسيين ونقابيبن وعلى رأسهم المرحوم البروفسور عبد المجيد بوزوبع، طبيب القلب والشرايين الذي كان يعارض ويرفض أن يؤدي الفقراء رسوم الاستشارة الطبية وتكاليف العلاج وكان يتحدى الادارة باستقبال المرضى الفقراء وعلاجهم مجانا، وسمي "طبيب الفقراء"، وتحت ضغط المجتمع المدني والنقابي والتقارير الإعلامية، اضطرت وزارة الصحة تخصيص طابق لطب القلب والشرايين بمستشفى الولادة السويسي للتشخيص والعلاج المجاني للفقراء وذوي الدخل المحدود.