قال يحي المطواط، رئيس جمعية الفضاء المغربي - الإيطالي للتضامن، عضو المجلس الاستشاري للهجرة بعمالة ميلانو إن واقع غلاء تذاكر الطيران والبواخر هو مشكل يؤرق مغاربة العالم سنويا داعيا الحكومة المغربية الى التدخل للتخفيف من معاناة مغاربة العالم عبر إبرام اتفاقيات مع شركات الطيران والبواخر تضمن توفير تذاكر بأسعار تفضيلية على غرار عدد من بلدان العالم مثل مصر والسودان والبيرو والإكوادور والفلبين، وتونس والقيام بدراسات تتخذ على ضوئها إجراءات احترازية لتفادي الضغط والاكتظاظ الذي يؤدي الى ارتفاع الأسعار.
كيف تنظر إلى واقع غلاء تذاكر الطيران والبواخر بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى والذي حرم عدد من مغاربة العالم من قضاء هذا العيد رفقة عائلاتهم في أرض الوطن ؟
للأسف، فغلاء تذاكر الطيران والبواخر هو واقع يتكرر كل سنة، وهو نقاش يطفو على السطح في صفوف الفعاليات الجمعوية والحقوقية وفي صفوف مغاربة العالم خلال نفس الفترة من كل سنة، ليختفي بعد انتهاء عطلة الصيف. هذا الغلاء لا يشجع مغاربة العالم وخصوصا مغاربة إيطاليا على السفر إلى وطنهم، على اعتبار أن معدل تذكرة الباخرة لأسرة تتكون من أبوين وطفلين يتراوح ما بين 3500 و 4000 أورو ذهابا وإيابا. فيما يخص تذكرة الطيران فتتراوح ما بين 700 الى 800 أورو للشخص الواحد ذهابا وإيابا، وهي أسعار غير مشجعة وتحول دون مساهمة مغاربة العالم في اقتصاد بلدهم. وبعملية حسابية بسيطة، فاذا استطاع المهاجر المغربي توفير 10 آلاف يورو في السنة، لنطرح منها مبلغ 4000 يورو أي ثمن الذهاب والإياب عبر الباخرة، فالباقي هو 6000 يورو والتي ستنفق على العائلة وفي السفر وقضاء العطلة، ولو تم تخفيض ثمن التذكرة الى 2000 يورو فإنه من المرجح أن ينفق 8000 يورو بدل 6000 يورو في بلده، فما تأخذه شركات الطيران والبواخر كان يفترض أن يتم صرفه على أمور أخرى في بلده، ولعل ما زاد من معاناة مغاربة العالم ومعهم مغاربة إيطاليا هو تزامن فترة الصيف مع عيد الأضحى، وأنتم تعلمون الارتباط الكبير للمغاربة بدينهم ووطنهم وتقاليدهم وطقوسهم وعاداتهم، وبالتالي فارتفاع تذاكر السفر يجعلهم أمام خيارين : إما الامتناع عن السفر الى أرض الوطن أو السفر بعد عيد الأضحى، فقبل العيد يستحيل الحديث عن التذاكر، ناهيك عن المشاكل التي يتخبط فيها مغاربة العالم مع هذه الشركات، فلما تجد شركة للبواخر تقدم على إلغاء رحلاتها فهذا أمر غير مقبول ويعد بمثابة صدمة، علما أن مغاربة إيطاليا كانوا يحضرون للسفر لقضاء عيد الأضحى في المغرب..ولعل السبب يعود الى كون هذه الشركة تعد الوحيدة في القطاع في غياب منافس، الأمر الذي يزيد مكن طغيان واستهتار وجشع هذه الشركة.
ماذا عن التعاطي الحكومي بخصوص هذه الأزمة؟
في رأيي فإن ربط غلاء التذاكر بهذا الموسم هو منظور خاطئ، ولذلك ينبغي التعاطي مع هذا المشكل طوال السنة، وبهذه المناسبة أوجه ندائي لجميع الفعاليات المدنية والجمعوية والحقوقية والسياسية والحكومية بضرورة التحرك لإيجاد حل لهذا المشكل الذي يؤرق مغاربة العالم، فمن حق المغاربة الدخول الى بلدهم في كل المناسبات التي يتاح فيها هذا الدخول وليس فقط خلال شهري يوليوز وغشت، وهو الأمر الذي إن تحقق أن يساهم في الرفع من قيمة العملة الصعبة. آن الأوان لكي تقطع عملية " مرحبا " مع تجاهل معطى غلاء التذاكر، فلابد من إدخالها ضمن حساباتها، فلا ينبغي أن تقتصر هذه العملية على استقبال مغاربة العالم ومنحهم المياه المعلبة في المطارات والموانئ مع رفع شعارات ليس لها أي مفعول في الواقع، وأقترح أن تقسم عملية " مرحبا " الى ثلاثة مراحل : مرحلة ما قبل السفر، ومرحلة أثناء السفر، ومرحلة الإقامة داخل أرض الوطن ثم أخيرا مرحلة الرجوع إلى بلدان الإقامة، ولابد من معاينة أسعار التذاكر وإدخالها ضمن حسابات عملية " مرحبا " ، قد يقول قائل إن الأمر يتعلق بشركات خاصة، لكن لدينا حكومة ينبغي عليها أن ترعى مصالح مواطنيها بالخارج عبر إبرام اتفاقيات مع شركات الطيران وشركات البواخر، فمنذ سنوات وأنا أتحدث عن التسعيرة التفضيلية، وهي تجربة قامت بها مجموعة من الدول مثل مصر والسودان والبيرو والإكوادور والفلبين، وتونس والتي تخص فقط مواطني هذه البلدان الراغبين في السفر من بلدان الإقامة الى وطنهم الأم من أجل التخفيف عن مواطنيها طيلة السنة، ولابد أيضا من دراسات وإجراءات احترازية لتفادي الضغط والاكتظاظ الذي يؤدي الى ارتفاع الأسعار، وقد سبق للخطوط الجوية الملكية المغربية أن قامت بذلك في سنوات سابقة حينما قررت برمجة خطوط إضافية لتفادي الازدحام ومساعدة مغاربة العالم على تجاوز هذه المرحلة خصوصا في فصل الصيف، وبالتالي تشجيع الأسر وضمان بقاء ارتباط الأطفال بوطنهم الأم.
ماهو المطلوب في نظرك لتفادي تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلا ؟
على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، لأنه لا يمكن قبول الترحيب بمغاربة العالم فقط حينما يتعلق الأمر بضخ التحويلات في خزينة الدولة، فمغاربة العالم لهم من المشاكل التي تتطلب التدخل العاجل للحكومة، ولابد كذلك من تدخل المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية التي دائما تستعمل ورقة مغاربة العالم من أجل البوليميك والنقاشات السياسية الهامشية التي لا تدر على مغاربة العالم أي مفعول، ونقول للحكومة المغربية كفا من اللامبالاة تجاه قضايا مغاربة العالم. مغاربة العالم بحاجة الى سند في قضاياهم وقت الشدة، وفيما يتعلق بالحلول أقترح إجراء دراسات حقيقية لمعرفة عدد مغاربة العالم الذين سيزورون أرض الوطن، وبالتالي اتخاذ إجراءات استباقية من خلال عملية " مرحبا " ولابد أن يكون هناك برنامج شمولي لعملية " مرحبا " انطلاقا من نقاط بيع التذاكر الى العبور والإقامة في أرض الوطن والرجوع الى بلدان الإقامة وهي مرحلة جد مهمة تتطلب سندا نفسيا ومعنويا للأسر والأطفال، علما أن من هؤلاء من تركوا أقاربهم وزوجاتهم وأبنائهم وضمنهم مرضى..الى جانب إكراهات الرجوع من أجل ضمان عودة الأطفال للمدارس..والتي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار من طرف عملية " مرحبا " .