في هذا الحوار يتحدث رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، عن المشاكل التي تعرفها هذه المدينة، مقترحا تطبيق نظام وحدة المدينة، على اعتبار أن هذا النظام هو القادر على تجاوز بعض الإشكاليات التي تغرق فيها عاصمة دكالة.
سبق أن طالبت في إحدى المقالات بجريدة "أنفاس بريس" بضرورة تطبيق نظام وحدة المدينة في الجديدة، ماهي الأسس التي اعتمدت عليها في الترافع حول القضية؟
بداية لابد أن أشير أن مطالبتي بتطبيق نظام وحدة المدينة لم تكن مبنية على معطيات علمية دقيقة ، ولكن الأمر يتعلق فقط بانطباعات أستاذ متتبع للشأن المحلي. فحينما أزور بعض المدن المغربية، وأنا كثير التردد على الرباط والدارالبيضاء وفي بعض الأحيان طنجة ومراكش، لاحظت أن هذه المدن تعرف "ثورة تنظيمية" مهمة جدا على عدة مستويات، سواء تعلق بالطرق أو التشجير أو البنيات المعمارية، وأعطت المشاريع الكبرى لهذه المدن زخما آخر. وإذا كانت الرباط وسلا تقودان القاطرة،فإن الدارالبيضاء بدورها تعرف حاليا ثورة مهمة، علما أن مساحة العاصمة الاقتصادية كبيرة وهناك إرث ثقيل. وفي مدينة الجديدة لا تزال المشاكل التي تعرفها هذه المدينة بدائية، حيث يتعلق الأمر بانتشار النفايات والحفر والدواب.
لكن هل يصلح نظام وحدة المدينة في الجديدة، علما أن بعض الأصوات في الدارالبيضاء مثلا تطالب بتعديل هذا النظام أو إلغائه بشكل كلي؟
يصلح في الجديدة أو لا يصلح هذا شيئ. فالمشاكل التي كانت سببا في تطبيق نظام وحدة المدينة هي نفسها التي تعانيها مدينة الجديدة وغيرها، ولقد قلت إنه من الحلول الذي يمكن التفكير فيها هو نظام وحدة المدينة، لأن في مثلا في الدارالبيضاء مثلا في سنوات الثمانيات كانت تعرف مشاكل كثيرة بسبب نظام المجموعة الحضرية، التي لم يكن لها سلطة حقيقية على الجماعات المكونة للمدينة آنذاك، وكان القرار داخل المدينة مشتتا وكانت تمشي بسرعات مختلفة، الأمر الذي أدى إلى فتح نقاش حول ضرورة تبني نظام جديد. وتم اختيار نظام وحدة المدينة الذي كان الهدف منه هو توحيد إمكانات المدينة.
وفي الجديدة هناك مشكل كبير يتعلق بمطرح النفايات بسبب شد الحبل بين رئيس جماعة مولاي عبد والله والمجلس البلدي للجديدة، كما أن السائح الذي يزور سيدي بوزيد يجد مشاكل كثيرة للتنقل إلى الجديدة بحكم أن أصحاب سيارات الأجرة من النوع الصغير لا يمكنهم التنقل إلى سيدي بوزيد لأنها إداريا تابعة لجماعة مولاي عبد الله، علما أنها قريبة جدا من الجديدة.
لكن نظام وحدة المدينة في الدارالبيضاء مثلا لم يتمكن من حل مجموعة من الإشكاليات التي تعرفها المقاطعات المحيطية، حيث لا يزال هناك فوارق شاسعة بين المحيط ووسط المدينة، ألا تعتقد أن المشكل ليس في نوعية النظام المطبق ولكن في النخب التي تسير مثل هذه هذه المدن؟
أتفق معك، ففي المغرب لا نعرف شحا في القوانين ولكن في تنزيلها، فالمقاطعات في نظام وحدة المدينة لم تفرغ من محتواها لأن لديها مجموعة من الاختصاصات التي لابد من القيام بها.
العديد من القرارات التي تتعلق بسياسة القرب لا تزال تناقش داخل المجلس الجماعي الذي لابد أن يصادق على هذه القرارت قبل الدخول إلى حيز التنفيذ؟
المقاطعات 16 مثلا في البيضاء لا تزال تابعة للمجلس الجماعي الذي يقدم لها سنويا منحا مالية لتدبير أمورها وتتنساب مع حجم الاكراهات التي تتخبط فيها هذه المقاطعات.
بعض رؤساء المقاطعات يشتكون مما يصفونه بضعف المنحة المقدم لهم من طرف المجلس الجماعي؟
المدبر للشأن المحلي لابد أن يبدع في عملية التسيير، فالمطلوب من رؤساء المقاطعات هو الاهتمام بمشاكل القرب. إن تنزيل أي قانون في حاجة إلى كفاءات ورجال، وفي حالة غياب هذا الأمر، فالله غالب. كما أن المواطن لابد أن يسأل حينما يتعلق باختيار من الشخص الذي سيضعه في المسؤولية خلال الانتخابات. والأحزاب بدورها لابد أن تتحمل المسؤولية في عمليات التزكية، فقد تملصت بعض الأحزاب من هذه المسؤولية، حيث لابد من الحرص على تزكية الشخص المناسب، فإن تدبير المجال أمر معقد، لأنه ليس فقط تنزيل للقوانين ولكن لابد أن تكون هناك أيضا فنية وذوق وجمال، وهذا ما أصبحنا نلاحظه في مدينة الرباط.
هناك من يقول إن الدولة نزلت بثقلها في العاصمة الرباط على حساب مدن أخرى، ما هو رأيك؟
لا أعتقد أن لمدينة الر باط ميزة خاصة في قوانين الجماعات الترابية المطبقة في جميع المدن.
المقصود هو الاعتمادات االمالية الكبيرة التي رصدت لإنجاز المشاريع الكبرى في العاصمة الرباط، وهو الأمر الدي لا يوجد في مدن أخرى؟
فكل مدينة تتوفر على مداخيلها الخاصة، ولابد أن "تمشي كل مدينة على قدها" فهناك مسؤولين في بعض المدن "ناعسين".
هل تعتقد أن المشكل الذي تعرفه الجديدة يكمن في عدم وجود كفاءات قادرة على الترافع عنها لدى الحكومة من أجل استقطاب المشاريع الكبرى؟
هذه المدينة منتجة بشكل كبير للثقافة وتوجد بها نخب مثقفة بشكل كبير، ولكنها أمام القبح الذي زخف على المدينة صوتها الذي لم يعد مسموعا اختارت أن تتوارى إلى الخلف، وكما نقول بالدارجة "تغلبات". ويجب فتح حوار موسع من أجل انتشال المدينة من حالة الوهن الذي وصلت إليه.