هناك حجج وإثباتات ومعلومات تفيد بأن قارة أمريكا تم اكتشافها من العرب وليس من قبّل كولمبوس كما هو مدون في الكتب الرسمية في الغرب ،فقد ذكر العالم والمؤرخ أبو الحسن المسعودي في كتابة "مروج الذهب ومعادن الجوهر" ان البحار العربي خشخاش بن سعيد أمير البحر،جمع مجموعة من رجال الأندلس وأعد مراكب وجهزوها بمؤونة شهر وأبحر بهم في بحر الظلمات "المحيط الأطلسي" الى الأرض المجهولة " قارة امريكا "وعادوا محملين بالكنوز الثمينة وذلك عام 889م قبل كولمبوس بـ 600 عام ، كما أن المؤرخ الهندي "بانيكار" يقول: إن تزويد السفن بالأشرعة المثلثة، كان من المستحدثات التي نقلها البرتغاليون عن العرب، ولولا الشراع المثلث الذي أدخله العرب على الملاحة لما تطورت السفن الأوربية، ولما نجحت رحلات المحيط الأطلسي التي قام بها المستكشفون الأوائل.
عندما وصل أسطول فاسكو دي جاما إلى المحيط الهندي كانت الملاحة العربية في قمة مجدها، وبلغت درجة عالية من الكفاءة والدقة، ويجزم خبراء الملاحة بأن العرب والمسلمين والمغاربة وصلوا إلى أمريكا قبل كريستوفر كولومبس بمئات السنين. ونحن نرى أن تسجيل ذلك الاكتشاف باسم كولومبس لا يُلغي حق رواد الملاحة العربية، الذين غامروا بعبور الأطلسي واستقروا في الأرض الجديدة؛ فقد تحدث "أحمد بن فضل الله العمري" في كتابه "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار " عن وجود أرض عامرة، ومسكونة، ولكنها غير معلنة. تقع خلف بحر الظلمات "المحيط
الأطلسي". وقد عاش "ابن فضل الله" قبل كولومبس بقرنين على أقل تقدير؛ كما تحدث العلامة الشريف الإدريسي أيضاً عن رحلة استكشافية بحرية قام بها مجموعة من الملاحين العرب. انطلقوا غرباً من ميناء دلبة في الأندلس، واقتحموا المحيط الأطلسي. ثم عادوا بعد أشهر ؛ وراحوا يقصون مشاهداتهم المثيرة عن عالم غريب؛ كما ذكر المسعودي في مروج الذهب. إن الملاح العربي "خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي" أبحر من الأندلس متوجهاً نحو الغرب في عام 889 م وقطع بحر الظلمات "الأطلسي"، ووصل بعد عناء ومشقة إلى أرض مجهولة، وعاد منها محملاً بالذهب والغنائم. وقد أشار المسعودي إلى موقع تلك الأرض، وثبتها في الخارطة التي رسمها بنفسه، وكتب عليها عبارة "الأرض المجهولة"، وهي في موضع قارة أمريكا. كما تحدث المؤرخ "أبو بكر بن عمر " عن ملاح عربي آخر هو "ابن فاروق" من غرناطة؛ فقد أبحر هذا الملاح من ميناء قادش Kadesh” في بداية شهر فبراير من عام 999م؛ وتوغل في بحر الظلمات حتى وصل لجزر الكناري. ثم واصل مساره في الاتجاه الغربي حتى وصل إلى جزيرتين نائيتين هما جزيرة “Capraria" وجزيرة "Pluitana". وعاد من رحلته في نهاية مايو من العام .
وفي هذا السياق تؤكد الباحثة الإسبانية المعروفة "إيزابيل ألفيريس دوتوليدو" في كتابها “من إفريقيا إلى أمريكا” بالحجج الموثقة، أن مؤسس دولة المرابطين بالمغرب الشيخ عبد الله بن ياسين المالكي (توفي في 24 جمادى الأولى 451 هـ / 7 يوليوز 1059م) عبر المحيط الأطلسي ووصل إلى شمال البرازيل، ونشر الإسلام والمذهب المالكي مع أتباعه فيها، وقام ببناء أكثر من مسجد، ومازال البعض منها حي يرزق إلى يوم الناس هذا في مدينة “باهيا”؛ لكن تحول إلى كنيسة الآن، وهذا دليل على وصول الإسلام إلى أمريكا اللاتينية في تلك الفترة، وأن الإسلام سبق اكتشاف كولومبوس لها، ويعترف هو شخصيا؛ أي كولومبوس في مذكراته أن المسلمين كانوا موجودين، ولغتهم العربية، ويصلون باتجاه القبلة، وهناك مخطوطات في المتاحف البرازيلية تشهد على ذلك؛ لهذا توجد علاقات تاريخية قديمة بين البرازيل والمغرب والتي تعود إلى بداية اكتشاف البرازيل منذ ما يزيد عن 500 سنة، بحيث هناك روايات تقول إنه يعود تاريخ المسلمين والمغاربة في البرازيل إلى فجر اكتشاف القارة الأمريكية، فعندما رست سفينة “كابرال” على ساحل البرازيل، كان برفقته بعض البحارة من الأندلس أمثال شهاب الدين بن ماجد وموسى بن ساطع، ويؤكد أحد المؤرخين البرازيليين، “جواكين هيبيرو”، في محاضرة ألقاها عام 1958م ونشرتها الصحف البرازيلية آنذاك، أن المغاربة زاروا البرازيل واكتشفوها قبل اكتشاف البرتغاليين لها عام 1500 م، وأن قدوم البرتغاليين إلى البرازيل كان بمساعدة بعض البحارة المسلمين الذين كانوا أخصائيين ومتفوقين في الملاحة وصناعة السفن، ويزيد في تثبيت وتوثيق هذه الحقائق الكاتب البرازيلي الشهير والخبير في شؤون الأقليات، “جيلبيرتو فريري”، في كتابه: (البرازيل / عالم جديد في الأوساط الاستوائية)، يقول: “إن هذا الكتاب لن يشجع القارئ على التعرف الكامل على البرازيل فحسب، بل سيقيم الدليل كذلك، على أهمية إسهام المغاربة والعرب في تكوين الإنسان البرازيلي، إن وجودهم في شبه جزيرة إبيريا منذ القرن التاسع على الأقل، يثبت أن العرب والمغاربة والمسلمين شاركوا كذلك في اكتشاف هذا البلد الجديد منذ الإبحار على متن البواخر الشراعية البرتغالية، وسرعان ما أصبحوا جزءا لا يتجزأ من القومية البرازيلية مع تقوية عملية الاختلاط العرقي، وهذا الإسهام يؤكد العمل الدؤوب لدرجة أن الفعل المشتق من اسم (المغرب) (مورو) لا يزال مرادفا للعمل في اللغة البرتغالية. ومن جهة أخرى فإن العبارة: أنه يعمل كما يعمل (المورو) أي المغربي، تعبر سواء في البرازيل أو البرتغال، عن النشاط المتواصل والشاق لأولئك الذين كانوا كبار المزارعين وكبار الفنيين، من نجارين وحدادين وخياطي ملابس الرجال وغيرهم من أصحاب المهن المرتبطين بهذه الأصول المغربية العربية، التي تركت آثارا واضحة كل الوضوح في مختلف المجالات، مثل فن المعمار والأزياء وصناعة الحلوى.. ومازال طبق إفريقيا الشمالية (المغرب) المسمى (الكسكس) وباللغة البرتغالية “كوزكوز” فتأقلم البرازيلي مع هذه الأكلة وحولها إلى منتوجات محلية مثل “المانديوكا” (التي هي بطاطس الهنود الحمر مع الذرة). فأكثر من باحث في التاريخ وخصوصا “روي ناش” في كتابه “فتح البرازيل” يتكلم عن أول لقاء بين البرتغاليين وبين المسلمين المغاربة كأنما هو لقاء بين شعب مغلوب وبين شعب غالب ذي بشرة سوداء، والرجل الأسمر كان أكثر ثقافة وصاحب ذوق فني أكبر يعيش في قصور ويسكن المدن، كان هو الغني، بينما كان البرتغاليون يعيشون كما لو كانوا عبيدا في أراضي هؤلاء المسلمين المغاربة، وفي ظروف العز هذه كان شرفا كبيرا للرجل الأبيض أن يتزوج أو أن يختلط مع الطبقة المسيطرة وهم القوم ذوو اللون الأسمر… حتى أصبح الشعراء من البرتغاليين والإسبان يتغنون بالنباتات الجميلة ومنابع مياههم، ذاكرين ذلك في قصص أخاذة عن الأميرات المسلمات السمراوات..
وعلى العموم، فإن برتغاليي البرازيل احتفظوا بكثير من طابع التأثير الإسلامي المغربي والأندلسي في سلوكهم أو طبيعتهم التي لم تكن أبدا أوروبية خالصة ولا نصرانية خالصة، وهذا التأثير من السهل ملاحظته في كثير من الجهات بالبرازيل، وعلى وجه التحديد، في ولاية “باهيا” وفي مدينة سالفادور، ورسيف، وريو دي جانيرو؛ فالزائر إلى هذه المدن، وخصوصا “باهيا”، عاصمة المسلمين الأوائل، يرى فن المعمار الإسلامي واضحا جدا من حيث الأبواب والنوافذ والساحات الداخلية ونوافير المياه والأزقة ذات الأرصفة الحجرية، وكأنه في مدينة تطوان أو فاس المغربية أو وسط دروب الأندلس أو أي مدينة إسلامية قديمة، ولا يستغرب أن يرى اسم شارع القديس محمد والقديسة فاطمة، ويرى تجاعيد الملونين وصورهم ونظراتهم وكأنه وسط مدينة العيون المغربية، سكان هذه المدينة 80% من أصول إفريقية مسلمة، فأكبر العائلات: مورو ـ سيلفا ـ إلفيارا… ترجع إلى أصول مغربية افريقية، كما أن هناك متحفا للمخطوطات يحمل في رفوفه وثائق تعد بالمئات عن ثورات وانتفاضات لتحرير الرق بشكل عام، كما توجد فيه مخطوطات للقرآن الكريم كتبت بالخط المغربي برواية ورش، وهي قراءة مغربية، وعليه يمكننا فهم التحرك الدبلوماسي المغربي تجاه قارة أمريكا الشمالية والجنوبية آنذاك باعتراف المغرب رسميا باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك سنة 1778م، فكان بذلك أول دولة في العالم تعترف باستقلال أمريكا، كما وقع سلطان المغرب محمد الثالث رحمه الله اتفاقية صداقة وتعاون مع ”جورج واشنطن”، أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ثماني سنوات من الاعتراف، وتحديدا في 23 يونيو 1786، وقع الطرفان “معاهدة الصداقة والملاحة والتجارة”.. اعتراف السلطان الصريح بالولايات المتحدة جاء ضمن قرار يسمح لبعض الدول بممارسة نشاطات تجارية مع المملكة المغربية، وهو ما سمح للدولة الوليدة آنئذ بوطء قدم بعيدا عن سلطة بريطانيا العظمى، وجاء في رسالة جوابية من السلطان محمد الثالث إلى ”جورج واشنطن” ما يلي: إلى فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، السلام على من اتبع الهدى، استلمنا رسالتكم مقرونة بمعاهدة السلام التي أرسلتها إلينا وكتبنا إلى كل من تونس وطرابلس بخصوص التماسكم، وسوف تلبى رغبتكم بمشيئة الله”. قيل إن هذه العلاقة الدبلوماسية بين المغرب وأمريكا أعطت مفعولها بضغطهما على السلطات الاستعمارية البرتغالية للبرازيل لمنح الاستقلال للبرازيل وإلغاء الرق وعهد العبودية، وهكذا صدر قانون منع الرق في البرازيل وتجريمه عام 1888م، فكان المغرب أول دولة إفريقية تعترف باستقلال البرازيل وذلك خلال مطلع القرن الـ 19م.
الصادق العثماني
أمين عام رابطة علماء المسلمين بأمريكا اللاتينية