جاء ذلك بعد إصدار حكم السجن لمدة عام على صحفييْن بسبب تعليقات سياسية أدلوا بها على وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس نقابة الصحفيين التونسيين زياد دبار قوله لإذاعة موزاييك إف إم المحلية، قوله: "لقد دخلنا الآن في منطق تجريم الرأي".
وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 10 أشخاص اعتقلوا هذا الشهر فيما وصفته منظمة العفو الدولية بـ "حملة قمعية غير مسبوقة" ضد شخصيات المجتمع المدني.
ومن بين المعتقلين مسؤولون في منظمات غير حكومية تترافع دعما لقضايا المهاجرين غير النظاميين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
وذكّرت الصحيفة بأن سعيّد انتخب عام 2019 رئيسا لتونس التي كان ينظر إليها على أنها الديمقراطية الوحيدة التي خرجت من انتفاضات الربيع العربي عام 2011، لكنه سرعان ما استولى على السلطة بشكل كامل عام 2021، ومنذ ذلك الحين قام بتفكيك منهجي للديمقراطية الناشئة في البلاد، وسجن المعارضين وغيّر الدستور لتركيز السلطة في يديه، تؤكد فايننشال تايمز.
وذكرت الصحيفة أن المفوضية الأوروبية أكدت شهر ماي 2024 أنها تشعر بالقلق إزاء موجة الاعتقالات، وقالت إنه رغم "الاستبداد المتزايد"، من المقرر أن تتلقى تونس ما يصل إلى 278 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027 لتدبير ملف الهجرة غير النظامية التي تؤرق أوروبا.
وأضافت أنه من بين المعتقلين في حملة القمع الحالية سونيا الدهماني، وهي محامية كانت قد أدلت بتصريحات ساخرة تلقي بظلال من الشك على تأكيدات الرئيس سعيّد أن المهاجرين من جنوب الصحراء يريدون الاستقرار في تونس.
وصرح سعيّد العام الماضي بأن بلاده كانت هدفا لمؤامرة لتغيير تركيبتها الديمغرافية من خلال جلب أشخاص من دول جنوب الصحراء، وأثارت تصريحاته موجة من الهجمات العنيفة ضد المهاجرين غير النظاميين.
ونقلت فايننشال تايمز عن المحامية دليلة بن مبارك -التي كان شقيقها من بين السياسيين المعارضين الذين سجنهم سعيّد العام الماضي- قولها إن الصحفيين والمحامين وغيرهم من منتقدي الرئيس شعروا بالتهديد.
وتابعت موضحة: "نحن جميعا نعتبر أنفسنا أحرارا مؤقتا"، مضيفة أن هناك "جهدا ممنهجا لتشويه" الأشخاص الذين يتخذون موقفا مستقلا أو يدعمون حقوق الإنسان، فهم متهمون بالخيانة والعملاء لدول أجنبية.
ونقلت الصحيفة عن موظف في منظمة غير حكومية مقرها تونس العاصمة تعمل مع المهاجرين غير النظاميين، طلب عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام، قوله: "إذا نظرت إلى جميع الأشخاص الذين تم استدعاؤهم، فستجد أن كل ذلك لأسباب مالية. ولكن إذا نظرت عن كثب، ستجدهم قد ساعدوا المهاجرين جميعا".
وأضاف الموظف: "نحن نستعد، حيث سيتعين على الجميع مواجهة هذا، نحن خائفون، إن مساعدة الناس سوف تصبح جريمة، لقد تم بالفعل استدعاء غالبية شركائنا، إنهم في السجن".
ووفق الصحيفة، فقد غادر بعض النشطاء تونس الشهر الماضي بعد تلقيهم تهديدات، وبعد أن استجوبتهم السلطات مرارا وتكرارا بشأن تمويلهم وفتشت مكاتبهم.
وذكرت فايننشال تايمز أن السلطات التونسية نفذت اعتقالات واسعة النطاق للمهاجرين غير النظاميين واللاجئين في الأشهر الأخيرة وطردتهم إلى الجزائر أو ليبيا، وفقا لدبلوماسيين ومنظمات دولية ومنظمات غير حكومية.
وسبق أن نفت وزارة الخارجية التونسية انتهاك حقوق المهاجرين غير النظاميين.