رشيد لبكر: التدبير الجيد بفجيج يقوم على الحوار والمشاركة وليس على التعنت والعناد

رشيد لبكر: التدبير الجيد بفجيج يقوم على الحوار والمشاركة وليس على التعنت والعناد رشيد لبكر ومشهد من حراك فكيك

تجاوز “الحراك المائي” بفجيج سقف 190 يوما من احتجاج ساكنة المدينة، واعتقد ان مصير الساكنة والمنطقة الآن هو بيد المجلس المسير الذي يجب أن يكون هو الساهر على حماية مصالح الساكنة والراعي الأول لتطلعاتهم، فالمجلس أفرزته صناديق الاقتراع الذي منحته الثقة، وتبعا لذلك، فقد جاء بناء على رغبة أهالي المنطقة وهم الذين أسسوا لوجوده، وليس الشركة الجهوية للماء والكهرباء المرفوضة هي التي منحته بطاقة العبور إلى الحياة، وشرف المجلس أن يدافع عن مصلحة الساكنة وليس العكس، هذا هو المبدأ العام الذي يجب الاتفاق عليه.

وفي غياب موقف واضح للمجلس، فالأمر يستدعي شيئا من التحفظ وطرح بعض الأسئلة، فقد يكون تقدير الساكنة غير صحيح لغياب المعلومات أو نتيجة لمزايدات الأغلبية والمعارضة بالمجلس الجماعي، وهنا لابد من توضيح المواقف بشتى الوسائل الممكنة، لأن العديد من المشاكل يكون سببها عدم التواصل وغياب المعلومة الصحيحة.

من حق الساكنة الاحتجاج، وهذا موقف طبيعي بل ومشرف، لأن الأمر يتعلق بشأن عام يهم جميع ساكنة المنطقة وبالماء الذي يعد أنفس مادة تطلب اليوم، لاسيما في منطقة جافة كفجيج، الذي تعد فيها هذه المادة الشرط الضروري إن لم نقل الأول للحياة، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتخوف الناس من أي تدبير جديد لهذه المادة لم يشركوا فيه أو لم تؤخذ وجهة نظرهم بخصوصه.

 

وأعتقد أن مقاربة الاستفراد بالرأي في وضع استراتيجية تدبير هذه المادة مقاربة غير وجيهة، وأن التشدد في استراتيجية فرض الأمر الواقع هو الذي زاد من تخوف الساكنة وقوى من موقف المعارضة، والحل في نظري، هو تدخل أطراف وسيطة لتقريب وجهات النظر وتنوير الساكنة بما يراد سنه في استراتيجية تدبير الشركة المعنية لهذا القطاع، واشراك الساكنة في هذا التدبير وإيجاد حلول وسطى قابلة للتطبيق

 

ولا ننسى أن فجيج تتميز بتاريخ طويل أو نقل تراث حضاري في مجال التدبير التشاركي للماء منذ مئات السنين، فلا يعقل أن نأتي اليوم لنمحي بجرة قلم كل هذا التراث المتأصل في وجدان الساكنة، هذا شيء لا يمكن لعقل ان يتقبله، ولابد من احترام الساكنة في هذا الجانب، والتدبير الجيد هو الذي يقوم على الحوار والمشاركة وليس التعنت ولا العناد.

 

ولابد من فتح نقاش مسؤول وموسع مع الساكنة أولا، ثم مع المعارضة ثانيا، لنعرف أولا نقط الخلاف، فكثيرا ما يكون سوء الفهم أو الاستغلال السياسوي لبعض القضايا هو سبب الخلاف.

 

وأرى أنه يمكن الاعتماد في هذا الحوار، من أجل تقريب وجهات النظر على المجتمع المدني، عبر الجمعيات الجادة العاملة بالمنطقة ثم على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه السلطات المحلية. الوساطة إذن حل ناجع في مثل هذه الحالات.

 

ولا يمكن حل هذا الاحتقان إلا بالحوار والابتعاد عن المواقف المتشنجة ومقاربات لي الاذرع لأن النتائج وفق هذه المقاربة لن تكون في صالح أحد. لا أحد بمقدوره أن يحرم الناس من حقهم الطبيعي في الماء المحصن بالدستور وبالعرف السائد، لكن الشركة الجهوية هي الأخرى أصبح وجودها قانوني ولابد لهذا الوجود أن يحترم أيضا، إذ لا يمكن القفز على مؤسسات الدولة، وبالتالي ينبغي إيجاد توافق بين الجانبين.

 

وفي هذا الإطار أعتقد أن الأمر ينطوي على سوء فهم، فلا يعقل أن الدولة ستقبل التخلي عن الصيغة التي كان يدبر بها الماء بواحة فجيج كما تقول الساكنة، لأن هذا التدبير في حد ذاته تراث إنساني لا مادي محتفى به عبر العالم، فمن المؤكد إذن أن الشركة الجهوية لها مقاربات لحفظ هذا التراث، وأيضا صيغ لتدبير نذرة الماء وحفظها من الهدر والضياع.

لكن، وكما يقال دائما، الإنسان عدو ما يجهل، لذا أرى أن الساكنة متخوفة وحريصة على طلب اشراكها للدفاع عن مصالحها، وهذا من حقها، وبالتالي يجب العمل على طمأنتها وكسب ثقتها، والتوعية والتنوير وإشاعة المعلومة الصحيحة وخلق هامش عند تطبيق القانون يفتح المجال امام المقاربة التشاركية باعتبارها الحل الوحيد لنزع فتيل الاحتقان.

 

رشيد لبكر ، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة