مع اقتراب العطلة الصيفية، تستعد الحكومة المغربية لموسم استقبال مغاربة العالم، وعلى الخصوص المهاجرين المغاربة العائدين من دول أوروبا عبر البحر من خلال تفعيل برنامج مرحبا ، في ظل هذا الإستعداد والتعبئة، تطفو على السطح العديد من التحديات التي تتطلب اتخاذ إجراءات تتسم بالفعالية والنجاعة"أنفاس بريس"،اقشت الموضوع مع عمر مروك، باحث وعضو مركز شمال افريقيا للدراسات والبحوث وتحليل السياسات العمومية في الحوار التالي:
*في نظرك كيف لا يتوفر المغرب إلى حد الآن على اسطول بحري لنقل المهاجرين المغاربة الى المغرب؟
بداية نشير إلى أنه حسب بيانات الوزارة الوصية على القطاع،فإن عملية مرحبا للسنة الماضية 2023 بخصوص استقبال المغاربة المقيمين بالخارج ، سجلت ارتفاعا في أعداد الوافدين عبر مختلف نقط العبور المينائي بحوالي 28 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها 2022 ، حيث تمت تعبئة 32 سفينة لتشغيلها على مستوى 12 خطا بحريا لربط الموانئ المغربية بنظيراتها في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وذلك لتأمين 538 رحلة أسبوعية بسعة إجمالية تقدر بـ 501 ألف مسافر و136 ألف سيارة كل أسبوع ، هذا التزايد في أفواج العائدين من مغاربة العالم يقابله محدودية من حيث عدد الشركات المستثمرة في هذا القطاع ،و بالتالي هناك نقص في أسطول سفن النقل البحري للمسافرين، خصوصا و أن عملية مرحبا تهم فترة زمنية محددة تشهد ضغطا في البرمجة و في القدرة الإستيعابية واللوجيستية ، تحدي ليس بالسهل ، تظل معه القدرة التدبيرية عاجزة نسبيًا بالمقارنة مع حجم الطلب.
*دائمآ ما يطرح على المغرب مشكل تأجير البواخر الذي غالبا ما يكون في وقت غير ملائم، وهو ما يجعل الاثمنة ترتفع بشكل كبير فكيف يعالج المغرب هذا المشكل؟.
ان الطلب المرتفع خلال فصل الصيف والعطلات، يزيد من الضغط على توفير خدمة البواخر المتاحة للإيجار و بأثمنة مناسبة ، هذا الضغط له عدة أسباب منها،ضعف البرمجة سواء بسبب النقص في عدد البواخر المتاحة لنقل الركاب و كذا الإجراءات البيروقراطية و تسببها في زيادة الوقت اللازم لإجراءات الفحص والتفتيش ، ناهيك عن عوامل فنية أو لوجيستية او تمويلية، إضافة إلى إشكالية العقود مع شركات الشحن ووكلاء السفر و تنوع المتدخلين و تضارب المصالح بين بعض الفاعلين ، هذا كله لا يساعد في تقديم خدمة للنقل البحري سلسة وبثمن مناسب، مسألة ثمن التأجير تبقى على العموم رهينة بطبيعة العروض المقدمة وتخضع لقانون العرض والطلب والإلتزام بالمعايير المعتمدة دوليا ووطنيا ، ناهيك عن الجدولة الزمنية واختلاف الفصول والعطل والعروض السياحية المقدمة..إلخ
*يلاحظ أن المغرب يتوفر على معهد لتكوين الأطر البحرية و مراكز التكوين في هذا المجال، لكن المفارقة تكمن في ان هؤلاء الأطر يتم تشغيلها في سفن كوريا واليونان و غيرها من السفن.فالى متى سيظل هذا الإستنزاف في الموارد البشرية ؟
يتعلق الأمر بتخرج من المعهد العالي للدراسات البحرية الذي هو مؤسسة عمومية تعنى بتكوين الأطر العليا؛ وهي المؤسسة الوحيدة التي تسهر على تكوين ضباط الملاحة التجارية بالمغرب. الإشكال الذي يقع غالبا مع خريجي هذا القطاع هو نفسه الذي يسري على قطاعات أخرى من قبيل الطب و الهندسة ، إذ تعمل الدولة على تخصيص تمويلات ضخمة للتدريس ولتكوين أطر متخصصة ذات كفاءة عالية ،و تسهر على برامج تعليمية مكثفة . وفي الأخير لا توجه هذه الأطقم و الكوادر للشغل في السوق الداخلي و إنما تستقطبها جهات أجنبية سواء شركات متعددة الجنسيات أو دول بعينها تقتنص الكفاءات بدون أدنى جهد او تكلفة مادية للتكوين، والخاسر الأكبر هو سوق الشغل المغربي الذي يبقى في عمومه ضعيفا و غير تنافسي ولا يخلق فرصا للشغل والكرامة والترقي الإجتماعي وهو ما يفتح شهية هاته الكوادر للعروض الأجنبية وهجرة الكفاءات والأدمغة.